مؤتمر "التشاور الإقليمي لدول شمال أفريقيا" يبدأ اجتماعاته اليوم بمكتبة الإسكندرية
تاريخ النشر
الإسكندرية في 15 ديسمبر–
بدأت اليوم فعاليات مؤتمر "التشاور الإقليمي لدول شمال أفريقيا" الذي تنظمه مكتبة الإسكندرية خلال الفترة من 14-16 ديسمبر الجاري بالتعاون مع منظمة LEAD) Leadership for environment and development)، تحت رعاية المفوضية الخاصة بشئون أفريقيا، وذلك بحضور كل من السيد بول بوتنج، سكرتير أول الخزانة في المملكة المتحدة، والدكتور يوسف بطرس غالي، وزير المالية المصري، والسيدة جوليا مارتون ليفيفر، رئيسة منظمة LEAD ، والسيدان محمد هشاشي وإبراهيم حسن، ممثلي منظمة النيباد NEPAD (الشراكة الاقتصادية الجديدة للتنمية في أفريقيا)، والدكتور إسماعيل سراج الدين، مدير المكتبة.
بدأت الجلسة الافتتاحية بكلمة الدكتور إسماعيل سراج الدين والتي عرض فيها لعدد من المشكلات التي تواجه القارة الأفريقية والتي من بينها الفجوة التي تولدها العولمة بين العالم المتقدم وأفريقيا وأشار أيضاً إلى مشكلة الثروة الغذائية، ودور النساء الأفريقيات بها حيث ينتجون 80% منها ولا يحصلون إلا على 10% من الأجور واقل من 1% من ملكية الأراضي الزراعية، كما أن الأراضي تزرع بالوسائل البدائية، وأكد الدكتور سراج الدين في هذه النقطة على ضرورة تغيير تقنيات الزراعة البدائية لتفادي الوصول إلى مرحلة من الفصل العنصري التكنولوجي الأمر الذي سيؤدي إلى استمرار المجاعات، كما أكد على ضرورة الاهتمام بمجال الهندسة الوراثية في الزراعة الأمر الذي سيولد ثورة على المجاعات ونقص الغذاء في أفريقيا. كانت الحروب والتنمية هي النقطة التالية في كلمة الدكتور سراج الدين والتي أشار فيها أن الحروب والتنمية خصمان لا يلتقيان وأن ما يخصص لحروب حول العالم يزيد 15% عما يخصص للتنمية، مؤكداً على أن الحروب تترك جراحاً في المجتمع ما بين الألغام والأطفال الذين يتحولون في سن صغير إلى جنود.
وفيما يتعلق بالمديونية والقروض أشار الدكتور سراج الدين أن دور القطاع الخاص والاستثمار الأجنبي المباشر محدود للغاية ولابد من زيادتها لزيادة الاعتماد عليها في عملية التنمية وخاصة في مجال الوظائف وفرص تمويل المشروعات الصغيرة التي من شأنها أن تعالج مشكلات المجتمعات المهمشة. جاء بعد ذلك مشكلات البيئة في أفريقا والتي من أبرزها تلوث الهواء والنظم الايكولوجية التي تؤدي إلى تآكل الأرض وقلة الطاقة التخزينية للمياه.
كما أوجز الدكتور سراج عدد من المشكلات منها رأس المال البشري والايدز وحقوق الإنسان والثقافة والتي من أهم طرق حلها تأمين المزيد من الاهتمام للنظام التعليمي وخطط التشغيل والحكم الصالح أو الرشيد وتمكين المرأة وأخيراً الاهتمام بالتأكيد على الهوية الثقافية الأوروبية مع ربطها بالهويات الثقافية الخارجية. وحول دور العلم في المجتمعات الأفريقية أنهى الدكتور إسماعيل سراج الدين كلمته مؤكداً على أن العلم ضرورة قصوى للمجتمعات النامية وليس من قبيل الرفاهية أو الكماليات.
قدم بعد ذلك السفير محمد هشاشي والسفير إبراهيم حسن ممثلي منظمة NEPAD نبذة عن نشأة المنظمة وأهدافها ومبادئ أعمالها حيث ذكرا أن المنظمة تهدف لوضع إطار ورؤية إستراتيجية تهدف إلى مستقبل جديد لأفريقيا، من خلال مبادرة عام 2001 التي قام بها رؤساء خمس دول افريقية هي مصر والجزائر والسنغال ونيجريا وجنوب أفريقيا، وذلك لمقابلة التحديات الراهنة التي تواجه القارة الأفريقية من تزايد في معدلات الفقر والتهميش المستمر لأفريقيا، وأشار السفير إبراهيم حسن إلى أن منظمة النيباد تسعى للقضاء على الفقر ووضع الدول الأفريقية على طريق النمو والتنمية المستدامة ووضع حد لتهميش أفريقيا في ظل العولمة وتعزيز اندماجها الكامل في الاقتصاد العالمي و التعجيل بتمكين المرأة كل ذلك من خلال مجموعة من المبادئ التي تقرها المنظمة مثل الحكم الصالح كأساس ضروري للسلام والأمن والتنمية المستدامة في المجالات المختلفة، وتأسيس التنمية على أساس الموارد الأساسية لأفريقيا من ناحية وقدرات الشعب الإفريقي من ناحية اهرى، والتكامل الإقليمي للقارة الأفريقية، وأخيراً التأكد من أن جميع مشروعات الشراكة مع نيباد ترتبط بالأهداف الإنمائية للألفية الثالثة. وفي نهاية رد السفير إبراهيم عن تساؤلاً كثيراً ما يثار في الأوساط الدولية عن توقع نجاح منظمة النيباد فيما فشلت فيه مبادرات الإصلاح السابقة، حيث أكد أن مبادرة النيباد لابد لها من النجاح لأنها تعتمد على عدد من الركائز من أهمها الملكية الأفريقية للمبادرة، وجود الإرادة السياسية للتنمية من خلال رؤساء الدول الذي طرحوا المبادرة، وشمولية المبادرة حيث أنها لا تهتم بقضايا التنمية الاقتصادية والاجتماعية فقط ولكنها تهتم ابيضا بحقوق الأنسأن والديمقراطية والبيئة والزراعة والتعليم وغيرها من الموضوعات الأساسية لتنمية أي مجتمع نامي، أيضاً من ركائز نجاح المنظمة وجود مفهوم المشاركة بين الحكومات والمجتمع المدني و المساندة من قبل المجتمع الدولي مثل منظمة الأمم المتحدة والدول الصناعية الثمانية و المنتدى الصيني الأفريقي.
تلى ممثلي منظمة النيباد بعد ذلك السيد سيمون ميلز الذي عرض لرؤية وأهداف المفوضية الخاصة بشئون أفريقيا حيث ذكر أن المفوضية هي لجنة مستقلة جاءت مبادرة من السيد توني بلير رئيس الوزراء البريطاني لإعادة النظر فيما يمكن أن يقدمه المجتمع الدولي لمساندة التنمية في أفريقيا، كما عرض السيد ميلز لأهم الأهداف التي تسعى المفوضية إلى تحقيقها والتي من أهمها صياغة أفكار جديدة وخطط عمل من اجل بناء أفريقيا قوية ومزدهرة، ومساندة مشروع الشراكة الجديدة لتنمية أفريقيا NEPAD والتحاد الأفريقي، وتقديم منظور جديد وإيجابي لرؤية أفريقيا وللنظر إلى ثقافاتها المتعددة ليتمكن هذا المنظور من مواجهة التحديات المتمثلة في المفاهيم المغلوطة عن أفريقيا.
أما السيدة جوليا مارتون لوفيفر رئيس منظمة LEAD فقد تحدثت عن دور المنظمة حيث ذكرت أنها تسعى لتكوين شبكة من الأفراد الذين يهتمون بالتنمية المستدامة ليقوموا بدمجهم في برنامج تدريبي يعزز تفهمهم لقضايا التنمية، وأشارت إلى أن المنظمة تشمل الآن حوالي 1400 عضو من 80 دولة يعملون على 14 برنامج تنموي من بينهم ثلاثة برامج لقارة أفريقيا، وأكدت السيدة لوفيفر في آخر كلمتها أن المنظمة تنظر للقارة الأفريقية على أنها فرصة جيدة للعمل وتحقيق الأهداف.
كما تحدث السيد بول بوتينج سكرتير أول الخزانة في المملكة المتحدة، عن أهمية أن تحدد أفريقيا مصيرها وتتولى مسئولية مستقبلها التنموي وأن تعمل بإصرار لمواجهة الأوضاع المتردية داخلها، وأكد أن المملكة المتحدة ستوفي بالتزاماتها لعمل اتفاقيات بين الدول النامية وأفريقيا للحد من الفقر والقضاء على الفساد وأشار إلى أن السيد رئيس الوزراء البريطاني ومجموعة الثمانية يدركون مسئولية مفوضية شئون أفريقيا لدعم المؤسسات وحركات الإصلاح في أفريقيا. وبادر السيد بوتينج إلى القول بأن إلى أن هناك أكثر من 50 دولة وافقت على الاشتراك في مشروع صندوق تمويل عبارة عن سندات مالية بقيمة 50 بليون جنيه إسترليني سنوياً توجه أرباحه لمشروعات التنمية في أفريقيا في مجالات التعليم والصحة والتجارة الخارجية، وفي آخر الكلمة أكد السيد بول بوتينج على أنه بالالتزام والإصرار يمكن تحقيق أي هدف يوضع لتقدم هذه القارة العريقة التي كانت مهداً للعديد من الحضارات.
واختتمت الجلسة الافتتاحية للمؤتمر بكلمة الدكتور يوسف بطرس غالي، وزير المالية المصري، التي جاء فيها أن مصر ساعدت العديد من الدول الأفريقية في الخمسينات في حركات تحررها مما أدى إلى تملكها علاقات قوية مع هذه الدول، كما أنها ترتبط مع باقي أفريقيا بنهر النيل الذي يعتبر المحفز الأول للبشرية في المنطقة. وأكد الدكتور غالي أن أمام المشكلات والمآسي التي تواجهها أفريقيا لا يجب أن نشعر بالإحباط ولكن يجب أن يرتفع لدينا حس المسئولية من ناحية وإعطائنا الفرصة لممارسة أخطاؤنا بذاتنا من ناحية أخرى لنتعلم من هذه الأخطاء ولتدفعنا في طريق التنمية, وأكد أنه ليس من الخطأ أن نستفيد من تجارب الآخرين ولكن لابد أن تكون هذه التجارب قابلة للتطبيق في ظل الظروف التي تواجهها القارة الأفريقية.
|
|
د. إسماعيل سراج الدين أثناء كلمته |
السادة المشاركين في الجلسة الإفتتاحية للمؤتمر |