تفاصيل المتحدث
بروفيسور
سحر سالم
كلية الآداب، جامعة الإسكندرية
مصر
عرض الملخص:
أضواء على صناعة الوراقة الإسلامية ما بين بلاد الرافدين ومصر في القرن السابع الهجري: استخدم المصريون منذ أقدم العصور لفائف البردي لتدوين تراثهم في حين استخدم العراقيون القدامى ألواحًا طينية في الكتابة والتدوين. أما اليونان فدونوا على الألواح كتاباتهم ثم استخدم البطالمة البرديات خاصة بعد تأثرهم بالحضارة المصرية القديمة. احتوت مكتبة الإسكندرية آنذاك على الآلاف المؤلفة من اللفائف البردية، وفي العصر البيزنطي دونت الكتب في مصر على الرق إلى جانب استمرار استخدام البردي في تدوين الأفكار الإنسانية. حفظ الرسول (ص) الآيات القرآنية الكريمة في أعقاب نزولها عليه على صورتين وقد تمثلت الصورة الأولى في حفظها في صدور الصحابة والمسلمين الأوائل الذين عرفوا تاريخيًّا بحفاظ القرآن، أما الصورة الثانية فكانت من خلال أمر الرسول (ص) بتدوين الآيات الكريمة على بعض المواد التي كانت مستخدمة في الكتابة في الجزيرة العربية آنذاك كعسب النخيل وعظام الحيوانات، وقد حفظت هذه المواد التي تحمل آيات القرآن الكريم في دار السيدة حفصة ابنة عمر بن الخطاب. وعندما أمر الخليفة الراشد أبو بكر الصديق بجمع القرآن الكريم بشهادة الشهود وطبقًا لترتيب نزول الآيات المقدسة على رسول الله (ص)، فقد أعاد أبو بكر بذلك تدوين آيات القرآن الكريم التي كان الرسول قد حفظها بالصورتين السابقتين، بين لوحين في أعقاب استشهاد عدد كبير من الحفاظ في حروب الردة، ولكن هذه المرة على مادة واحدة وهي رق الحيوان، وكانت مرتبة طبقًا لتوال نزولها على النبي. وعرف هذا القرآن بالمصحف ثم قام الخليفة الراشد الثالث عثمان بن عفان بإعادة تدوين المصاحف بلهجة قريش في فترة خلافته (24-75)، وكانت أيضًا المصاحف العثمانية مدونة على الرق. وقد ازدهرت حركة التأليف والكتابة الإسلامية والنسخ ازدهارًا كبيرًا خلال القرنين الثالث والرابع الهجريين (التاسع والعاشر الميلاديين) بدفع وإمداد من ظهور صناعة جديدة ساهمت في إنماء نشر الفكر الإسلامي وهي صناعة الورق، التي ظهرت في بغداد بدءً من عصر هارون الرشيد، وترتب على هذه الصناعة ظهور طبقة جديدة في المجتمع الإسلامي هي طبقة الوراقين التي أصبحت تمارس صناعة الوراقة التي عرفها ابن خلدون بأنها تشتمل على عملية الانتساخ أو النسخ والتصحيح والتجليد وسائر الأمور الكتابية والدواوين، وعلى هذا النحو فقد اتسعت كلمة وراقة فأصبحت تطلق في بغداد على من يصنع الورق أو يبيعه، أو يقوم بالاستنساخ وأصبح الوراق هو من يكتب المصاحف وكتب الحديث وغيرها من الكتب أو يبيع الورق وكانت بغداد في بدايات القرن الثالث الهجري من أهم مراكز صناعة الورق من الألياف والقطن والعنب والخرق البالية، واشتهر الورق العراقي ولاسيما البغدادي منه الذي كان من أجود أنواع الورق وأكبره سعة، وكان مخصصًا لكتابة المصاحف ولا يستعمل فيما عدا ذلك سوى في مكاتبة كبار الملوك، كما عرف الورق الشامي ولكنه كان دون البغدادي في الجودة على حد ما ذكره القلقشندي وكان من بين أنواع الورق الشامي ما يعرف بالحموي. ولا يعني أن الورق قد بدأ ظهوره في أواخر القرن الثاني للهجرة أن استخدام البرديات في الكتابة خاصة في مصر الإسلامية قد توقف آنذاك فقد استمر استخدام هذه المادة في التدوين في مصر فترة طويلة غير أن رياح التغيير والتطوير قد بدأت تهب فحل الورق وحلت الحرفة المترتبة على ظهوره وهي الوراقة محل صناعة البردي في مصر بمرور الأيام. ومما سبق يتبين أن مهنة الوراقة في العصر الإسلامي أصبحت تعادل مهنة الطباعة والنشر في العصر الحديث؛ ولهذا فإنه لزامًا علينا إذا ما أردنا أن نتناول هذه المهنة في كل من بلاد الرافدين ومصر في القرن السابع الهجري، أن نتعرض أيضًا إلى كل ما له علاقة بها؛ لذلك فسوف نسير كذلك إلى كل من الخط والخطاطين والكتاب والمزخرفين إلى جانب الوراقين الذين تخصصوا في صناعة الورق في هذا القرن في هذه الدراسة. وعلى هذا النحو فسوف نقسم هذا البحث إلى ثلاثة محاور رئيسية وهي: 1. تطور مهنة الوراقة وفن الخط وأشهر الخطاطين والكتاب في بلاد الرافدين منذ القرن الثالث الهجري. 2. الوراقة ومدارس الخط في مصر منذ القرن السابع الهجري. 3. أشهر الكتاب والخطاطين والوراقين في مصر في القرن السابع.
الحالة: مؤكد