ينظم هذه المحاضرة متحف الآثار بمكتبة الإسكندرية. وسوف يلقي المحاضرة الدكتور محمد رأفت عباس؛ مدير عام إدارة البحث العلمي بمنطقة آثار الإسكندرية٬ وزارة الآثار .يتناول الباحث الجيش المصري القديم كأقدم وأعرق مؤسسة عسكرية في التاريخ؛ حيث كان ذلك الجيش هو الدرع الحصين لمصر القديمة ولحضارتها الشامخة في مواجهة كل من تسول له نفسه الاعتداء على حدودها المقدسة، والحامي لأمن مصر من أي تهديد قد يواجهها، بل كان هذا الجيش في كثير من الأحيان هو المنقذ لحضارة الشرق الأدنى القديم بأكمله من الغزوات البربرية والهمجية المدمرة التي كانت تهدد حضارات تلك المنطقة، والتي كانت تقـوم بها شعوب متخلفة حضاريًّا بغــرض الاستيطان والنهب والسلب. وقد أجمع المؤرخون على أن الجيش المصري خلال عصر الدولة الحديثة أو عصر الإمبراطورية المصرية (1550 – 1069 ق.م.) كان بمثابة أكبر قوة عسكرية ضاربة في التاريخ القديم؛ حيث استطاع ذلك الجيش تكوين إمبراطورية مصر الكبرى خلال تلك الحقبة في أعقاب تحرير مصر من الهكسوس وطردهم، بعد أن قام بفرض قوة ونفوذ وهيبة مصر السياسية والحربية الواسعة لتشمل تلك الإمبراطورية سوريا وفلسطين شمالاً٬ وبلاد النوبة حتى الجندل الرابع جنوبًا؛ بفضل انتصارات الجيش المصري هناك. وخاض الجيش المصري خلال تلك الحقبة عشرات المعارك الحربية الشرسة في آسيا والنوبة والصحراء الغربية ضد كل القوى والإمبراطوريات الكبرى في المنطقة؛ من أجل حماية أمن مصر واستقرارها وتوطيد نفوذها السياسي في الشرق الأدنى القديم. وقد أمدتنا نصوص عصر الدولة الحديثة بمعلومات غزيرة عن تاريخ وتنظيم الجيش المصري خلال تلك الحقبة وعن المعارك الحربية الشهيرة الحاسمة التي خاضها ذلك الجيش؛ كموقعة مجدو في عهد الملك تحتمس الثالث، وموقعة قادش في عهد الملك رمسيس الثاني، وحروب الملك رمسيس الثالث ضد الليبيين وشعوب البحر.
تناقش هذه المحاضرة نشأة الجيش المصري وخصائصه المختلفة؛ كالتنظيم العسكري والإداري ونظم التسليح والتدريب وأشهر القادة العسكريين، بالإضافة إلى إلقاء الضوء على المعارك الحربية الكبرى والحاسمة التي خاضها الجيش المصري في منطقة الشرق الأدنى بداية من حرب التحرير المجيدة ضد الهكسوس، ثم ما أعقبها من معارك كبرى هدفت إلى تأسيس مناطق النفوذ السياسي والعسكري للإمبراطورية المصرية في سوريا وفلسطين أو التي هدفت إلى الدفاع عن حدود مصر المقدسة أمام الغزوات المختلفة الطامعة في أرضها.