"البحر المتوسط ..مساحة للأديان" الندوة الأخيرة في سلسلة محاضرات فكر في البحر المتوسط

تاريخ النشر

الإسكندرية— نظم مركز دراسات الإسكندرية والبحر المتوسط التابع لمكتبة الإسكندرية، مساء أمس، الأحد، الموافق 6 مايو 2007، محاضرة بعنوان "البحر المتوسط: مجمع الديانات"، والتي كانت مسك الختام لسلسلة ندوات "فكر في البحر المتوسط"، والتي بدأت في مايو من العام الماضي، وجمعت حتى الآن خمسة عشر مختصاً في تاريخ وثقافة البحر المتوسط.

وقد قدم للندوة الدكتور محمد عوض، مدير مركز دراسات الإسكندرية والبحر المتوسط، الذي أعلن عن تنظيم المركز لسلسلة أخرى من الندوات في العام المقبل، وذلك نظراً للنجاح الكبير الذي حققته هذه الندوات. دارت الندوة حول التفاعل بين الديانات السماوية الثلاثة في ثقافات حوض البحر المتوسط، وقد أدارها الدكتور هشام صادق، أستاذ القانون الدولي بجامعة الإسكندرية، الذي قدم بدوره المتحدثان الدكتور حبيب طاوا، المولود بالإسكندرية والحاصل على شهادة الدكتوراه في مصر الحديثة من جامعة السوربون، وكارميلو جيوسيبي كونيتشيلو، الباحث بمركز دراسات ديانات الكتاب التابع للمركز الوطني الفرنسي للبحث العلمي.

وقد انشطرت الندوة إلى جزأين تحدث في القسم الأول الدكتور حبيب طاوا الذي ألقى محاضرة بعنوان "البحر المتوسط: مجمع الديانات"، ناقش خلالها التفاعل بين الديانات السماوية الثلاثة خلال تاريخ البحر المتوسط بداية من الإمبراطورية الرومانية وحتى العصر الفاطمي بمصر، محللاً تاريخ البحر المتوسط في إطار عالمي. وقد بدأ بتحليل مصطلح البحر المتوسط مساحة للأديان، على أن المتوسط مساحة بحرية تفصل بين الأديان، وأرجع كلمة الدين بالفرنسية إلى أنها الرابطة أو العروة أي أنها تعني التقارب وإقامة العلاقات بين المجتمعات والترابط بين الأديان.

ويضيف طاوا أنه إذا تم تناول المسألة الدينية، ففي معظم الخرائط سنلاحظ أن المسيحية قد انتشرت بداية من الشرق إلى الغرب وذلك على مرحلتين وكانت القدس والإسكندرية مركزاً لها، كما أن الديانة اليهودية بدأت من الشرق حيث انتشرت في أوروبا والبحر المتوسط، وأخيراً عندما طرد اليهود من إسبانيا عادوا من خلال المتوسط. أما الإسلام فقد بدأ أيضاً من الشرق ولكن خارج المتوسط، حيث نشأ على البحر الأحمر ثم امتد حتى الأندلس عبر المتوسط.

وقد خلص حبيب طاوا إلى أن البحر المتوسط كان شاهداً على الأديان السماوية الثلاثة وكان له تأثيراً على انتشارها، مشيراً إلى أن المتوسط من الناحية الجغرافية والجيولوجية قد عبر عن الأديان عبر التاريخ.

بينما ألقى الدكتور كونتيتشيلو في القسم الثاني من الندوة محاضرة مميزة بعنوان "الديانات الثلاثة الموحدة في صقلية من القرن السابع إلى القرن العشرين: تقييم ونظرة مستقبلية"، ركز فيها على الدور التاريخي لجزيرة صقلية كملتقى للديانات السماوية الثلاثة، وكمثال يحتذى به في التعايش ويحتاج للدراسة في إطار التوتر الذي يشهده عصرنا.

في البداية أشار إلى أن الإسكندرية ظلت وستظل رمزاً للكوزموبوليتانية وحلم لكل الغربيين. ومن منطلق تاريخي، تحدث كونتيتشيلو عن صقلية وأنها جزء من إيطاليا منذ عام 1945 ولها طابع ثقافي خاص يميزها، وأوضح أن سكان جزيرة صقلية يشكلون مجتمعاً معقداً ومركباً بسبب الحروب والغزوات المتعددة التي مروا بها. وأضاف أنه عندما طرد اليهود عام 1492 في إطار الغزو الإسباني شهد التاريخ الصقلي مرحلة جديدة وعلى مدى 5 قرون عاشت صقلية منغلقة على نفسها دون أي اتصال بالخارج.

وقد شهدت الجزيرة انفجاراً ثقافياً من خلال ثلاث مراحل كانت المرحلة الأولى هي الطابع اليوناني تلتها المرحلة الثانية ذات الطابع البيزنطي المميز، أما المرحلة الثالثة فهي التي شهدت السيطرة العربية والتي استمرت 250 عاماً. وأشار الدكتور كونتيتشيلو إلى أن التأثير الإسلامي يظهر بشكل طاغي في الجزء الغربي من الجزيرة وبالأخص في منطقة وادي ديمونيه، حيث اعتنق 50 % من السكان الإسلام، وقد ساد التسامح بين المسلمين والمسيحيين استمر كذلك خلال الحقبة النورماندية.

وقد شهدت الندوة عدة مداخلات وتعقيبات من الحضور حول مفهوم التسامح والعلاقة بين الأديان وثقافة البحر المتوسط التي تصل بين ضفتيه الشمالية والجنوبية.


شارك

© مكتبة الإسكندرية