المقالات

هل يجب أن نخاف من السلالات الجديدة لفيروس كورونا المستجد؟

شارك

لقد طالت رفقة مرض كوفيد-19 لنا، ومن المرجح أن تستمر لبعض الوقت. وكلما مرَّ الوقت، تستطيع الفيروسات التحوًّر لإنتاج سلاسات مختلفة. تكمن خطورة تلك التحورات في احتمالية تمكين الفيروس من الالتفاف على الجهاز المناعي أو مقاومة اللقاحات. وعلى الرغم من أن ذلك لم يحدث بعد، فإن الأمر منذر بالقلق. هكذا، فمن الضروري معرفة ما إذا كان هذا السيناريو واردًا بالفعل، ومتى قد يحدث بالضبط. سنناقش في هذا المقال ما يقوله الباحثون حول هذا الموضوع، وسنصب اهتمامنا على ثلاث سلالات محددة؛ هي B.1.1.7، و501Y.V2، وP.1.

كانت السلالة B.1.1.7 التحور الأول الذي أثار قلق العلماء، إذ ينطوي على 17 طفرة مرة واحدة، وهذا أمر غير مسبوق. ظهرت تلك السلالة لأول مرة في إنجلترا، في ديسمبر 2020، لتثير قلقًا عارمًا بسبب زيادة معدل انتشارها مقارنة بالسلالات الأخرى. إلا أن بعض العلماء لا زالوا يشككون في هذا، مؤكدين أن سرعة الانتقال والبحث في كيفية حدوث الطفرات السبعة عشر للفيروس في الوقت نفسه كلاهما دافعين قويين لدراسة تلك السلالة، بحسب آندرو رامبوت، عالم الأحياء الجزيئية التطورية في جامعة إدنبرة. وتلك السلالة انتشرت بالفعل في المملكة المتحدة، وأيرلندا، والدنمارك، وما زالت آخذة في الانتشار بسرعة. هذا، وقد نشرت مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها في الولايات المتحدة الأمريكية دراسة تتنبأ بأن تكون هذه السلالة هي الأكثر انتشارًا في الولايات المتحدة في مارس 2021.

أما عن السلالة 501Y.V2المكتشفة في جنوب أفريقيا، فقد أثارت قلقًا مشابهًا لسابقتها، خاصة أن إحدى طفراتها غيرت البروتين السطحي للفيروس. فهذا يحدُّ من فاعلية الأجسام المضادة وحيدة النسيلة ضد الفيروس. ومن الأمثلة على تلك الطفرات E484K وK417N. وقد أظهرت الطفرة E484K أنها تقلل من فاعلية مصل النقاهة أو بلازما التعافي بعشرة أضعاف.[1] ولكن، صرح جيسي بلوم، عالم الأحياء التطورية في مركز أبحاث فريد هاتشينسون للسرطان الذي اكتشف هذا الأمر أنه لا يشير بالضرورة إلى أن مناعة الأشخاص ضد هذه السلاسة ستكون أضعف عشر مرات.

يأتي ظهور سلالة P.1 في مدينة ماناوس بالبرازيل في 12 يناير 2021 ليؤجج المخاوف، بعد أن اكتشفها نونو فاريا، عالم الفيروسات بكلية لندن الإمبراطورية، وهو أستاذ مساعد بجامعة أكسفورد. وقد اكتشف فاريا تلك السلالة بعد أن تفاجأ بعودة ظهور عدوى كوفيد-19 في مدينة ماناوس. شارك فاريا في تأليف ورقة بحثية نشرت في دورية «ساينس» Science، تُقدر أن ثلثي سكان المدينة قد التقطوا العدوى، وهي نسبة أكثر من كافية لبناء مناعة القطيع فيها. ثم بدأ بعد ذلك في جمع عينات لتفقد ما إذا كان هناك أي اختلافات في الفيروس الذي تسبب في عودة انتشار العدوى. في الاستنتاج الأولي المنشور على موقع virological.org، وُجد أن 13 من أصل 31 عينة جُمعت في منتصف ديسمبر 2020 في ماناوس أظهرت السلالة الجديدة التي أُطلق عليها P.1. أظهرت هذه السلالة في أماكن ذات مستويات عالية من مناعة القطيع وهي آخذة في الانتشار فيها بشكل كبير؛ وقد اكتشف في المسافرين من البرازيل إلى اليابان.

الخبر الجيد هو أن مرض كوفيد-19 ليس مقاومًا للقاحات بعد؛ حسبما أكد فيليب كروز، رئيس مجموعة معنية باللقاحات تابعة لمنظمة الصحة العالمية. إلا أن هذا التطور السريع للسلاسات المتحورة قد يؤدي في نهاية المطاف إلى ظهور سلالة مقاومة للقاحات. وسيفرض هذا السيناريو بدوره الحاجة إلى تحديث اللقاحات. وفي حين أن كروز لا يجد تلك المسألة ملحة، فإن رافيندرا جوبتا، الباحث في جامعة كامبردج يطالب بتطوير لقاحات مُحدثة على الفور للتصدي لحدوث الطفرات الفيروسية.

*مصل الناقيهن (بلازما التعافي): جزء سائل يستخلص من دم المتعافين من العدوى. والأجسام المضادة هي بروتينات خاصة في بلازما الدم، وتتسم بإمكانية استخدامها لمقاومة العدوى. (المصدر: UCLA Health).

المراجع

sciencemag.org
virological.org

من نحن

«كوكب العلم» مجلة علمية ترفيهية باللغتين العربية والإنجليزية يصدرها مركز القبة السماوية العلمي بمكتبة الإسكندرية وتحررها وحدة الإصدارات بقطاع التواصل الثقافي ...
مواصلة القراءة

اتصل بنا

ص.ب. 138، الشاطبي 21526، الإسكندرية، جمهورية مصر العربية
تليفون: 4839999 (203)+
داخلي: 1737–1781
البريد الإلكتروني: COPU.editors@bibalex.org

شاركنا

© 2024 | مكتبة الإسكندرية