14 أكتوبر 2010
صورة من التلسكوب الفضائي "هبل"، تبين جرمًا غريبًا، ينتمي للنظام الشمسي، ويعتقد أنه ناتج عن تصادم حديث بين كويكبين صغيرين
صورة من: NASA, ESA, and D. Jewitt (UCLA)
سجل التلسكوب الفضائي "هبل"، التابع لوكالة الفضاء والطيران الأمريكية "ناسا" صورًا مدهشة ونادرة، لجرم غريب، ينتمي إلى النظام الشمسي، ويعتقد أنه نشأ من تصادم كويكبين صغيرين. تبين الصور ذيل من المادة، يشبه أذيال المذنبات، يمتد من جرم يشبه في شكله حرف X في اللغة الإنجليزية.
ففي يناير 2010، بدأ فريق من علماء الفلك، باستخدام التلسكوب "هبل"، في تتبع هذا الجرم لفترة بلغت خمسة أشهر. ولقد اعتقدوا في البداية أنهم يرصدون اصطدامًا حدث للتو بين كويكبين، إلا أنهم أدركوا بعد ذلك، أن هذا الاصطدام يرجح أنه قد حدث في أوائل عام 2009.
ويشرح الباحث "ديفيد جيويت"، الذي ينتمي لفريق الباحثين الذي قدم هذا العمل الكشف الرائع، نتائج الأرصاد قائلاً: "لقد توقعنا أن شظايا الاصطدام سوف تتمدد بدرجة كبيرة، مثل الشظايا التي تتناثر من انفجار قنبلة يدوية، ولكن ما حدث هو العكس تمامًا. لقد وجدنا أن الجرم يتمدد ببطء شديد".
وهذا الجرم العجيب، الذي سمي اصطلاحًا P/2010 A2، عثر عليه يدور حول الشمس، في نطاق الكويكبات، تلك المنطقة بين مداري المريخ والمشتري، التي تدور فيها ملايين من الكويكبات (أجرام صخرية صغيرة) حول الشمس. والدراسات الإحصائية تبين أن تصادمًا بين كويكبين صغيرين يحدث مرةً كل سنة. وعندما تتصادم هذه الكويكبات، ينبعث منها غبار إلى الفضاء بين الكوكبي. وحتى الآن، كان الفلكيون يعتمدون على النماذج النظرية، لحساب معدل تصادم الكويكبات، وكميات الغبار التي تتطاير إلى الفضاء.
ورصد مثل هذه التصادمات صعب للغاية، بسبب أن التصادمات الكبيرة ذات الإضاءة الشديدة، نادرة الحدوث، أما التصادمات بين الكويكبات الصغيرة، مثل التصادم الذي أدى إلى تكون P/2010 A2 فخافتة جدًّا. كذلك لم يتم رصد الكويكبين في حادث P/2010 A2 من قبل، لأنهما صغيران ولمعانهما ضعيف جدًّا، ولم يتم تسجيل التصادم نفسه، بسبب موقعه بالنسبة إلى الشمس. وبعد حوالي 10 أو 11 شهرًا تالية، في يناير 2010، تم اكتشاف الجرم P/2010 A2، في مرصد معروف اختصارًا باسم LINEAR. إلا أن التلسكوب الفضائي "هبل"، الذي يرصد الكون من مدار حول الأرض، كان لديه الرؤية الدقيقة للجرم P/2010 A2، وسجل تفاصيله بوضوح، ليبين وحده التكوين الذي يشبه حرف X، وهذا ما قدم دليلاً قويًّا على أن ظاهرة مختلفة عن انبعاث الأبخرة من مذنب هي التي سببت تكون هذا الجرم الغامض.
وعلى الرغم من أن صور "هبل" تشير بوضوح إلى وقوع تصادم بين كويكبين كسبب في تكون الجرم P/2010 A2، إلا أن "جيويت" يوضح أن هناك بعض التفسيرات الأخرى لتكون الجرم P/2010 A2، ومنها تأثير الإشعاع الشمسي على هذا الجرم، الذي يؤدي إلى زيادة سرعة دورانه حول محوره، وفقده لجزء من كتلته، وتكون الذيل الذي يذكرنا المذنبات.
ويضيف "جيويت" قائلاً: "هذه الأرصاد هامة لأننا نريد أن نعرف منشأ الغبار في النظام الشمسي، والمقدار الذي يتكون منه بسبب تصادم الكويكبات، مقارنة بتبخر مادة المذنبات. نستطيع أيضًا الاستفادة من هذه المعرفة لدراسة السحب الحلقية الشكل، الغنية في الغبار، التي تلتف حول نجوم أخرى، لأنه يعتقد أنها تنشأ من تصادمات بين أجرام غير مرئية في هذه السحب. ومعرفة كيفية تكون الغبار ستفيد في معرفة تلك الأجرام الخفية".
وصور "هبل"، التي تم التقاطها في الفترة بين يناير ومايو 2010، باستخدام كاميرا دقيقة على متن "هبل"، توضح جرمًا صغيرًا يبدو كنقطة ضوئية، ويقدر عرضه بحوالي 100 م، وذيل طويل من الغبار، يمتد خلف التكوين الذي يشبه حرف X. والجسيمات في الذيل تقدر أحجامها بين حوالي 1 مم و3 سم.
وعلى الأرجح، فإن الجرم الذي يبدو كنقطة من الضوء هو ما تبقى من أكبر الكويكبين حجمًا، وكان عرضه يزيد قليلاً على 100 م. ويعتقد الفلكيون أن الكويكب الأصغر حجمًا كان عرضه 3-5 م فقط، وقد اصطدم بالكويكب الأكبر حجمًا بسرعة كبيرة، بلغت حوالي 17 ألف كم/س، وهو ما أدى إلى تبخر الكويكب الصغير، وتطاير مادة من الكويكب الأكبر.
ويقدر "جيويت" أن التصادم وقع في فبراير أو مارس 2009، وكان مماثلاً في قوته لانفجار قنبلة نووية صغيرة. وقد جرف الإشعاع الشمسي غبار الكويكب في طريقه، مكونًا الذيل الطويل الممتد من الجرم المتبقي من الكويكب الأكبر. وهذا الذيل يحتوي من الغبار ما يكفي لعمل كرة قطرها 20 م.
ويعلق الباحث الفلكي "إريك سميث"، الذي يعمل مع "ناسا" قائلاً: "مرةً أخرى بين لنا "هبل" ظاهرة غير متوقعة تحدث في جوار الأرض. إنه غالبًا أرصاد "هبل" للكون البعيد أو صور جميلة للسدم في مجرتنا هي التي تظهر في عناوين الأخبار، إلا أن أرصادًا مثل هذه، لأجرام في النظام الشمسي، تذكرنا بأنه لا يزال أمامنا الكثير لنستكشفه في النظام الشمسي".
ويخطط الفلكيون لرصد الجرم P/2010 A2بواسطة "هبل"، في العام القادم، ويأمل "جيويت" وزملاؤه في معرفة إلى أي مدى تمدد الغبار بتأثير الإشعاع الشمسي، وكيف يتطور التكوين الذي يشبه حرف X.
لمزيد من المعلومات، يرجى زيارة الصفحات التالية على شبكة الإنترنت:-
http://hubblesite.org/news/2010/34
http://www.nasa.gov/hubble
المراجع:-
NASA
www.nasa.gov/
أيمن محمد إبراهيم – أخصائي أول فلك