الرعاية الصحية – الغذاء الآمن – التنوع البيئي في مؤتمر الإسكندرية الدولي للتكنولوجيا الحيوية

تاريخ النشر

الإسكندرية في 4 أبريل – عقدت صباح اليوم جلسات اليوم الثاني لمؤتمر التكنولوجيا الحيوية المقام بمكتبة الإسكندرية في الفترة من 3-6 أبريل 2004. بدأت أولى الجلسات بمحاضرة للسيد إم إس سوامينثان رئيس أبحاث التنمية البيئية بمنظمة اليونسكو ورئيس مؤسسة سوامينثان للأبحاث بالهند الذي تحدث عن موضوع الأمن الغذائي باعتباره الوسيلة الاجتماعية والاقتصادية والبيئية المناسبة للوصول إلي التوازن الغذائي في جميع دول العالم . وأكد الدكتور سوامينثان على أن البرامج المصممة للحد من الفقر و الجوع يجب أن تقوم على إعطاء أهمية أكبر للقدرات البشرية.

كما تحدث في نفس الجلسة السيد مالكولم اليوت مدير معهد نورمان بورلوج لأبحاث علوم النبات بالمملكة المتحدة حول موضوع "الفرص والعوائق التي تواجه العلوم الحيوية الجديدة لتنمية المجتمعات" حيث أشار إلي أهمية المحاصيل المعدلة وراثياً في تحسين الإنتاج الزراعي حول العالم وأكد على أهمية الحاجة إلى الاستثمار في الزراعة وعدم اعتبارها مهنة للضعفاء أو الفقراء الأمر الذي يحتاج إلى دعم من حكومات الدول لأن التكنولوجيا بمفردها لا تستطيع الاستمرار في تحسين الإنتاج الزراعي بدون هذا الدعم. كما أشار السيد اليوت إلى ضرورة القضاء علي العوائق التي تقف في طريق العلوم الحيوية الجديدة ومنها العوائق السياسية أو العلمية.

وأخيراً تحدث السيد ماسيمو جارزيلي مدير المكتب المحلي لمنظمة تنمية الصناعة التابعة للأمم المتحدة الذي عرض لأهم الموضوعات التي نوقشت في المنتدى العالمي للبيوتكنولوجي الذي أقيم في تشيلي خلال شهر مارس الماضي ومنها موضوعات الفقر في العالم والتنمية الصناعية المستدامة وتحديات التكنولوجيا الحيوية وأهمية وجود مهارات علمية وإدارية وإمكانية انتقال التكنولوجيا. كما عرض السيد جارزيللي لأهم النتائج التي توصل إليها المنتدى والتي تمثلت في أهمية توجيه منظمة تنمية الصناعات جهودها إلى مجال التكنولوجيا الحيوية بما يتلاءم مع الدول الأعضاء في المنظمة لتحقيق الأهداف الإنمائية في الألفية الجديدة.

تبع الجلسة الأولي جلسة خاصة عن المبادرة الأوروبية العالمية EAGLES Initiative ، وهي المبادرة التي تعمل علي وضع استراتيجيات موجهة لمصلحة دول العالم الثالث، تحدث في هذه الجلسة الخاصة كل من الدكتور هوانمينج يانج أستاذ علم الجينات ومدير معهد بكين للجينات بالصين، والسيد بورج ديدريهسن رئيس الاتحاد الأوروبي للعلوم الحيوية، والسيد مارك فان مونتاجو رئيس مؤسسة علم أحياء النبات للدول النامية ببلجيكا، والسيد ديفيد ماكونيل من مؤسسة سمارفيت للجينات بجامعة ترينتي ايرلندا.

وقد بدأت بعد ظهر اليوم الحلقات النقاشية الأربع التي تتناول كل منها أحد المحاور الرئيسية للمؤتمر وهي:

  • الرعاية الصحية وعلاقتها بالمستوي الاقتصادي.
  • الزراعة ودورها في تحقيق الكفاية من الغذاء الآمن.
  • التنوع البيئي وعلاقته بالحفاظ علي البيئة.
  • التجارة وبراءات الاختراع وتأثيرهما علي الدول النامية.

وفي حلقة التنوع البيئي وعلاقته بالحفاظ علي البيئة تناول الدكتور فاروق الباز أهمية الاستفادة من علوم وتقنيات علم الفلك وخاصة التصوير الجوى من الأقمار والمحطات الفضائية لمتابعة التغيرات المناخية والبيئية وما يتبعها من تغيرات في التنوع الحيوي في مناطق متعددة من العالم. ويري الدكتور الباز أن الاكتشافات في هذا المجال سوف تمكن من عمل دراسات أدق وأشمل للتنوع الحيوي وتحديد أهميته في المحافظة على الأنواع المختلفة من الكائنات الحية بما تتضمنه من مخزون وراثي لا يمكن تحمل نتائج فقده نتيجة لانقراض بعض أنواعه.

ويمثل المخزون الوراثي للكائنات البنك الذي يلجا إليه علماء التقنية الحيوية خاصة في الهندسة الوراثية لانتقاء ونقل الصفات الوراثية المرغوبة من كائن إلي آخر بهدف زيادة الإنتاج أو القدرة على تحمل الظروف الصعبة أو مقاومة الأمراض. وبدلا من أن يذهب الباحثون إلي أغوار الصحراء والغابات بحثا عما بها من أسرار حياتيه يقول الدكتور الباز إنه يمكنهم الآن وهم في معاملهم ومختبراتهم وعن طريق التصوير الجوى الدقيق معرفة ما يوجد في كل مكان علي هذا الكوكب وفي أعماقه أو تحت سطح مياهه بدقة متناهية تمكن من دراسة تجمعات الكائنات الحية والنظم البيولوجية وكيف تتغير نتيجة لاختلاف الأجواء والظروف والبيئات المحيطة بها.

أما العالم السويسري الشهير الدكتور كلاوس أمان فقد ركز على تأثير الزراعة على التنوع الحيوي ملقيا الضوء على أهمية عدم إحداث خلل في التوازنات الحيوية خاصة في الدول النامية بإدخال أنواع غريبة ذات قدرة تنافسيه قوية على الأنواع المحلية. وكما يقول الدكتور أمـان فإن التقدم التكنولوجي الحيوي الذي حدث أخيراً وأدى إلي اكتشاف وتطوير محاصيل زراعية معدله وراثيا ذات قدرة على مقاومة الحشرات أو تحمل مبيدات الحشائش واسعة المفعول والتي أظهرت قدرة على زيادة الإنتاج آدت إلي تبنى زراعتها في مناطــق كثيرة من العالم مما أدى إلي تقليل استخدام مبيدات الحشرات وزيادة استخدام مبيدات الحشائش واسعة المفعول في بعض هذه النظم الزراعية والى تقليل عمليات تجهيز وحرث التربة في بعضها الآخر. وسوف يؤدى هذا التكثيف الزراعي بالتركيز على أنواع معينة إلى بعض النتائج السلبية من ناحية التنوع الحيوي والتنوع الوراثي. وكما يقول دكتور أمان فإن هذا التأثير السلبي يمكن معالجته بزيادة تنويع النظم الزراعية وتخفيض استخدام المبيدات واسعة المجال غير المتخصصة . وأكد الدكتور أمان أن التأثير الزراعي على التنوع الطبيعي قديم ويحدث أساساً نتيجة تحويل المناطق الزراعية الجديدة إلى مناطق للإنتاج الزراعي الدوري. كما أن نقل المخصبات الزراعية وبقايا المبيدات إلي المجاري المائية يحدث اضمحلالا في النظم المعيشية بسبب زيادة نمو وانقسام الطحالب وتسمم المياه. إلا أن زيادة كفاءة الإنتاج الزراعي يمكن كما يقول الدكتور أمان أن تخفض من درجة هذه التأثيرات السلبية.

وقد يؤدى التوسع المدروس في المحاصيل المعدلة وراثيا - إذا صاحبه حصر وحماية الأنواع الأخرى - إلى تحقق الاستفادة المرجوة من الاكتشافات الحديثة مع المحافظة على التنوع الحيوي.

وفي حلقة الزراعة ودورها في تحقيق الكفاية من الغذاء الآمن ألقي العالم الأيرلندي الدكتور باتريك كننجهام الضوء على ما يمكن للثورة الحادثة في مجالات التقنية الحيوية أن تسهم به في حل مشاكل الفقر الناجمة عن سوء التغذية واعتلال الصحة. وقد أوضح ما يمكن أن تجنيه البشرية من السيطرة علي أمراض الحيوان ومن ثم زيادة المتاح من اللبن والبروتين الحيواني ومضاعفته لملايين البشر خاصة في المناطق الاستوائية شديدة الحرمان. وكما يقول الدكتور كننجهام فإن هذا المجال من مجالات التقنية الحيوية غنى ومثير وفيه آمال كبيرة يمكن تحقيقها بالتطبيقات الحقلية والميدانية.


شارك