أقام مركز المخطوطات بمكتبة الإسكندرية يوم الأربعاء الموافق 6 مارس 2019 بقاعة الأوديتوريوم، حفل إصدار الجزء الثاني من كتاب "مدرسة الإسكندرية المتأخرة وأثرها في التراث الفلسفي الإسلامي: سمبليكيوس وأثره في ميتافيزيقا ابن سينا" لمؤلفه الدكتور حسين الزهري رئيس قسم الدراسات والفعاليات الأكاديمية بمركز المخطوطات، ويناقش الكتاب الدكتور محمد عبد الغني أستاذ الآثار الرومانية واليونانية بكلية الآداب جامعة الإسكندرية، والدكتورة رجاء أحمد علي أستاذ ورئيس قسم الفلسفة ووكيل كلية الآداب بجامعة القاهرة.
ويعد هذا الكتاب أحد تجليات تواصل المسلمين- في عصرهم الذهبي- مع العلوم السابقة عليهم، خاصةً اليونانية منها. ويناقش الكتابُ فترةً مجهولةً مهملةً في التآليف العربية، خاصةً الحالة العلمية والثقافية والدينية في الإسكندرية في القرنين الخامس والسادس الميلاديين، وهي الفترة التي سبقت ظهور الإسلام، والتي لم يهتم بها جُلُّ المفكرين العرب، واصفين إياها بأنها كانت فترة خلط بين الديني والصوفي والغيبي لينتهي دور العقل في مصر البيزنطية، إلا أن الأبحاث الحديثة تثبت بما لا يدع مجالاً للشك أن الإسكندرية في تلك الفترة كانت أكبر مركز علمي ثقافي في العالم بأكمله، فأنتجت العلم والفكر العقلاني الذي كان يطلق عليه الفلسفة في تلك الفترة، وكان ثمة صراع كبير بين الفلاسفة والمتشددين من المسيحيين، فعمل الفلاسفةُ على البرهنة على معتقداتهم بالأدلة والبراهين المنطقية والعقلية.
وجدير بالذكر أن الكتاب يدرس الفكرَ والفلسفة التي أنتجها الشارح الأرسطي سمبليكيوس في القرن السادس الميلادي، ويتناول المؤلف الحالة العلمية والدينية والسياسية في الإسكندرية قبل مجيء العرب إليها. ثم يتعقب المؤلف انتقال فكر هذا الرجل ومدرسته العلمية إلى العالم الإسلامي، فيعرض لذكر هذا الرجل في المؤلفات العربية، ومدى معرفة المسلمين بشخصه وفكره، ثم يدرس المؤلف تأثير فكر سمبليكيوس في الفكر الإسلامي بصورة عامة، وفي فكر ابن سينا (توفى 428هـ) الإلهي بصورة خاصة، كدليل على تأثر العرب والمسلمين بغيرهم من الحضارات، طالما للفكر ما يدعمه من الحجج والبراهين العقلية. وسوف يصدر مركز المخطوطات بعد هذا الكتاب مجموعة أخرى من المؤلفات يدرس فيها بقية فلاسفة المدرسة وتراثها الفكري، مع بيانه أثر ذلك الموروث السكندري في التراث الإسلامي.