21 أكتوبر 2014
بقلم: د/ عمر فكرى
منذ ما يزيد عن ثلاثة أعوام، بدأ فريق العمل بالقبة السماوية بمكتبة الإسكندرية باقتحام مجال جديد كليًا على العاملين بالقباب السماوية بمصر والعالم العربي؛ بل والشرق الأوسط، وهو إنتاج فيلم علمي يعرض بالقباب السماوية. لتوضيح حجم هذا التحدي، علينا أن نعلم أن إنتاج تلك النوعية من الأفلام يقتصر على عدد محدود جدًا من الشركات والقباب السماوية في كل من أمريكا وبعض الدول الأوروبية، ولا توجد أية دولة في العالم العربي أو في الشرق الاوسط نجحت في إنتاج فيلم من هذا النوع.
وتأتى صعوبة الخوض في هذا المجال من عدم وجود نوعية خاصة من العاملين في هذا المجال من علميين وفنيين ومصممي الجرافيك وأخصائي تحريك المشاهد ونوعية المؤثرات الصوتية المطلوبة للعرض داخل القباب السماوية. فالصورة داخل القبة السماوية أو المشاهد المعروضة بها ليست كتلك التي يتم عرضها على شاشات التليفزيون أو حتى شاشات السينما، فتعرض على شاشة كروية الشكل وعلى هيئة نصف كرة والصوت يأتي مجسدًا ومتوافقًا مع المكان التي تظهر فيه الصورة داخل نصف كرة الشاشة. لهذا فهذه الأفلام مكلفة جدًا عند شرائها عوضًا عن كونها مكلفة جدًا عند إنتاجها.
بذل فريق العمل بمكتبة الإسكندرية جهدًا ووقتًا كبيرين قبل التفكير في خوض هذه التجربة، بدأ فريق العمل بالمشاركة في المحافل الدولية المتخصصة لعرض أفلام القباب السماوية وبخاصة المتقدمة منها والتي يطلق عليها All-Sky منذ من عام 2004 وحتى هذا العام. ومع بداية عام 2011، قرر فريق العمل خوض التجربة فقام الدكتور عمر فكرى؛ رئيس قسم القبة السماوية، بكتابة نص الفيلم وقام بمراجعته العلمية والفنية العالم المصري الكبير الدكتور فاروق الباز والذى أثنى عليه ووافق على الفكرة وقدم لها دعمًا معنويًا وعلميا كبيرًا، كما قام بمراجعته من الناحية التاريخية والتوثيقية العالم الجليل الأستاذ الدكتور مصطفى العبادي؛ أستاذ الأدب اليوناني بجامعة الإسكندرية والأب الروحي لفكرة إعادة إحياء مكتبة الإسكندرية.
تم توزيع الماهم الفنية على شباب مصريين في كل مراحل العمل بالفيلم، ترأس الفريق الأستاذ محمد ابراهيم؛ مشرف وحدة الإنتاج بالقبة السماوية ومعه فريق متكامل من الشباب الواعد والمتحمس للفكرة وبدعم من إدارة المكتبة لمراحل إنتاج هذا الفيلم.
يدور الفيلم حول إيجاد التشابه بين رسالة مكتبة الإسكندرية القديمة ومكتبة الاسكندرية الجديدة، والدور المشترك بينهما في نشر الثقافة والعلوم ونشر روح المعرفة والحوار والتميز في مجالات العلوم. ويلقي الفيلم الضوء على علم الفلك بالتحديد وكيف ساهم كل من مكتبة الإسكندرية القديمة والعلماء الفلكيين بها في إرساء القواعد الأساسية لعلم الفلك؛ مثل هيبارخوس وبطليموس وإيراتوستنيس وأبولونيوس السكندري والعالمة الشهيرة هيباتيا. كما ركز فيلم القبة السماوية على أهم الانجازات الفلكية لكل منهم وتوضيحها بتقنيات ووسائل العرض بالقبة السماوية.
وواجه فريق العمل بالفيلم مشاكل وتحديات متنوعة؛ منها الشكل والهيكل المعماري لمكتبة الاسكندرية القديمة، إذ فوجئ فريق العمل بعدم وجود أي مرجع أو أثر أو حتى مخطوط يوضح كيف كان هذا الصرح العلمي والإنساني الكبير، فتمت الاستعانة بخبراء في فن العمارة القديمة ولا سيما في العصر الذى كانت موجودة به المكتبة القديمة وكذلك الاستعانة ببعض الأعمال الدرامية العالمية الكبرى؛ مثل، أفلام كليوباترا بنسخه المتعددة وفيلم أجورا الشهير الذى تعرض لتوثيق قصة حياة هيباتيا ابنة ثيون السكندري، وكان السبب للرجوع إلى تلك الأعمال هو أنها كانت تقترب توثيقيًا من الشكل الذي كانت عليه المكتبة القديمة.
فيلم "الإسكندرية: مهد علم الفلك" يحتوى على مادة علمية وتاريخية ووسائل ابهار متنوعة، ويصلح للمشاهدة العائلية والطلاب والجمهور العام. ومدة الفيلم 25 دقيقة وهو متاح باللغتين العربية والإنجليزية.