25 نوفمبر 2008
رسم توضيحي يبين السفينة الفضائية الأمريكية "جونو" لدى وصولها إلى كوكب المشتري العملاق
صورة من: NASA
بدأت وكالة الفضاء الأمريكية "ناسا" مشروعًا استكشافيًّا جديدًا غير مسبوق، سفينة فضائية متطورة، مخصصة لدراسة متعمقة لكوكب المشتري، أكبر الكواكب.
والسفينة الجديدة، التي تعرف باسم "جونو" (الاسم مأخوذ من الأساطير الإغريقية)، ستكون أول مركبة فضائية توضع في مدار قطبي، شديد الاستطالة، حول الكوكب العملاق، لدراسة خصائصه، وتركيبه ونشأته، وتطوره. فكوكب المشتري تغلفه أحزمة من السحب الكثيفة التي تحجب ما وراءها، ولهذا يعتقد العلماء أن المشتري لا يزال يحتفظ بأسرار كبيرة عن نشأة نظامنا الشمسي.
وقد صرح "سكوت بولتون"، الباحث الرئيس في مشروع "جونو" بأنه: "كوكب المشتري نموذج مثالي للكواكب العملاقة في نظامنا الشمسي، وقد تكون مبكرًا جدًّا، ويختلف عن الأرض في أن كتلته الضخمة مكنته من أن يحتفظ بمكوناته الأصلية، وهو ما يمثل وسيلة لتتبع تاريخ نظامنا الشمسي."
ومن المقرر إطلاق "جونو" إلى الفضاء في أغسطس 2011، من قاعدة "كيب كانافرال" في ولاية فلوريدا الأمريكية، وأن يكون موعد الوصول إلى كوكب المشتري في 2016. ولدى وصول "جونو" إلى المشتري، سوف تبدأ في الدوران حوله، وتكمل 32 دورةً، تقوم فيها بعمل مسح للكوكب من على ارتفاع 4800 كم فوق قمم سحب المشتري، لمدة عام تقريبًا.
و"جونو" تستمد الطاقة اللازمة لها من خلال ألواح توليد الطاقة الشمسية، وهي بذلك أول مركبة فضائية تعمل على بعد كبير من الشمس، وتشغل أجهزتها بواسطة الطاقة الشمسية، رغم أن كوكب المشتري يبعد حوالي 700 مليون كم عن الشمس (حوالي خمس مرات قدر بعد الأرض عن الشمس). ويضيف "بولتون": "لقد صممت "جونو" لتستغل طاقتها بكفاءة عالية."
وتحمل "جونو" كاميرا وتسعة أجهزة علمية أخرى، لدراسة عالم المشتري الذي يحجبه السحاب الملون الجميل، الذي يطفو في جو المشتري العاصف. وهذه المجموعة من الأجهزة العلمية سوف تبحث وجود نواة صلبة من الصخور والجليد في باطن المشتري، وترصد المجال المغناطيسي القوي للكوكب، وكذلك السحب في الطبقات السفلى من جوه، وتستكشف الأضواء القطبية، التي تتوهج في القطب الجنوبي للمشتري.
وقد صرح الأستاذ الدكتور "توبي أوين" من جامعة هاواي أنه: "في الأساطير الإغريقية الرومانية، كانت "جونو" زوجة لجوبيتر (المشتري)، وكانت تراقب خلال السحب سلوك زوجها المزعج. ستقوم سفينتنا "جونو" بالتحديق خلال سحب المشتري، لتعرف خصائص الكوكب، لا لتراقب سلوكه الغريب، ولتبحث عن أي أثر للماء، أصل الحياة."
ويرى العلماء أن فهم عملية تكون كوكب المشتري، أمر جوهري لفهم تطور النظام الشمسي كله، وكوكبنا بصفة خاصة. ويماثل التركيب الكيميائي للمشتري تركيب الشمس، الذي يتكون معظمه من غاز الهيدروجين وغاز الهليوم، أما العناصر الكيميائية الأثقل من الهيدروجين والهليوم، فتمثل نسبةً ضئيلةً من مكونات المشتري، إلا أنها أكبر من نظيرتها في الشمس.
ويضيف الباحث "ديف ستيفنسون" من معهد كاليفورنيا للتكنولوجيا أنه: "قدرة "جونو" الفائقة على قياس مجال الجاذبية والمجال المغناطيسي للمشتري سوف تمكننا من فهم حقيقة ما يجري في باطن الكوكب. وستدلنا قياسات "جونو" على كيفية توزيع مكونات المشتري، ونشأة الكوكب، وتطوره، وهذا موضوع جوهري في فهمنا المتنامي لطبيعة النظام الشمسي."
وفي أعماق الغلاف الجوي للمشتري، وتحت ضغط سحيق، ينضغط غاز الهيدروجين إلى مائع يسمى "الهيدروجين الفلزي". في هذه الأعماق البعيدة، يصبح الهيدروجين موصلاً للكهربية، ويعتقد أن هذا الطور من الهيدروجين هو مصدر المجال المغناطيسي المعقد للمشتري. يعتقد أيضًا أن المشتري له قلب صلب من الصخور.
ويرى "جيمس جرين" مدير قسم الكواكب في "ناسا" أنه: "تمثل "جونو" فرصةً رائعةً لتكوين صورة للتركيب الداخلي للمشتري، بطريقة لم تكن متاحة من قبل. إنها ستمكننا من أخذ خطوة عملاقة إلى الأمام في دراستنا للكواكب العملاقة، ودورها في تكون النظام الشمسي."
وتعد "جونو" ثاني سفينة في برنامج "ناسا" المعروف باسم "حدود جديدة"، والسفينة الأولى كانت "نيوهورايزونس"، التي أطلقت صوب الكوكب القزم بلوتو في يناير 2006، ومن المتوقع أن تصل إلى هدفها البعيد في 2015. يشمل هذا البرنامج مشروعات تمثل أولويات في استكشاف النظام الشمسي لعقد كامل.
لمزيد من الاطلاع، يرجى زيارة الموقعين التاليين على شبكة الإنترنت:-
NASA
www.nasa.gov/
Juno
http://juno.nasa.gov