تهاني الجبالي أول قاضية مصرية تحلل نص المادة الثانية من الدستور
تاريخ النشر
الإسكندرية—
استضاف منتدى الحوار التابع لمكتبة الإسكندرية، يوم السبت الموافق ٩ يونيه، المستشارة تهاني الجبالي، نائب رئيس المحكمة الدستورية العليا وأول قاضية في تاريخ مصر. وكان موضوع الندوة عن الإطار الدستوري لتطبيق المادة الثانية من الدستور. أدار الندوة الدكتور محمد رفعت، أستاذ القانون الدستوري، أحد رموز الفكر القانوني والدستوري بمصر.
ناقشت المستشارة هذه المادة المثيرة للجدل، مقدمة تحليلاً دقيقاً ومستفيضاً لفقرات النص القانوني لها. وقد بدأت بمقدمة عامة حول تاريخ هذا النص في الدستور المصري، وقالت إن ما دفعها للحديث عنه هو أن الدستور المصري قد مضى عليه 30 عاماً، ومر على تعديله 26 عاماً، وكان محل تطبيق في المرحلة السابقة وعلى امتداد فترة طويلة من الزمن .ثم قامت بتحليل فقرات هذا النص، إلى ثلاث فقرات؛ وهي "الإسلام دين الدولة"، "اللغة العربية اللغة الرسمية"، "مبادئ الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسي للتشريع". وأشارت إلى أنه دائماً ما يقفز الحوار إلى الفقرة الثالثة مباشرة.
وأضافت أن الشعب المصري لم يجد من يمنحه المعرفة القانونية، وبالتالي فأي تطبيق هو المصداقية الوحيدة للنص.
وأوضحت أن ما يحاصرنا من أزمات سياسية واقتصادية وثقافية انعكس على حجم التشدد والتشنج مما أثر على هدوء الحوار والمناقشات.
واستعرضت المستشارة تهاني الجبالي فقرات النص الثلاثة، وقالت إن الدولة ككيان سياسي معنوي لا يمكن أن تدين بدين ما، والواقع هو أن الدولة تتخذ من دين الأغلبية ديناً لها. وأكدت أن الإسلام لا يجيز المساس بالحرية الدينية في المجتمع، وهذا يوجب على سلطات الدولة أن تتيح للمواطنين التمتع بحريتهم الدينية.
أما بخصوص الفقرة الثانية والتي تنص على أن "اللغة العربية اللغة الرسمية"، فقد وجهت الجبالي دعوة لإنقاذ اللغة العربية، مفادها أن الالتزام الرسمي باللغة العربية يعني أن تكون العربية هي اللغة التي تستخدم في جميع المحافل الدولية التي نستضيفها على أرضنا، وكذلك هي اللغة التي نتعامل بها في الاجتماعات والمؤتمرات الدولية، وهذا هو حقها الدستوري.
وحول الفقرة الثالثة والتي تثير البلبلة في مصر، وهي "مبادئ الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسي للتشريع"، أشارت إلى أن هذه الفقرة تتطلب من الجميع نظرة تاريخية . عندها سيبدو جلياً أن كون الشريعة الإسلامية مصدراً للتشريع، أمر غير مستحدث. فمنذ أربعينيات القرن الماضي كانت هي المصدر الرئيسي للتشريع إلى جانب المصادر الأخرى، وكان هناك انفتاح إيجابي على مجمل الفقه الإسلامي، فضلاً عن القوانين الوضعية الأخرى كالفرنسية وغيرها.
واستدلت على ذلك بأن المشرع المصري قد أخذ من الفقة الشيعي "الوصية الواجبة"، ولم يتهمه أحد بأنه تجاوز حدود الأمة. وقالت أن المشرع أورد تعبير مبادئ الشريعة ولم يورد أحكام الشريعة. فالمبادئ لا تعني الأحكام لأننا قد نختلف عليها، وهي تتيح النقاش حولها ومتروكة للمشرع وللظروف الملازمة لها.
وصرحت الجبالي بأن المحكمة الدستورية العليا قد أقرت مبدأ على درجة عالية من الأهمية، وهو جواز الاجتهاد في المبادئ الخلافية. وأفادت بأنه من الواجب على المشرع أن يربط هذه الاجتهادات بمصالح الناس، فأينما وجدت المصلحة فثمَّ شرع الله، ويصبح حق المشرع في الاختيار عند التيسير.
كما أشارت إلى أن المحكمة الدستورية أقرت أيضاً، احترام الاحكام الخاصة بغير المسلمين ولوائحهم الخاصة واعتبرت ان امتداد المعايير واللوائح هو محاولة لتحقيق المساواة أمام القانون لأبناء الوطن الواحد. وقد اختتمت الندوة بعدد من مداخلات الحاضرين تعقيباً على ما سردته المستشارة تهاني الجبالي أول قاضية مصرية.