استدامة تعليم العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات

شارك

نظام تعليم العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات المدمج، والمعروف بنظام STEM «استم»، هو تخصص شمولي يعتمد على إدماج التخصصات المعرفية؛ بحيث تذوب الفواصل التقليدية بين التخصصات الأربعة مُشكِّلةً تخصصًا «كاملًا» جديد. في إطار نظام استم التعليمي تصحب المبادئَ الأكاديمية الصارمة دروس من الواقع؛ حيث يطبق الطلاب التخصصات الأربعة في مضمونات تربط بين المدرسة، والمجتمع، والعمل، والمؤسسة العالمية؛ مما يتيح تطور المعرفة بالتخصصات. ومن شأن تطبيق تعليم استم في المدارس حول العالم إعداد قوة العمل المستقبلية مدعومة بأساس علمي ورياضي يعضد تطور المهارات عبر التخصصات الأربعة.

وليحقق تعليم ستم الأهداف والغايات المرجوة منه، يجب التعامل مع العوائق التي تعرقله، وحل المشكلات التي يقابله بدءًا من المستوى المدرسي أولًا. بادئ ذي بدء، علينا الاعتراف بأن المدرسين هم أكبر مؤثر في اختيارات الطلاب للمواد والتخصصات التي يقررون دراستها والسعي إلى العمل بها. بالفعل تتأثر قرارات الطلاب بدراسة التخصصات الأربعة في الجامعة بشكل مباشر بطريقة التعلم في الفصل الدراسي وبنصائح المدرسين. ومن ثمَّ، فإن الإعداد الضعيف وقلة عدد المدرسين المؤهلين للتدريس بنظام استم الشامل يعدان العائق الرئيسي لتعليم العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات في إطار متكامل.

فحسب تقرير أعده مجلس العلوم والتكنولوجيا الاستشاري الرئاسي الأمريكي فإن أكثر من 40٪ من المدرسين يقررون ترك المهنة في أثناء السنوات الخمس الأولى من العمل؛ وذلك نتيجة عدم وجود دعم مهني مناسب. وعلى الجانب الآخر، تشير إحدى الدراسات إلى أن 74٪ من الطلاب الذين يتخرجون بنجاح في برامج استم يشيرون إلى ضعف التدريس كإحدى أكبر العوائق. الأهم من ذلك أن الدراسة المشار إليها قد وجدت أن زيادة دورة رياضيات واحدة لمدرس ذي تدريب رياضي متوسطة تؤدي إلى تحسن إنجازات الطلاب بنسبة 1.2٪.

العائق الثاني في الأهمية لتعليم العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات هو الإعداد الضعيف للطلاب وانخفاض الحماس. فيعاني كثير من الأطفال لفهم أهمية العلوم؛ إذ لا يستطيعون تمييز الرابط بين ما يدرسونه في الفصل وما يحدث في العالم الواقعي. كما يظن الطلاب أن المواد العلمية صعبة أو مملة.

حسب إحدى الدراسات على نظام استم، فإن معظم الطلاب الجامعيين الذين يدرسون للحصول على درجة علمية في أحد التخصصات الأربع يتخذون قرارهم بذلك في أثناء الدراسة الثانوية أو قبل ذلك. إلا أن 20٪ منهم فقط يشعرون أن تعليمهم المدرسي قد أعدهم لتلك المجالات. فتبدأ خسارة المواهب في مجالات استم قبل المدرسة الثانوية بكثير. فمن بين الأقلية من الطلاب البارعين في مجالات استم، يقرر 60٪ في أثناء الدراسة الثانوية أنهم غير مهتمين بتلك المجالات ويسعى حوالي 40٪ فقط للحصول على درجات جامعية في تلك المجالات.

إن الملل لدى الطلاب هو التحدي الأكبر الذي يواجهه المدرسون. فتشير الدراسات إلى أن معظم الطلاب الذين يفقدون الاهتمام بالعلوم يكونون بين سن الثانية عشرة والثالثة عشرة. لذلك، يجب على معلمي الصفوف الصغيرة سنًّا إدماج دروس استم في المنهج اليومي لمساعدة الطلاب الصغار على تطوير فهم أقوى بتلك المهارات منذ سن صغيرة، علمًا بأنهم يتعاملون مع العلوم بالفعل دون أن يدركوا ذلك. على سبيل المثال، عندما يقوم الصغار برص المكعبات في أثناء اللعب، فإنهم فعليًّا يتعلمون قوانين الفيزياء؛ كذلك، عندما يمرحون في الطبيعة لاستكشاف الأعشاش أو الزهور المتساقطة، فإنهم يرصدون عالم الأحياء. ويمكن للمعلمين استغلال هذا الفضول لتوجيه الطلاب بشكل مركز أكبر.

فحسب التقرير المشار إليه سابقًا، يجب إعداد الطلاب لتكوين أساس قوي في مجالات استم بغض النظر عن المسار المهني الذي سيسلكونه؛ إذ يتوجب أن يشمل هذا الإعداد بناء المهارات والمعارف المشتركة. على صعيد آخر، يجب أن يُلهَم الطلاب ويتم يُحَفَّزوا لتعلم مواد استم، ليتحمسوا لدخول تلك المجالات؛ وهو ما يتحقق من خلال التجارب ذات المعنى، الموجهة صوب اهتمامات الطلاب وقدراتهم المعينة.

ومدرسو استم بصفتهم ميسرين لا يجب ألا يكونوا ضلعين بالمادة العلمية فحسب، ولكن أيضًا يجب أن يمتلكوا مهارات تساعدهم على التأثير في المتعلمين. فعوضًا عن عقلية هذا أو ذاك، يعرف المدرسون أصحاب الخبرة أن استخدام أفضل مجموعة من الوسائل يفيد عديدًا من المتعلمين؛ فيجب تطويع أدوات التدريس بعناية وبقصد.

ومن معرقلات تعليم العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات سوء حالة المعامل والوسائط التدريسية؛ كما أن تكدس الفصول الدراسية يقلل فاعلية تيسير الأنشطة للطلاب. فإذا طُبِّقت التغيرات المطلوبة في المدارس، سيعزز ذلك من قدرة المدرسين على تيسير الأنشطة التعليمية للطلاب، وتحسين الإنجازات الأكاديمية، ورفع درجات الاختبار.

كما يمكن للتكنولوجيا أن تساعد المدرسين في ظل حجم العمل الكبير ومحدودية الوقت والطاقة فيما يتعلق بتخطيط دروس استم دقيقة. فالمدرسون الذين يجعلون طلابهم يستخدمون التكنولوجيا في المشروعات الدراسية يعملون بمعدل 4,6 ساعة أقل أسبوعيًّا مقارنة بهؤلاء الذين يستخدمون الأفلام والألغاز التعليمية من حين إلى آخر. والأفلام التعليمية وسيلة سريعة ومرحة لجذب انتباه الطلاب.

إذا لم يتم تتخذ الإجراءات اللازمة وتُنفذ الإصلاحات الاستراتيجية الجادة، فستستمر المرافق غير المؤهلة وقلة المدرسين المدربين والمكرسين في إضعاف تطبيق تعليم العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات بشكل متكامل على جميع المستويات التعليمية؛ سواء الابتدائية، أو الإعدادية، أو الثانوية. فإذا كنا جادين فيما يتعلق بالتنمية المستدامة وتأمين مستقبل أفضل، يجب على متخذي القرار التركيز على تحسين التعليم والظروف التعليمية بصفة عامة وتعليم استم بصفة خاصة.

المراجع

edutopia.org

researchgate.net

seenmagazine.us

twigeducation.com

webcpm.com

 

Cover Image by brgfx on Freepik

من نحن

«كوكب العلم» مجلة علمية ترفيهية باللغتين العربية والإنجليزية يصدرها مركز القبة السماوية العلمي بمكتبة الإسكندرية وتحررها وحدة الإصدارات بقطاع التواصل الثقافي ...
مواصلة القراءة

اتصل بنا

ص.ب. 138، الشاطبي 21526، الإسكندرية، جمهورية مصر العربية
تليفون: 4839999 (203)+
داخلي: 1737–1781
البريد الإلكتروني: COPU.editors@bibalex.org

شاركنا

© 2024 | مكتبة الإسكندرية