مشروعات الترجمة في العالم العربي

عبر مسيرة الحضارات، كانت الترجمة جسرًا أساسيًّا لنقل المعرفة والعلم بين الشعوب، فقد كانت خطى التطور بكل مستوياته، تمضي من خلال حركات ترجمة كبرى، تنقل للشعوب الفتية الناهضة خلاصة ما توصّلت إليه الحركة العلمية والفنية والفكرية للشعوب الأسبق منها، والتي قطعت شوطًا أكبر على درب التقدم. فالتاريخ يؤكد أن الحضارة البابلية والآشورية والمصرية، تبادلت عبر الترجمة بعض الوثائق والقوانين بالإضافة إلى المؤلفات الفكرية والأدبية، ثم ترجمت الحضارة اليونانية من كل تلك المعارف وغيرها من إبداعات الحضارات الشرقية القديمة، حين كانت ترسل طلابها إلى مصر، وتحديدًا إلى مكتبة الإسكندرية القديمة التي لعبت دورًا تاريخيًّا في عملية الترجمة، لأنها كانت أول مركز علمي وأدبي في التاريخ الإنساني استقطب كبار العلماء وطلاب العلم النابهين من مختلف دول العالم آنذاك، وتفاعل فيها الطلاب مع أساتذتهم، فتمت في المكتبة عمليات ترجمة رائدة لأمهات الأدب الإغريقي، وأيضًا تمت فيها ترجمة العهد القديم لليونانية، كما تبلور التلاقح بين الحضارة اليونانية القديمة والحضارة الفرعونية خصوصًا والشرقية عمومًا؛ فيما عُرِف بالحضارة الهلينستية.

لقد أرسى أرستوفانيس (وهو المدير الرابع لمكتبة الإسكندرية القديمة) نموذجًا جديدًا للدراسات الأدبية الكلاسيكية، بحيث أصبح النقاد يحتذونه من بعده. وقد خلفه في رئاسة المكتبة تلميذه الناقد أرستارخس الذي تخصص في دراسة هومر على نهج أستاذه، حتى استحق لقب "الهومري"، وكان له دور مع أستاذه أرستوفانيس في ترتيب شعراء اليونان الكلاسيكيين في طبقات بحسب درجة إجادتهم، لكنه أضاف إلى ذلك شروحه ودراساته النقدية عنهم، والتي كان تلاميذه يتداولون دراستها ومناقشتها فيما يشبه احتفاليات شعرية مستمرة تتناول أعمال الشعراء الكلاسيكيين الكبار. هذه الأنشطة المتنوعة كلها تأسست على دراسة اللغة اليونانية والترجمة منها وإليها.
ويستمر تقدّم الإنسان، وتجني الحضارة الرومانية من ثمرات الترجمة بدورها، حتى تأتي الحضارة الإسلامية فتقدّم للإنسانية إنجازًا فائق الأهمية، باستيعاب وحفظ الحضارات القديمة، مع التفاعل معها شرحًا واستكمالاً وإضافةً؛ وكان ذلك الأساس الذي بنَتْ عليه أوروبا نهضتها الحديثة. وهذا ما يحتّم تطوير حركة ترجمتنا المعاصرة، بحيث تواكب التقدم العالمي المحموم على جميع الأصعدة؛ فذلك هو المدخل الأهم للّحاق بركب الحضارة العالمية المنطلقةإلى المستقبل


أولاً: الترجمة في العصر الإسلامي الذهبي
احتك العرب قبل الإسلام بالشعوب المحيطة بهم، وهي الروم في الشمال، والفرس في الشرق، والمصريون في الغرب، والأحباش في الجنوب. ومن الصعب تصور قيام هذه الصلات الأدبية والاقتصادية دون وجود ترجمة، وإن كانت في مراحلها البدائية. كما لا نعدم بعض إرهاصات للترجمة في صدر الإسلام، فقد حث النبي -صلى الله عليه وسلم- الصحابي الجليل زيد بن ثابت على تعلم السريانية، فأجادها هي والفارسية والرومية. وقد وُجدت ترجمة عربية لبردية يونانية تعود إلى عمرو بن العاص (22 هـ/ 643م).


1- الترجمة في العهد الأموي
بدأت حركة الترجمة المنظمة في العالم العربي في العهد الأموي على يد الأمير خالد بن يزيد، حيث أورد ابن النديم في الفهرست أنه استقدم من الإسكندرية العديد من العلماء اليونانيين في الطب والصنعة "الكيمياء" ليعلموه إياها، ويقوموا بترجمة العديد من كتب هذه العلوم إلى العربية، فكان بذلك أول من نقل العلم من منابعه الأولى إلى العربية. واستكمل الخليفة عمر بن عبد العزيز جهود خالد في الترجمة، فاستقدم بعض علماء مدرسة الإسكندرية إلى أنطاكيا (100هـ/ 718م)، وأمر بترجمة بعض الكتب الطبية. ورغم هذا الجذب ظلت لمدرسة الإسكندرية - إلى جانب مدارس أخرى في حواضر العالم العربي- مكانتها، وبلغت أوج ازدهارها في العهد العباسي. وقد اتسمت هذه التجربة بالمبادرة الفردية، ولم تقم بها الدولة إلا في حدود حاجتها الإدارية، كما تركزت على مجالات العلوم كالطب والكيمياء.


2- الترجمة في العصر العباسي
في العصر العباسي الأول كانت ذروة الاهتمام بالترجمة المنظمة إلى العربية، ويعود ذلك إلى جهود الخلفاء الأوائل من بني العباس، مثل:
- أبي جعفر المنصور (136-158 هـ/ 754-775م): المؤسس الحقيقي للدولة العباسية، وقد نقل حاضرة الخلافة إلى بغداد لتصبح مركزًا لعلماء الدولة الذين أسبغ عليهم وشجع جهودهم، فترجم حنين بن إسحاق العديد من الكتب الطبية لأبقراط وجالينوس من السريانية واليونانية إلى العربية، وقام عبد الله بن المقفع بترجمة العديد من عيون الأدب الفارسي القديم، وعلى رأسها "كليلة ودمنة" المترجم من السنسكريتية إلى العربية، وكذلك أمر أبو جعفر بترجمة العديد من الكتب الفلكية من السنسكريتية إلى العربية.
- هارون الرشيد (حكم بين 170م-194هـ/ 786-809م): اشتهر الرشيد بشغفه وتشجيعه لحركة العلم والعلماء في عهده، وعندما ضجت بغداد بالعلماء، بادر الرشيد إلى تدشين أول مؤسسة علمية كبرى تُعنى بالترجمة والكتب وهي "دار الحكمة"، التي أصبحت أكاديمية علمية يجتمع في رحابها المعلمون والمتعلِّمون. وقد حرص الرشيد على تزويدها بالكتب التي نقلت من آسيا الصغرى والقسطنطينية.
- عبد الله المأمون (حكم بين 198-218هـ/ 813-833م): وقد نشطت في عهده الترجمة من خلال دار الحكمة التي قام بتوسيعها وضاعف العطاء لعلمائها ودارسيها، واستمر في إرسال البعوث إلى القسطنطينية لجلب الكتب في شتى المعارف، فأخرج المأمون لذلك جماعة منهم؛ الحجاج بن مطر، وابن البطريق فأخذوا مما اختاروا. و قد ذكر ابن النديم أنه كان بين المأمون وإمبراطور القسطنطينية مراسلات بهذا الشأن، وقد بدأت في عهده الترجمة المنظمة للتراث الفلسفي الأرسطي، وهو ما أعطى مزيدًا من الزخم للجدل الفكري والفلسفي في عهده.
وفي العصر العباسي، اتسمت حركة الترجمة بالشمول، حيث شملت ترجمة كافة أوجه المعرفة، وتميزت من بينها ترجمة الفلسفة والمنطق، بعد أن كانت الترجمة قاصرة على العلوم الطبيعية، كما شملت ترجمة المعارف من أغلب اللغات المعروفة آنذاك: الفارسية واليونانية والهندية. ومن ناحية أخرى قام الجهاز الإداري والسياسي للدولة برعايتها ماديًّا ومعنويًّا وهو ما أحدث طفرة فيها وأضفى عليها التنظيم والمؤسسية بوجود دار الحكمة وغيرها من المؤسسات التعليمية التي أنشأها الخلفاء فيما بعد، ومن بينها المدرسة النظامية والمستنصرية.
وقد ساهمت المواد العلمية المترجمة آنذاك في مضاعفة الجهود العلمية وبلوغ العلوم والفنون الإسلامية ذروتها في القرن الرابع الهجري، ومن الملاحظ أن المادة المترجمة قد أضافت أبعادًا جديدة لحالة الجدل الفقهي والفلسفي والسياسي بين المذاهب والتيارات السياسية. وقد بدأت تنحسر منذ ذلك العهد وبالتدريج حركة الترجمة في العالم الإسلامي بسبب حالة التشبع العلمي وانتشار المراكز العلمية من الأندلس إلى آسيا الوسطى، وبدأت الترجمة في اتجاه مضاد، فبدأت الأمم الأخرى وعلى رأسها الأمم الأوروبية في ترجمة جهود العلماء المسلمين في الفلسفة والعلوم من العربية والفارسية إلى اللاتينية وغيرها. وكان على رأس هذه الأعمال كتابات ابن سينا والفارابي وابن رشد وغيرهم، في مجالات الطب والفلسفة والعلوم.
وتلا هذا الانحسار تدهور سياسي وحضاري عام للعالم الإسلامي، فبدأ مرحلة من الركود، في حين بدأت أوروبا تشهد عصر النهضة والتنوير، وعلى أثر الاحتكاك السياسي والعسكري بالغرب، اتجهت الدولة العثمانية في نهاية القرن السابع عشر إلى محاولات تجديد واقتباس بعض مظاهر التحضر الغربي، وبدأ الرحالة والدبلوماسيون في تسجيل انطباعاتهم عن الغرب الناهض وترجمة بعض أعماله. وفي نهاية القرن التاسع عشر دخلت عملية الترجمة والتلاقح الثقافي بين الغرب والعالم الإسلامي في منعطف جديد مع وصول الحملة الفرنسية إلى مصر (1213-1216/1798-1801م). وبعد رحيل الحملة، بدأت أولى حركات الترجمة المنظمة في المشرق العربي في عهد محمد علي.
 

ثانيًا: مشاريع الترجمة في العصر الحديث
بدأ إحياء عملية الترجمة في العالم العربي مع نشأة الدولة الحديثة في مصر على يد محمد علي باشا (1805-1848م)، وجاء ذلك في إطار سياسته الهادفة إلى النهوض بالتعليم، والتي شملت إرسال البعثات العلمية إلى دول أوروبا كإيطاليا وفرنسا، وإنشاء المدارس العليا. وجاء الاهتمام بالترجمة كوسيلة لنقل المعارف الأوروبية الحديثة إلى مصر. وفي عام 1835، أمر محمد علي بإنشاء مدرسة الترجمة، والتي عرفت فيما بعد بمدرسة الألسن كمدرسة عليا متخصصة في تدريس اللغات الأوروبية، وقام بإدارة المدرسة رفاعة الطهطاوي الذي اختار لها 80 طالبًا، وتم الاهتمام بتدريس اللغتين العربية والفرنسية، ثم التركية والإنجليزية. ونجحت المدرسة في تخريج كادر متميز من المترجمين المتخصصين، وبلغ عدد الكتب المترجمة على يد خريجي المدرسة 2000 كتاب في مختلف المعارف.
وقد اتجه محمد علي إلى شراء الكتب العلمية التي يوصي بها مبتعثوه وموظفوه ليتم ترجمتها، وكانت هناك هيئة من المحررين من علماء الأزهر تقوم بمراجعة وضبط مصطلحات ما تم ترجمته. وكان أول الكتب المترجمة في الطب كتاب "القول الصحيح في علم التشريح". وأنشأ محمد علي "المطبعة الأميرية" ببولاق 1822 وعددًا من المطابع الأخرى لطباعة الكتب المترجمة وتوزيعها على الموظفين، والطلاب، وأفراد الجيش، ومن تيسر له الحصول عليها من العامة.
وقد أصاب عملية الترجمة في عهد خلفاء محمد علي ما أصاب حركة التعليم ومؤسسات الدولة الناشئة من تدهور، فانحسرت نسبيًّا. وإن شهدت بعض التحسن مع عودة رفاعة الطهطاوي لإدارة مدرسة الألسن في عهد سعيد باشا 1854م. ثم شهدت حركة الترجمة نهضة ثانية مع إصلاحات الخديوي إسماعيل في مجال التعليم، والتي شارك فيها الطهطاوي وعلي مبارك؛ حيث نشطت الترجمة مع عودة البعثات إلى المدارس الأوروبية. وقد لعب الشوام دورًا بارزًا في حركة الترجمة في نهاية القرن التاسع عشر، بالإضافة إلى دورهم في الصحافة. وبصورة عامة اتجهت محاولات الترجمة في هذه الفترة - خاصة مع بداية احتلال بريطانيا لمصر - نحو ترجمة الأعمال الغربية التي تمس قضايا الإصلاح والنهوض والعلاقة بين الإسلام والغرب.
ومن أهم تجارب الترجمة المنظمة في العالم العربي حديثًا:
 

1- لجنة التأليف والترجمة والنشر
تعد لجنة التأليف والترجمة والنشر التي نشأت بمصر في بداية القرن العشرين مثالاً جيدًا للعمل الجاد والمثمر بين المثقفين، وتكونت اللجنة من خريجي مدرسة المعلمين العليا ومدرسة الحقوق عام 1914م، وقد زاد أعضاء هذه اللجنة لتضم غيرهم من فئات أخرى، ووضعت لائحتها القانونية 1915م ورَأَسها أحمد أمين منذ ذلك التاريخ حتى وفاته عام 1954. وهدفت اللجنة إلى الارتقاء بالتعليم من خلال تأليف الكتب العلمية لطلاب المدارس، والارتقاء بالمجتمع وتثقيفه من خلال التوسع المنظم في تأليف وترجمة الكتب في مختلف المجالات. وبالنسبة للترجمة قامت اللجنة بترجمة العديد من الكتب الموسوعية الغربية مثل تاريخ الفلسفة الغربية لبرتراند راسل، وقصة الحضارة لوِل ديورانت، ومجموعة من أمهات الكتب العلمية والأدبية والتربوية. وقد ساهم عمل اللجنة في إفراز جيل متمكن من المترجمين العرب، ووضع قواعد لتعريب المصطلحات العلمية المترجمة أو تقريبها من العربية، وهي عوامل ساهمت في دفع عملية الترجمة في العالم العربي.
 

2- مشروع الألف كتاب الأول والثاني
ظهرت الإصدارات الأولى لهذا المشروع عام 1955م، بإشراف من الإدارة الثقافية التابعة لوزارة التعليم المصرية. وقد اهتم بأمهات الكتب العالمية والكلاسيكيات، كما شمل العلوم البحتة، والعلوم التطبيقية والمعارف العامة والفلسفة وعلم النفس والديانات والعلوم الاجتماعية، واللغات والفنون الجميلة، والأدب بفروعه، والتاريخ والجغرافيا والتراجم. وتوقف العمل به عام 1969. وتم استئنافه تحت عنوان "مشروع الألف كتاب الثاني" عام 1986 عن الهيئة المصرية العامة للكتاب، وقد اهتم بترجمة الكتب الحديثة كمحاولة للاتصال بالثورة العلمية والثقافية العالمية المعاصرة. وقد قسمت إصدارات المشروع إلى 19 فرعًا معرفيًّا.
 

3- المركز القومي للترجمة - المجلس الأعلى للثقافة
أطلق المجلس الأعلى للثقافة في مصر المشروع القومي للترجمة إحياءً لحركة الترجمة المنظمة واستكمالاً للمشروعات السابقة لها، كمشروع الألف كتاب الذي توقف بعد إصدار 600 كتاب. وقد بدأت أول إصدارات المشروع في يناير عام 2000م. وفي بداية 2006م، احتفل المشروع بإصداره الكتاب الألف، ثم تم تحويل المشروع إلى المركز القومي للترجمة من خلال مبادرة تقدم بها الدكتور جابر عصفور رئيس المجلس الأعلى للثقافة. ويهدف المشروع إلى الخروج من أسر المركزية الأوروبية وهيمنة اللغتين الإنجليزية والفرنسية، والانفتاح على اللغات الشرقية ذات الصلات التاريخية المهمة باللغة العربية كالتركية والفارسية، وقد أصدر المشروع حتى الآن العديد من الكتب المترجمة عن اللغات الشرقية.
كما يعمل المشروع على تعزيز ريادة مصر الثقافية خاصة في مجال الترجمة، وتحقيق التوازن في الترجمة بين مختلف المعارف الإنسانية، وإن غلب على إنتاج المشروع العلوم الاجتماعية والإنسانية والآداب. ويهدف المشروع كذلك إلى إشاعة روح العلم والعقلانية والتجريب، ووضع القارئ في قلب حركات الإبداع والفكر العالمية، من خلال ترجمة الأصول المعرفية التي أصبحت بمثابة الإطار المرجعي للثقافة الإنسانية المعاصرة.
 

4- المنظمة العربية للترجمة
أُسَّسَت المنظمة العربية للترجمة عام 1999م في بيروت، بهدف نقل المعارف ونشر الفكر العالمي وتطوير اللغة العربية، وذلك بعد إجراء العديد من الدراسات المسحية لأوضاع الترجمة في العالم العربي، وتعمل المنظمة على تحقيق طفرة نوعية وكمية في نشاط الترجمة في العالم العربي، مع المساهمة في إدخال العلوم في إطار الثقافة العربية المعاصرة، وتعليم العلوم وتنشيط البحث العلمي باللغة العربية، والإسهام في تنشيط الطلب على الكتاب المترجم وحفز استخداماته في مختلف مجالات التنمية، بالإضافة إلى العمل على ترجمة كل ما هو مفيد للوطن العربي من كتب ودوريات ومنشورات لا تقوم المؤسسات الأخرى بترجمتها لعدم ربحيتها. وتعمل المنظمة من خلال إقامة شبكة من العلاقات مع العاملين بالترجمة في العالم العربي، وتبادل المعلومات عن جهود الترجمة القائمة والمستقبلية.
 

5- مشروع "كلمة" - هيئة أبو ظبي للثقافة والتراث
وهو مبادرة مستقلة أطلقتها هيئة أبو ظبي للثقافة والتراث، تحت رعاية سمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، وتعرف المبادرة نفسها بأنها مشروع طموح غير هادف للربح، وتتوخى إحياء عملية الترجمة في العالم العربي، وتعمل على تمويل حركة الترجمة والنشر والتوزيع، وذلك من خلال زيادة عدد الكتب وخيارات القراءة أمام القارئ العربي، بالإضافة إلى تكريم اللغة العربية وتقديرها، وذلك بزيادة عدد الكتب المترجمة إليها.
ويوضح القائمون على المبادرة أن حركة الترجمة في العالم العربي قد بلغت أوجها في العصر العباسي، لكنها شهدت انحسارًا من بداية القرن الحادي عشر الميلادي، في الوقت الذي شهدت الترجمة في أوروبا طفرة عظيمة، ساهمت في خروجها من عصر الظلمات، ولم يشهد العالم العربي منذ تلك الفترة سوى ترجمة بعض الأعمال الهامة. وتتحدد دوافع المبادرة في وجود عدد كبير من روائع العلم والفكر والأدب لم تترجم بعد إلى العربية، ويترجم كتاب واحد لكل مليون عربي سنويًّا، في حين تترجم اليونان وحدها 5 أضعاف ما يتم ترجمته في العالم العربي، في الوقت الذي ارتفعت فيه نسبة الشباب العربي المتعلم من 63,9% إلى 76,3% في السنوات الأخيرة، وهو ما يؤكد ضرورة إشباع رغبته في القراءة والاطلاع.
ويقوم مشروع كلمة - سنويًّا - بإعلان قائمة من مائة كتاب من الكتب المنشورة بكل اللغات، ويتم اختيارها في مجالات العلوم والآداب والتاريخ، حيث يتم تصفيتها وترجمتها ونشرها وتوزيعها، وتحرص المبادرة على إيجاد توازن بين الكتب الكلاسيكية والحديثة والمعاصرة في مختلف المجالات.


6- مشروع "الشروق - بنجوين" لترجمة كلاسيكيات الأدبين العربي والغربي
هو من أحدث مشاريع الترجمة في العالم العربي، وهو يقوم على شراكة بين دار "بنجوين" العالمية ودار الشروق المصرية، حيث تم الاتفاق في نوفمبر 2010 على ترجمة كلاسيكيات "بنجوين" التي اشتهرت بها الدار وإعادة إصدارها باللغة العربية للقارئ العربي، في الوقت الذي يتم ترجمة العديد من عيون الأدب العربي القديم والحديث إلى اللغة الإنجليزية وتقديمها إلى القارئ الغربي. وسيتم طرح هذه الإصدارات في صورة رقمية وورقية، وكانت "بنجوين" قد دخلت في شراكات مماثلة مع العديد من دور النشر حول العالم في الصين وكوريا والبرازيل. وقد بدأت "بنجوين" في نشر كلاسيكياتها في العام 1946، ووصل عدد عناوينها إلى أكثر من 1200 عنوان، ويستهدف المشروع تقديم الأعمال المترجمة إلى القارئ العادي بأسعار مناسبة في ظل ارتفاع أسعار الكتب. وسيعمل المشروع الذي سيبدأ إصداراته العام الحالي على إصدار 20 كتابًا مترجمًا إلى العربية سنويًّا.