بدأ النقاش بسؤال الدكتور إسماعيل سراج الدين عن أهم مشكلات التعليم العالي في مصر، وأجملت الدكتورة نادية هذه المشكلات في الأعداد الهائلة لطلاب الجامعات، ونسبتهم إلى أعضاء هيئة التدريس في بعض الكليات والجامعات، وكذلك التمويل، وبالأخص تدني أجور أعضاء هيئة التدريس. وأشار الدكتور سراج الدين إلى أن جامعة القاهرة بها 260 ألف طالب وجامعة الإسكندرية بها 170 ألف طالب، وهناك إمكانية لتقسيمها لحل هذه المشكلة كما حدث مع جامعة باريس.

ومن زاوية أخرى رأى الدكتور مجدي أن المشكلة الأساسية في التعليم الجامعي تتمثل في وجود نظام دولي تغير من الاقتصاد الحكومي الموجه إلى الاقتصاد الحر، وأن هذا التغير لم يمس فلسفة التعليم الجامعي في مصر، كما أن الدولة لم تعد توظف خريجي الجامعة، وطالب بضرورة إدخال الفكر والمهارات التنظيمية للجامعة.

وأشارت المهندسة هدى إلى وجود فوارق في الخريجين والطلاب الجامعيين المترددين على أنشطة مكتبة الإسكندرية، فهناك نوعية تريد تعلم المهارات العلمية ونوعية أخرى تشكو من نظام التعليم التلقيني السائد داخل الجامعة والذي حولها إلى مجرد مدرسة كبيرة تسود فيها "ثقافة الزحام" التي رأت الدكتور نادية أن حلها يكمن في زيادة أعداد الجامعات. وتساءل الدكتور سراج الدين عن معايير جودة التعليم العالي التي وضعتها هيئة ضمان الجودة، فأوضح الدكتور قاسم أن هذه المعايير تنقسم إلى محورين هما: القدرة المؤسسية وتُعنى بمنظومة العمل الإداري داخل المؤسسة، والفاعلية التعليمية وبها ثمانية معايير تتعلق بالطالب والمنهج والتعلم والبحث.

وأكد الأستاذ حبيب أن إصلاح التعليم الجامعي يتوقف بصورة كبيرة على أستاذ الجامعة، فهو القادر على الإصلاح والتطوير داخل الجامعة، كما أكد أن انخفاض أجور هيئة التدريس يدفعهم للبحث عن أعمال إضافية خارج الجامعة، مما يمنعهم من ممارسة البحث العلمي وتنفيذ برامج تطوير الجامعة. وتساءل الدكتور سراج الدين كيف نضمن أن العملية التعليمية تناسب احتياجات سوق العمل، فأجاب الدكتور قاسم بأن الهيئة صممت استبيانًا لحديثي التخرج، وبتحليل نتائج هذا الاستبيان وتقديمها للمؤسسات التعليمية يتم تقييم برنامجها التعليمي من حيث ارتباط البرنامج الدراسي بسوق العمل.

وأشار الدكتور سراج الدين إلى أن هناك خلطًا بين التجربة الجامعية والقدرة المهنية؛ فالتخرج من كليات الحقوق في جامعات الولايات المتحدة العريقة لا يعطي الخريج الحق في ممارسة المهنة، وتقوم المؤسسات المهنية بعمل اختبارات لقياس القدرات الفعلية للخريج. فالتعليم الجامعي ليس شهادة لممارسة مهنة ما، بل هو بناء للفكر والإنسان. وفي هذا الصدد، أفاد الأستاذ حبيب أن هناك اتجاهًا نحو "التعليم المستمر" حيث لا يتوقف الإنسان عند سن تعليمية معينة؛ فالمهن والعلوم تتطور، ولذلك يجب على كل دارس تجديد معارفه كل خمس سنوات.

وفي نهاية الحلقة سأل الدكتور سراج الدين المشاركين عن أهم الأفكار التي يجب التركيز عليها في الفترة القادمة لإصلاح التعليم العالي، فأكد الدكتور قاسم على ضرورة إدراك التحول في العلاقة بين الجامعة والصناعة والحكومة؛ حيث تحولت العلاقة من الاحتواء إلى التداخل بينها لتحقيق التنمية الشاملة، وأضافت المهندسة هدى ضرورة التركيز على عملية البحث العلمي، وأشار الأستاذ حبيب إلى خطورة التأخر عن تطور التعليم في العالم. ثم عرض الدكتور سراج الدين تجربة مؤسسة "الكنام" الفرنسية العريقة التي نجحت منذ عصر الثورة الفرنسية في الربط بين الأكاديمية والمصنع، وأخذت في الفترة الأخيرة في تطبيق فكرة التعليم المستمر ونشر مراكز لها في فرنسا كلها، وأكد أن الجامعات المصرية لا تقل عراقة عن "الكنام" الفرنسية.