مجموعة من الصور في الأشعة تحت الحمراء، بواسطة التلسكوب الفضائي "سبيتزر"، تبين سحبًا كونية تتكون فيها النجوم صورة من: NASA/JPL-Caltech/Univ. of Michigan الشمس نجم وحيد في الفضاء القريب من النظام الشمسي، بخلاف معظم النجوم في المجرة، التي تنتمي لأنظمة نجمية مزدوجة. والنظام النجمي المزدوج، أو النجم المزدوج، هو نظام من نجمين قريبين من بعضهما البعض في الفضاء، ويترابطان معًا بقوى الجذب المتبادلة، ويدوران حول مركز جذب مشترك.
ولكن كيف تنشأ النجوم المزدوجة؟ إن هذا حقًا من أهم الأسئلة في علم الفلك، وأكثرها تشويقًا. هل تنشأ النجوم المزدوجة من سحابتين كونيتين منفصلتين، أم أن نجمي النظام يولدان في سحابة واحدة تنشطر بعد ذلك إلى سحابتين أصغر حجمًا؟ يعتقد الفلكيون عمومًا بأن الأنظمة المزدوجة التي تكون المسافات بين نجميها كبيرة قد تكونت من سحابتين مستقلتين، أما النجوم المزدوجة التي يكون فيها المسافة بين النجمين الرفيقين صغيرة، فتنشأ من نفس السحابة. إلا أن التفسير الأخير لا يزال غير واضح.
والأرصاد الجديدة من مرصد "ناسا" الفضائي المتطور المعروف باسم "التلسكوب الفضائي سبيتزر" تميط اللثام عن المراحل المبكرة من عملية تكون أنظمة النجوم المزدوجة قليلة الاتساع. والتلسكوب "سبيتزر" يرصد الكون في الأشعة تحت الحمراء من مدار في الفضاء، ويمكن له أن يصور تركيب السحب الكونية التي تولد فيها النجوم بدقة مذهلة. تظهر السحب الكونية المكونة للنجوم في صور "سبيتزر" كأغلفة من الغاز والغبار الكوني، وفي داخل هذه الأغلفة تتكاثف المادة لتتكون نجوم جديدة، فالمادة تتراكم في هيئة أقراص تدور حول النجوم الوليدة، وتنجذب إلى هذه النجوم الآخذة في النمو.
وترصد صور "سبيتزر" عددًا من هذه الأغلفة ذات أشكال غير منتظمة، وقد تم رصد 20 من هذه الأغلفة النجمية، التي يحتمل أن يولد فيها نجوم مزدوجة. وقد وجد الباحثون أن 17 من هذه الأغلفة المرصودة أشكالها ليست مستديرة، بل غير منتظمة، ويعتقد الفلكيون أن هذه الأغلفة غير المنتظمة تؤدي إلى تكون نجوم مزدوجة.
وقد أوضح "جون توبين"، الباحث الرئيس في الدراسة التي تناولت هذه الأغلفة النجمية أنه: "نحن نرى لا تماثلاً في المادة الكثيفة المحيطة بهذه النجوم الوليدة، على أبعاد تزيد فقط مرات معدودة على اتساع النظام الشمسي. وهذا يعني أن الأقراص حول النجوم سوف يتم تغذيتها بالمادة بشكل غير منتظم، وهو ما قد يؤدي إلى انشطار القرص، وتكون نجم مزدوج".
وكل النجوم، سواء كانت مزدوجة أم لا، تتكون من أغلفة متقلصة، أو كتل من الغاز والغبار الكوني. وهذه الكتل تستمر في الانكماش، تحت تأثير الجاذبية، حتى يصبح الضغط عاليًا بدرجة تكفي لبدء التفاعلات النووية التي تنتج الطاقة في باطن النجوم.
ولقد صاغ العلماء النظريون سابقًا محاكاة حاسوبية لإظهار كيفية تكون الأنظمة المزدوجة الضيقة، في الأغلفة غير المنتظمة الشكل. إن المادة المتكاثفة قد تتركز في تكتلات غير ممتدة بانتظام، مؤديةً إلى تكون نجمين لا نجم واحد. ومع ذلك فإن الدليل العملي من الأرصاد، الذي قد يدعم هذا السيناريو، لم يكن حاسمًا.
وفي البدء، لم يكن "توبين" وزملاؤه في الفريق البحثي يهدفون إلى اختبار هذه النظرية، لقد كانوا يدرسون تأثير انسياب المادة بين النجومية على الأغلفة الغازية حول النجوم الحديثة، عندما أدركوا أن أغلب هذه الأغلفة غير منتظمة الشكل، لا مستديرة. وأيضًا فإن ثلاثة من الأغلفة التي تمت دراستها لم تكن مستديرة تمامًا. وكثير من الأغلفة كان فيها نجوم مزدوجة وليدة، ربما بسبب الأغلفة غير المنتظمة.
ويضيف "توبين" قائلاً: "لقد فوجئنا حقًا بكثرة الأغلفة غير المنتظمة. ولأننا نعلم أن معظم النجوم مزدوجة، فعدم انتظام شكل الأغلفة قد يكون دليلاً على كيفية تكونها".
لقد تمكن التلسكوب "سبيتزر" من التقاط هذه الصور الدقيقة بفضل حساسيته الفائقة، التي يمكنها أن تسجل إشعاع المجرة في الأشعة تحت الحمراء. ونجد في الصور أن الأغلفة النجمية تسبب ما يشبه الظلال في الصور، لأنها تحجب الضوء المجري ورائها.
لمزيد من الاطلاع، يرجى زيارة الموقعين التاليين على شبكة الإنترنت:- SST Official Websites http://www.nasa.gov/mission_pages/spitzer/main/index.html http://www.spitzer.caltech.edu/spitzer/
أيمن محمد إبراهيم – أخصائي أول فلك
|