في 16 يوليو الجاري، دخلت السفينة الفضائية دون، التابعة لوكالة الطيران والفضاء الأمريكية ناسا، في مدار حول الكويكب فيستا، أكبر الكويكبات المعروفة، لتصبح أول مركبة فضائية تدور حول كويكب. وقد كانت دون على مسافة 16 ألف كم من فيستا، عندما أسرها هذا الكويكب العجيب بجاذبيته في مدار حوله.
وقد أرسلت دون إلى العلماء، الذين كانوا يتابعون الحدث التاريخي، أول صورة مقربة واضحة لفيستا، الذي كان يبعد في ذلك الوقت نحو 190 مليون كم من كوكب الأرض. وهذه الصورة تبين تضاريس فيستا، وهي أول صورة دقيقة لهذا العالم الصغير، منذ اكتشافه في عام 1807م. وفي أثناء اقترابها من فيستا، التقطت دون صورًا أخرى لفيستا، لكنها أقل جودة.
والكويكبات أجرام صخرية صغيرة تدور حول الشمس، ويشغل معظمها منطقة تمتد بين مداري كوكب المريخ وكوكب المشتري، تعرف باسم نطاق الكويكبات. ويعتقد العلماء أن الكويكبات مادة خام كونية، تخلفت من عملية تكون النظام الشمسي، ولم يطرأ عليها تغير كبير حتى الآن، لهذا يأمل العلماء بدراستها تحقيق فهم أفضل لنشأة وتطور النظام الشمسي.
والكويكب فيستا (قطره 530 كم) هو ثاني أكبر الأجرام في نطاق الكويكبات، إذ يتواجد جرم أكبر حجمًا، هو الكوكب القزم سيريس (قطره 930 كم تقريبًا)، وبذلك تكون دون أيضًا هي أول مركبة تدور حول جرم من نطاق الكويكبات. ومن المثير، أن فيستا مصدر محتمل لعدد كبير من النيازك التي تسقط على الأرض. يدور فيستا حول الشمس مرةً كل 3.6 سنةً، على مسافة متوسطة تبلغ حوالي 353 مليون كم.
وقد صرح كريستوفر راسل، الباحث الرئيس في برنامج دون، قائلاً: "نحن نبدأ دراسة ما يعتقد أنه أقدم سطح في النظام الشمسي. هذه المنطقة في الفضاء تم تجاهلها لفترة طويلة. وحتى الآن، فإن الصور التي تلقيناها تبين سطحًا معقدًا، يبدو أنه احتفظ ببعض أقدم الأحداث في تاريخ فيستا، بالإضافة إلى أنه يسجل سقوط النيازك على فيستا خلال الحقب الماضية".
ويصف المهندس الرئيس في مشروع دون، مارك رايمان، مناورة الدخول في مدار فيستا قائلاً: "لقد دخلت دون مدارها برفق، وبنفس الرشاقة التي اتصفت بها خلال السنوات التي قضتها في الفضاء بين الكوكبي التي امتدت لسنوات، معتمدةً على الدفع الأيوني. إنه أمر مثير بشدة أننا سوف نبدأ في إمداد الإنسانية بأول صور دقيقة لأحد آخر العوالم التي لم تستكشف بعد في النظام الشمسي الداخلي".
ومن المقرر أن تبدأ المهمة العلمية لدون في شهر أغسطس القادم. ومن المتوقع أن الأرصاد غير المسبوقة التي ستوفرها دون ستقدم فهمًا جديدًا لنشأة النظام الشمسي، كما أنها ستمهد الطريق لرحلات تحمل رواد فضاء، في المستقبل.
ولقد حلقت دون في الفضاء لما يقرب من أربع سنوات، قطعت خلالها 2.8 بليون كم، اعتمادًا على المحركات الأيونية التي تولد الدفع عن طريق نفث أيونات غازية إلى الفضاء، وتحقق سرعات قياسية للسفن الفضائية، لا توفرها أنواع المحركات النفاثة الأخرى.
وبعد نجاحها في الدوران حول فيستا، سوف تقترب دون أكثر من هذا الكويكب، للبحث عن أقمار محتملة له. وسوف تقوم أيضًا بالتقاط الصور، من أجل أغراض ملاحية، وتجري قياسات لخصائص فيستا الطبيعية، والحصول على بيانات هامة أخرى. وبالإضافة إلى ذلك، سيقوم فريق دون بقياس شدة جاذبية فيستا وتأثيرها على حركة دون، من أجل حساب كتلة فيستا بدقة. وستستمر دراسة دون لفيستا لمدة عام، تغادر بعدها مدارها حول فيستا، لتطير إلى هدفها التالي، الكوكب القزم سيريس، لتصل إليه في فبراير 2015.
المراجع:-
NASA
www.nasa.gov/
Official Dawn Mission Website
http://www.nasa.gov/dawn
http://dawn.jpl.nasa.gov