13 سبتمبر 2008
نشرت وكالة الفضاء والطيران الأمريكية "ناسا" صورةً في الأشعة تحت الحمراء لسحابة كونية (سديم) تتلألأ بداخلها عناقيد من النجوم البراقة، حديثة التكوين. تم التقاط الصورة بواسطة التلسكوب الفضائي "سبيتزر" الذي يرصد الكون في الأشعة تحت الحمراء من الفضاء، ويعد هذا التلسكوب من أهم المشروعات العلمية لاستكشاف الكون في الأشعة غير المنظورة.
وتقدم أرصاد "سبيتزر" أدلةً هامةً على كيفية تأثير النجوم اللامعة، الحارة، حديثة التكوين، في داخل السديم المعروف اصطلاحًا باسم W5، إذ يعتقد أن إشعاع هذه النجوم من الضوء والجسيمات يستحث تكون نجوم جديدة، وهو ما يفسر تباين أعمار النجوم التي في هذا السديم، كما يرى الباحث "زافير كونيج"، الباحث الرئيس في الدراسة التي تقدم هذه الصورة.
وتتكون النجوم العملاق في سحب كثيفة من الغاز والغبار الكوني، وتتراوح كتلة هذه النجوم من 15 إلى 60 مرة قدر كتلة الشمس. وهذه النجوم تغمر الفضاء حولها بإشعاع شديد، وبسبب كتلتها الكبيرة، تلفظ الكثير من مادتها الغازية إلى الفضاء حولها في صورة "رياح نجمية". وبمرور الوقت، تعمل الرياح النجمية وإشعاع النجوم على تآكل السديم من الداخل.
وقد اعتقد الفلكيون لفترة طويلة أن تآكل هذه السدم يؤدي إلى تضاغط المادة في بعض أجزائها، ومن ثم تكون نجوم جديدة، ومع استمرار تآكل السديم، تولد أجيال متعاقبة من النجوم. بذلك يصبح في قلب السديم شجرة عائلة نجمية، تنمو قطريًّا، إلى الخارج، تكون فيها أقدم النجوم عمرًا في وسطها، وتليها النجوم الأصغر فالأصغر.
وهناك أدلة على هذه النظرية في الصور التي تلتقط لأماكن ولادة النجوم في مجرتنا. وفي صورة السديم W5، التي التقطها "سبيتزر"، نرى النجوم العملاقة تشع كنقط زرقاء، في داخل فراغين متسعين، والنجوم الأصغر عمرًا تشع بضوء أبيض أو وردي، في مناطق خارج حدود كل من الفراغين، إلا أنه من المحتمل أن هذه النجوم تقع بالقرب من أطراف الفراغين، ولم تتكون بتأثير إشعاع النجوم العملاقة.
ويرى "كونيج" وزملاؤه أنه يمكن اختبار هذه النظرية بدراسة تطور النجوم في السديم W5. وقد فريق "كونيج" التلسكوب "سبيتزر"، الذي يمكنه بواسطة أجهزته الدقيقة الحساسة للأشعة تحت الحمراء أن يرى ما تحجبه السدم، التي تمتلئ بالغبار الكوني، ويمدنا بلمحة عن كيفية نشأة وتطور النجوم. لقد استنتج فريق "كونيج" أن النجوم في داخل الفراغات في السديم W5 أقدم عمرًا من النجوم على أطراف هذه الفراغات وخارجها، وهذا من أفضل الأدلة على أن النجوم العملاقة تستحث تكون أجيال متعاقبة من النجوم.
وتظهر نظريات تطور النجوم أن النجوم ذات الكتلة الكبيرة تتطور بسرعة، وتكون أعمارها قصيرة، لذلك فمن المتوقع أنه خلال عدة ملايين من السنين، وهذه فترة قصيرة بالمقاييس الكونية، ستموت النجوم العملاقة في السديم W5 في انفجارات هائلة، تعرف باسم السوبرنوفا. وعندما تحدث السوبرنوفا، فسوف تدمر بعض النجوم الصغيرة، التي جاءت ولادتها نتيجةً لإشعاع النجوم العملاقة المتفجرة.
ويمتد السديم W5 في السماء بعرض درجتين، أي أن اتساعه الظاهري يزيد أربع مرات على القطر الظاهري للقمر، كما يقدر بعد هذا السديم بحوالي 6500 سنة ضوئية، وهو يقع بين نجوم كوكبة "ذات الكرسي". تم التقاط صورة "سبيتزر" على مدى أربع وعشرين ساعة، والألوان فيها غير حقيقية، فاللون الأحمر يأتي من الغبار الدافئ، والأخضر يعود إلى سحب كثيفة، والبقع البيضاء توجد فيها أحدث النجوم عمرًا، كما تظهر بعض النجوم داخل السديم ووراءه وأمامه كنقط زرقاء.
لمزيد من الاطلاع، يرجى زيارة موقع التلسكوب "سبيتزر" على شبكة الإنترنت:-
SST Website
http://www.spitzer.caltech.edu/Media/releases/ssc2008-15/release.shtml