تَركّز النقاش على العلاقات العربية والمصرية مع اليابان وتطور هذه العلاقات وعوائقها وآفاقها المستقبلية. وفي البداية أشار الدكتور إسماعيل سراج الدين إلى أن اليابان ما زالت بعيدة عن مخيلة المصريين بدون انفتاح مماثل للانفتاح على الغرب. وأوضح السفير هشام بدر أن الثقافتيْن العربية واليابانية مختلفتان، لكن اليابان لم يكن لها أي تأثير سياسي على المنطقة كما هو حال أوروبا والولايات المتحدة.

وتاريخيًّا، بدأت اليابان استكشاف المنطقة العربية في عام 1862، حين أرسلت بعثة الساموراي إلى مصر للتعرف على تجربتها التحديثية. وفي هذا التفاعل الأوليّ، تعلم اليابانيون من مصر تجربتها في تعريب الطب الغربي، وتنظيم السكك الحديدية، والنظام القانوني المتمثل في المحاكم المختلطة. فكان انفتاح اليابان على العالم أشبه بشجرة قوية الجذور ولكنها ملقّحة بتجارب التحديث. لكن التفاعلات العربية اليابانية حاليًّا غير كافية؛ فلا يوجد بين العرب واليابان مصالح مشتركة أو لغة تفاهم، ولا يوجد عدد كافٍ من الزيارات المتبادلة بين البرلمانيين العرب واليابانيين، أو الشركات العربية واليابانية للتأثير على القرار الياباني.

لكن الدكتور سراج الدين أكد أن العلاقات الاقتصادية مغايرة تمامًا؛ لأن90% من احتياجات اليابان البترولية يأتي من منطقة الشرق الأوسط، كما أن المنتجات اليابانية حاضرة بقوة في السوق العربية. كما أنه لا توجد خلافات سياسية أو إرث تاريخي سلبي بين العرب واليابان، ومع ذلك لم تترجم هذه الإمكانات الطيبة إلى تفاعل ثقافي وسياسي جيد على المستوى الشعبي والرسمي.
أما على الجانب الياباني، فأكد السيد أويمورا أن الحكومة اليابانية تبذل جهودًا للتواصل مع العالم العربي ومصر في العديد من المجالات، ومن بينها مجال السياحة، وقد أظهر استطلاع للرأى أجرته إحدى الصحف اليابانية أن مصر على رأس الدول التى يريد المواطن الياباني زيارتها من أجل السياحة، ولدى التليفيزيون الياباني مشاريع تعاونية مع هئية السياحة في مصر ممثلة في الدكتور زاهى حواس لتعريف المواطن الياباني بالآثار المصرية في يناير 2008.

ثم تطرق الحوار إلى آفاق ومستقبل العلاقات اليابانية العربية، في ظل توجه اليابان للقيام بدور سياسي أكبر على الساحة العالمية، وهو ما عبّر عنه رئيس الوزراء كوئيزومي، وكذلك في ضوء الرصيد الإيجابي للعلاقات اليابانية العربية وتآلف المصالح الاقتصادية والتكنولوجية وتزايد الاتجاه من الطرفين نحو مزيد من التحسين والتعميق لهذه العلاقات. وأكد السيد أويمورا على أن الحكومة اليابانية تسعى لنشر السلام والاستقلال في جميع دول العالم ومن بينها دول الشرق الأوسط.

وأضاف السفير هشام بدر أن مصر هي الدولة الوحيدة في إفريقيا والشرق الأوسط التي تقوم بحوار استراتيجي مع اليابان، إلى جانب الولايات المتحدة وروسيا والصين والهند. وقد ظهر اتجاه قوي في اليابان في عهد كوئيزومي للانطلاق نحو العالم من خلال سعيها لاكتساب مقعد دائم في مجلس الأمن، وسعيها إلى تغيير الدستور الحالي المكتوب بيد أمريكية ليناسب تطلعات اليابان الجديدة مع إلغاء القيود المفروضة عليها، وأيضًا من خلال تغيير وكالة الدفاع اليابانية إلى وزارة الدفاع اليابانية، ولعب دور أكبر في آسيا.

وكانت حرب العراق فرصة كبيرة لليابان، لأنها كانت تنظر للمنطقة باعتبارها مجرد مصدر للنفط، ولكن مع إرسالها 600 جندي للعراق للقيام بأعمال إعادة الإعمار تفتحت عيون اليابان مرة أخرى على المنطقة وأصبحت أكثر اهتمامًا بما يجري فيها. ومن هنا يمكن للدول العربية الكبرى كمصر أن تشجع الدور الياباني المتزايد وأن تبني شراكة معها على كافة المستويات، وهو ما يمكن أن يؤتي ثماره في العشرين عامًا القادمة ويجلب الازدهار للمنطقة ويحل مشاكلها.