بدأت المناقشة بقضية التعليم في مصر ودوره في صرف الأطفال عن الاتجاه لدراسة العلوم، ورأت الأستاذة أميرة أبو المجد أن هناك أسبابًا متشابكة لذلك، أهمها أسلوب تفكيرنا الذي لا يواكب العصر، واهتمامنا بالبنية الأساسية أكثر من الطلاب وسقوط دور المكتبة المدرسية؛ مما يحرم الأطفال من التعرف على التطورات المتلاحقة التي تحدث في العالم. وأضاف الدكتور محمد أحمد أن الطلاب اليوم لا يجدون معامل ولا مكتبات في المدارس، وهذا يحرم الطلاب من استيعاب كتبهم المدرسية في مواد العلوم، لأنها مؤسسة على حفظ المعلومات وتطبيقها معمليًّا. واتفق المتحدثون على وجود مشكلة تتعلق باعتماد التعليم على منهج التلقين والحفظ.

وأضافت المهندسة هدى الميقاتي أن منظومة التعليم الرسمي تهتم بالكم دون الكيف، وتحرص على تخريج أعداد كبيرة من الطلاب دون التعامل مع المدرسة باعتبارها مجتمعًا متكاملاً. وأشارت أيضًا إلى أهمية المنهج العلمي الذي نفتقده، والذي لا يحرص على التلقين بل على إرساء منهج يستوعبه الطالب فيتمكن باستخدامه من حل المشكلات التي تواجهه، كما أوضحت أن غياب روح الفريق ومجموعات العمل عن العملية التعليمية أضر بها كثيرًا، لأنها تعتمد على التنافس الفردي بحيث يحاول كل طالب التفوق - بمفرده - على جميع أقرانه.

ثم تناولت الأستاذة أميرة مشكلة الكتب المدرسية وانفصالها تمامًا عن الحياة العملية للطالب وهو ما يجعلها غير مفهومة له، وعلّقت مرة أخرى على غياب فريق العمل وانعدام تكامله أثناء وضع المناهج المدرسية، لأن المنهج المدرسي ينبغي أن يتكون من كاتب وعالِم متخصص ورسّام، وأضاف الدكتور إسماعيل سراج الدين أهمية وجود تربوي متخصص أيضًا. ثم تحدث الدكتور محمد عن تجربته في تبسيط العلوم والتأليف للأطفال، وأهمية توصيل القيم الإنسانية للأطفال بشكل جذاب.

بعد ذلك استعرضت المهندسة هدى تجربة مكتبة الإسكندرية مع أكاديمية العلوم الفرنسية ووزارة التربية والتعليم في مصر، حين اعترض مجموعة من علماء الأكاديمية على ارتفاع مستوى التلقين في المدارس الفرنسية، وقاموا بإنشاء موقع علمي يساعد مدرسي المرحلة الابتدائية على تعليم العلوم للأطفال من خلال تجارب وتفاعل مباشر مع العلم يرسِّخ المعلومات في أذهان الأطفال. وقد قامت المكتبة بتعريب هذا الموقع تحت اسم "اكتشف بنفسك"، ثم تعاونت مع الوزارة في تدريب المدرسين المصريين على الاستفادة منه في التدريس. وبعد أن قاومه بعض المدرسين في البداية، اقتنعوا به بعد اكتشاف نتائجه الإيجابية.

وقد أثار الدكتور سراج الدين قضية التدرج العلمي وتوقيت تقديم المواد العلمية، فعلّقت الأستاذة أميرة على ذلك بأهمية الوعي بلا نهائية هذا التدرج، واستمرار عملية التعلم باستمرار الحياة الإنسانية، وأهمية الاعتماد على الفكاهة والتلوين والتشويق في تعليم الأطفال في البداية بالذات، ومع التدرج يتم الانتقال لمستوى أعمق وأشمل للعلوم.

وحكى الدكتور سراج الدين أيضًا أن علماء الرياضيات كانوا في السابق يأسفون لعدم تقديم مناهج الرياضيات للأطفال إلا بعد 12 سنة تقريبًا من الدراسة حتى يمكنهم استيعابها، لكن الرياضيات الحديثة الآن تمكنت من التفاعل مع طلاب الصف الأول الابتدائي من خلال نظريات حديثة في التعليم تركز على المشاهدة والتفاعل مع معطيات الواقع. وفي الختام تحدث الدكتور محمد عن أهمية المشاهدة والتجربة واللعب في المراحل الأولى لتعلم الأطفال، لأنهم يبدأون منذ بداية وعيهم يلاحظون الواقع ويكوّنون من خلاله معارفهم الأولى عن الكون، مشيرًا إلى أن الدول المتقدمة لا تمنح كتبًا للأطفال في مراحل التعليم الأولى.