21 سبتمبر 2011
تناقلت عدة مواقع إليكترونية مقاطع فيديو ومقالات عن قرب انتهاء العالم بحدوث زلزال عظيم سيدمر الأرض يوم 26 سبتمبر القادم. وكثير من الناس أخذ هذا الموضوع على محمل الجد وأصابهم خوف وهلع كبير. ولسرد الحقائق العلمية وراء هذا الموضوع نقول إن القصة بدأت يوم 10 ديسمبر العام الماضي عندما نجح العالم الفلكي الروسي ليونيد إلنين في اكتشاف ورصد مذنب جديد فأطلق عليه اسم "مذنب إلنين" والمذنبات هي أجسام ثلجية تدور حول الشمس فى فترات متفاوتة وأشهرها مذنب هالى الذى يدور حول الشمس مرة كل 76 سنة.
المذنب بالمقاييس الفلكية صغير جدًّا، حيث يتراوح قطره من 3-5 كم وكان على مسافة 647 مليون كم في ديسمبر الماضي. ومثل باقي المذنبات، فإن هذا المذنب يزداد قربًا من الشمس يومًا بعد يوم ويظهر له ذيل من الغازات وكلما يزداد قربًا من الشمس كلما يتبخر جزء من سطحه ويزداد ذيله، وبالتالي يزداد قربه من الأرض. ويوم 4 مايو الماضي كان المذنب على مسافة 247 مليون كم من الأرض، ومازال يقترب وسيكون في أقرب نقطة له من الأرض يوم 16 أكتوبر القادم (تاريخ افتتاح مكتبة الإسكندرية) وسيكون وقتها على بعد 35 مليون كم، ثم يبدأ في الابتعاد مرة أخرى بعد وصوله لأقرب نقطة للشمس ويبدأ رحلة خروجه من المجموعة الشمسية ويعود مرة أخرى بعد عشرة آلاف سنة وهي فترة دورانه حولها.
سيكون مذنب "إلنين" أبعد 90 مرة قدر المسافة بين الأرض والقمر. وحسب تشبيهات علماء وكالة ناسا الأمريكية، فإن حجم هذا المذنب مقارنة بحجم الأرض كحجم "بعوضة" بالنسبة لحجم سفينة شحن عملاقة في المحيط ولو طبقنا قوانين إسحق نيوتن للجاذبية – بناء على قياسات ومسافة المذنب - ستكون قوة تأثير هذا المذنب على الأرض تساوي واحد على تريليون مرة قدر قوة الجاذبية بين الأرض والقمر. وكما هو معروف أن جاذبية القمر على الأرض بالكاد تتسبب في عملية المد والجزر.
وقد يسأل القارئ بعد تلك المعلومات لماذا تم تحديد يوم 26 سبتمبر بالذات لاحتمال حدوث زلزال طالما أن أقرب مسافة بين المذنب والأرض يوم 16 أكتوبر؟ والإجابة هى أنه فى هذا اليوم - يوم 26 سبتمبر – سيكون كل من الأرض والمذنب والشمس على استقامة واحدة. ولكن هل سيحدث زلزال فى هذا اليوم؟ الإجابة هي لا حسب معطيات وقياسات هذا الزائر الجديد وحسب قوانين الجيولوجيا التى تفسر أسباب حدوث الزلازل.
إن الضجة الإعلامية على هذا المذنب تكررت عام 1997 عند اقتراب مذنب يدعى "هال-بوب" وعام 1994 عند اقتراب مذنب آخر كان اسمه "شوميكر- ليفى – 9" وهذا الأخير اصطدم بكوكب المشترى وقتها.
بعض الصحفيين بالغوا جدًّا في الإثارة وأشاعوا أن مذنب "إلنين" سيغير محور دوران الأرض ويغير اتجاه المجال المغناطيسى لها ويذيب بعض الثلوج على المريخ ويرسل بعواصف شديدة على زحل ويحدث زلزال بقوة 13 ريختر على كوكبنا. كل هذا ليس علميًّا بالمرة، لأنه وحسب قوانين الفيزياء وقوانين الميكانيكا السماوية المتبعة في إطلاق الأقمار الصناعية منذ الخمسينات وحتى اليوم فإن مذنب "إلنين" بحجمه هذا والمسافة التى سيكون عليها لن يحدث كل تلك الكوارث.
د. عمر فكري
مركز القبة السماوية
مكتبة الإسكندرية