5 يونيو 2008
السديم الكوكبي SuWt 2
صورة من: NASA, NOAO, H. Bond and K. Exter (STScI/AURA)
الجرم السماوي الجميل والعجيب SuWt 2 هو سديم (سحابة كونية في الفضاء) يتكون من حلقة متوهجة من الغازات، ترى تقريبًا على حافتها، ويعرف هذا النوع من السدم باسم السديم الكوكبي planetary nebula، وهو يتكون عندما تموت النجوم ذات كتلة مماثلة لكتلة الشمس، فيتمدد غلافها الغازي الخارجي، وينتشر في الفضاء حولها. ومن المثير أن السديم SuWt 2 أصبح مسرحًا لما يشبه البحث الجنائي في الفضاء، يبحث فيه الفلكيون عن نجم قزم، مفقود في قلب السديم SuWt 2.
وتبين نظريات تطور النجوم أنه عندما ينضب وقود نجم مماثل للشمس، فإنه يلفظ غلافه الخارجي تدريجيًّا، لتتكون سحابة تشع ألوانًا جميلة، تعود إلى توهج الغازات المكونة لها، بينما يتقلص قلب النجم، الذي كان مفاعلاً نوويًّا جبارًا، ينتج الطاقة خلال حياة النجم، ويتحول إلى جرم يعرف باسم القزم الأبيض، وهو جرم نجمي ذو كثافة هائلة، لا يستطيع إنتاج المزيد من الضوء، ويظل يخبو حتى ينطفئ.
يبعد السديم SuWt 2 حوالي 6500 سنة ضوئية عن كوكبنا، ويقع في كوكبة "قنطورس" (أي يرى السديم في خلفية نجوم الكوكبة). واللغز المحير هو أن العلماء يعتقدون أن السديم يتوهج بتأثير الأشعة فوق البنفسجية عالية الطاقة، التي تشعها نواة نجم انقضت حياته، أو قزم أبيض، إلا أن هذا النجم غير مرئي.
ولقد ازداد اللغز تعقيدًا عندما رصد هذا السديم SuWt 2 في الأشعة فوق البنفسجية، في تسعينيات القرن العشرين، بواسطة مرصد فضائي تابع لوكالة "ناسا"، وكان العلماء يتوقعون العثور على نجم خافت لكن ذي درجة حرارة عالية جدًّا، هو القزم الأبيض، إلا أنه لم يتم استقبال أي إشعاع فوق بنفسجي.
وبدلاً من هذا النجم المفقود، يوجد في وسط السديم نجمان قريبان جدًّا من بعضهما البعض، ويدوران حول مركز جذب مشترك مرة كل خمسة أيام، إلا أنهما ليسا من الأقزام البيض. وهذان النجمان أشد حرارةً من الشمس، إلا أن إشعاعهما لا يكفي لجعل السديم SuWt 2 يتوهج. فقط فيض شديد من الأشعة فوق البنفسجية، كالتي يشعها القزم الأبيض، يمكن أن يثير ذرات الغازات في السديم، ويجعلها تشع الضوء.
وفي دراسة قدمها فريق بحثي بقيادة "كاترينا إكستر" و"هوارد بوند" من المركز العلمي لتلسكوب الفضاء Space Telescope Science Institute تم دراسة إضاءة وطيف النجمين اللذين في قلب السديم، وظهر أنه من المحتمل أن كلا النجمين بدأ يتمدد، ليتحول إلى عملاق أحمر red giant، أحد المراحل الأخيرة في تطور النجوم. والعملاق الأحمر يفوق الشمس كثيرًا في الحجم، إلا أنه أقل حرارةً، إذ إن درجة حرارته حوالي 3000 درجة مئوية، وهو ما يجعل ضوءه أحمر.
ويبدو أن النجمين يدوران حول محاورهما بسرعة أبطأ من المتوقع، وهو أن يكون دورانهما المحوري متزامنًا مع حركتهما المدارية، أي يكون نفس الوجهين من النجمين متقابلين دائمًا، ولكن هذه الظاهرة ليست مرصودة.
ويفترض الباحثون تفسيرًا بسيطًا للحقائق المتوفرة في هذا اللغز الكوني: النجوم التي في قلب السديم SuWt 2 ولدت كأعضاء في نظام نجمي ثلاثي (ثلاثة نجوم تدور حول مركز جذب مشترك)، يدور فيه النجمان المرصودان حاليًّا بالقرب من بعضهما، أما النجم الثالث فهو نجم أكبر في الكتلة، يدور على مسافة أبعد من مركز الجذب.
وهذا النجم الأكبر كتلةً كان أسرع في تطوره، فتمدد ليصبح عملاقًا أحمر، وابتلع رفيقيه الآخرين في غلافه الخارجي المتمدد. ويسمي الفلكيون هذه الحالة "الغلاف المشترك"، عندما يحتوي نجم نجمًا آخر في غلافه الخارجي المتمدد. ونتيجة لذلك، سقط النجمان تجاه قلب العملاق الأحمر، مما أدى إلى زيادة سرعة دوران الغلاف.
وفي النهاية، لُفظت الطبقات الخارجية للعملاق الأحمر في مستوى المدار، لتكون السديم الحلقي الشكل الذي نراه في الصورة. وربما يكون الدوران البطيء للنجمين نتيجة لوقوعهما سابقًا في غلاف رفيقهما العملاق.
ومن المرجح أن الأشعة فوق البنفسجية، الصادرة من قلب النجم العملاق، قد استثارت ذرات السديم، وأصبحت تشع الضوء. وإذا كانت كتلة قلب النجم العملاق كبيرة بما يكفي، فإن قلب النجم غالبًا قد تقلص وبرد سريعًا، وأصبح قزمًا أبيض خافتًا، يصعب رصده، وهو ما قد يفسر غياب هذا النجم في الصور.
تم عمل الأرصاد الأرضية باستخدام عدد من أفضل التلسكوبات في العالم، ونشرت النتائج في الاجتماع رقم 212 للجمعية الفلكية الأمريكية، في سانت لويس، بالولايات المتحدة.
لمزيد من المعلومات، يرجى زيارة الموقعين التاليين على شبكة الإنترنت:-
Hubble Site
http://hubblesite.org/
A Dying Sun-like Star
../home/NewsDetail.aspx?Find=XeaAT5O2jFEDIbRjrgSNiw%3d%3d
أيمن محمد إبراهيم – أخصائي أول فلك