في البداية تحدث الدكتور إسماعيل سراج الدين عن مفارقة الحرص على التوسع في التعليم الابتدائي والثانوي والحرص على أن يدخل كل طفل المدرسة مع ضمان أكبر عدد من السنوات، دون أن يواكب ذلك إصلاح في مستوى العملية التعليمية في مرحلة ما قبل التعليم الجامعي. وأشارت الدكتورة نادية بدراوي إلى أن التعليم الأساسي حق إلزامي لكل طفل حتى 15 سنة، لكن الحديث عن إتاحة التعليم للجميع لم يواكبه حديث عن الجودة، وفي فترة لاحقة تم التوسع في بناء المدارس دون أن تكون هناك خطة للحفاظ على الجودة، فهناك مدارس تستوعب فصولها 60 أو 70 تلميذًا. وأضاف الأستاذ محمد حبيب أنه رغم الدعوة لإتاحة التعليم للجميع مازالت هناك نسبة للتسرب من التعليم، وأكد أن الحديث الآن يجب أن ينصب على إصلاح التعليم لا مجرد التطوير؛ لأن المنظومة التعليمية (المدرسة والطالب والمعلم) رغم محاولات التطوير مازالت بحاجة للإصلاح.

وأفاد الدكتور سراج الدين أن من أهم مشكلات التعليم تركيز اهتمام الأسرة المصرية على الحصول على الشهادة دون اهتمام بمضمون العملية التعليمية، وهو ما يسبب بروز ظواهر المشكلة مثل المدارس الخاوية من التلاميذ والمجموعات الخاصة والاهتمام الزائد بمستوى الامتحانات دون العناية بما يتعلمه التلاميذ، ولذلك طالبَ بوجود عقد اتفاقي بين الأهالي والمؤسسة التعليمية يقضي بضرورة أن يتعلم الأبناء المهارات الحقيقية ومناهج التفكير وطرق الحياة. ورأت الدكتورة نادية أن هذه المشكلة يجب النظر إليها في سياق تطورات المجتمع المصري في العقود الأخيرة، وأبرزها التركيز على عملية التوظيف في القطاع الحكومي.

ولم تؤيد المهندسة هدى ميقاتي القول بأن الدروس الخصوصية هي جوهر المشكلة التعليمية لأنها مجرد عَرَض للمرض الأساسي وهو غياب الهدف من العملية التعليمية. ومعرفة الهدف يدلنا على المنهج المناسب للتعامل مع المشكلة. وأوضح الدكتور مجدي قاسم أن المجتمع هو الذي يحدد الهدف من العملية التعليمية. وفي مصر نجد أن الهدف من التعليم هو تحقيق الوجاهة الاجتماعية، ولكن في مجتمعات أخرى هدف التعليم هو تحقيق معدل مرتفع من التنمية، وبإمكاننا المزاوجة بين هذين الهدفين.

واقترح الدكتور سراج الدين مدخلاً لإصلاح التعليم يقوم على التركيز على "النُظّار" والبدء في تكوين كادر إداري جيد منهم، وذلك لقلتهم العددية بالنسبة للطلاب والمدرسين، وكذلك لارتباط التسيب في المدارس بعدم انضباط العديد منهم. ثم تكوين كادر جيد من المشرفين أو الموجهين، وأخيرًا إشراك الأهالي في هذه العملية. وعند اكتمال نضوج هذه الأضلاع الثلاثة نبدأ بضخ الأموال وزيادة الميزانيات.

ثم انتقل الحوار إلى مشكلات التعليم الفني في مصر فحددها الأستاذ حبيب بثلاث مشكلات هي النظرة الاجتماعية الدونية لهذا القطاع، وسد طرق التعليم الجامعي أمام المنتظمين فيه، وعدم وجود تدريب عملي للطلاب الذين يفتقدون الخبرة ويحتاجون إلى الارتباط بمصانع ومعامل وورش، كما هو الحال في بعض الدول كألمانيا، وأشار أيضًا إلى أن هذا القطاع التعليمي ينتظم فيه 68% من طلاب الإعدادية في مجالات التعليم الصناعي والزراعي والفندقي والتمريض.

وعرض الدكتور سراج الدين للرأي القائل بأن التعليم التقليدي ستحل محله أدوات تكنولوجية جديدة مستقبلاً، ورأى كل من الدكتورة بدراوي والأستاذ حبيب أن منظومة التعليم النمطية ستظل موجودة وأن الوسائل الجديدة ستؤثر على التعليم الجامعي بشكل أكبر، أما المهندسة هدى فأكدت أن شكل ووظيفة المدرسة سيتغيران، وذهب الدكتور قاسم إلى أن المدرسة ستطور أدواتها وأن التغيير سينصب على مهارة التعلم الذاتي عند الطلاب.