ليست الأمور كما تبدو عليها دائمًا

شارك

كان هذا اليوم مهمًا بالنسبة إلى عمر؛ فهو موعد تمرين السباحة الأول بعد سنة دراسية طويلة. كان هذا التمرين هو الهدية التي وعده بها والده مكافأةً على أداءه الجيد في الدراسة هذه السنة، وكان العالم لا يكاد يسع فرحته بتلك الهدية.

عند وصولهما، يأخذ عمر حقيبته ويدخل إلى النادي متحمسًا. يغير ملابسه ويضع ملابس السباحة، ويأخذ لوح السباحة، وينطلق نحو المسبح. يطلب المدرب من المجموعة الإحماء.

يبدأ عمر الإحماء، ولكن يشرد ذهنه عن التمرين عندما تلفت مياه المسبح اللامعة تحت ضوء الشمس انتباهه، وينظر إلى أرضية المسبح كمنقذ له لأنه ما زال سباحًا مبتدئًا. فيحاول مع كل حركة يقترب فيها إلى المسبح استنتاج عمقه وفقًا لحساباته الخاصة، وليس بالأرقام. وبناءً عليه، وضع جميع الاحتمالات.

عندما طلب المدرب منهم النزول إلى المياه، وضربها بأقدامهم متشبثين بألواح السباحة، بدأ قلب عمر يخفق بقوة. نفذ أمر المدرب، ولكن عندما قفز إلى الماء، شعر أن المسبح أعمق مما كان يعتقد وأن أرضيته ليست قريبة كما كان يظن.

تشبث عمر بقوة بلوح السباحة، فلم يكن ليفلته مهما حدث. وفي حين كان جسده منشغلًا بتنفيذ تعليمات مدربه، انشغل عقله بأفكار أخرى: «لماذا اختلف عمق المسبح عما بدا عليه؟» كيف اتضح أنه عميق هكذا في حين أن الأرضية بدت قريبة؟ لماذا خدعتني عيناي في المياه، في حين لا تخدعني في تحديد المسافة على الأرض؟»

أبقى عمر تلك التساؤلات في رأسه حتى تحين عودته إلى المنزل ليبحث عن إجابات لها على الإنترنت.

****

بعد انتهاء التمرين، توجه عمر إلى والده الذي كان يتابعه باهتمام طوال الوقت. سأل الأب عمر كيف وجد الأمر، فأجابه بصوت أقرب إلى الهمس «جيد، كان جيدًا».

يحيد عمر بنظره ليجد كوبًا من عصير الليمون، ويلاحظ أن الماصة الموجودة داخله تبدو غير مستقيمة. يخرج عمر الماصة من الكوب، ليجدها مستقيمة. ثم يعيدها مرة أخرى فتعاود الكرة.

يسأل عمر والده: «ما خطب تلك الماصة؟ لماذا تبدو مكسورة داخل الكوب وسليمة خارجه؟» يجيب الأب: «نعم يا عزيزي، يحدث هذا بسبب الانكسار». «الانكسار؟ ما هو، وكيف يحدث يا أبي؟»

أجابه الأب: «يحدث الانكسار عندما يمر الضوء من وسطٍ إلى آخر؛ مثلًا، عندما ينتقل من الماء إلى الهواء أو العكس. عندما يسافر الضوء بسرعات مختلفة عبر تلك الأوساط، فإنه يغير اتجاهه».

عاود عمر السؤال: «وما نتيجة هذا»؟، فأجابه والده «ينكسر الضوء، كما تراه في الكوب». ويتابع الأب: «تبدو الماصة غير مستقيمة تحت سطح الماء، وكما تلاحظ أيضًا، فإنها تبدو أكبر مقارنة بالجزء الآخر».

يسأل عمر: «هل ينطبق الشيء نفسه على قاع المسبح؟» يجيب الوالد: «نعم، بالضبط». يبدو الحماس واضحًا على وجه عمر بعد أن وجد إجابة سريعة للتساؤلات التي كانت تدور في رأسه. أضاف الوالد: «إن العمق الظاهر للقاع ليس حقيقيًّا؛ بل هو أقرب بكثير من الواقع».

يجيب عمر متحمسًا: «نعم، نعم، لقد لاحظت ذلك!» يضيف الوالد: «يتجلى الانكسار في أشياء أخرى أيضًا؛ مثل قوس قزح. وهناك شيء آخر نستخدمه يوميًّا دون كثير من التفكير». يحاول عمر أن يحزر.

يقول الأب: «يفسر قانون الانكسار أيضًا كيف نرى الأشياء وكيف تبصر العين؟ بدون الانكسار، لن نتمكن من تركيز الضوء على شبكية العين*، وستتأثر جودة الرؤية». ويتابع: «ينطبق الانكسار تطبيقه أيضًا في العدسات المكبرة، بغرض زيادة حجم الأشياء أو الأجسام، وكذلك العدسات البصرية التي تستخدم لتحسين الرؤية».

يجيب عمر: «هذا رائع، لم أكن لأتوقع أن مبدأ الانكسار ينطبق على كل تلك الأشياء. شكرًا يا أبي».

****

مع هذه المعلومة القيمة الجديدة شعر عمر بالفضول لقراءة مزيد عن قانون الانكسار؛ فتخبره أمه دائمًا أنه «من الأفضل تطبيق المعرفة وممارستها لتعميق فهمها».

في طريقهما إلى المنزل، توقف الوالد عند محل إلكترونيات لشراء شيء ما، وخرج من السيارة. وفي أثناء انتظار عمر لوالده، نظر من النافذة إلى الجانب الآخر من الطريق، ليرى متجر لبيع أسماك الزينة وحوض سمك. ينظر إلى الأسماك الملونة الجميلة التي تعوم داخله دون أن تعير اهتمامًا لعمق الحوض، ويفكر «أيتها السمكة الكبيرة، أعلم أنك لست كما تبدين عليه».

المصطلحات

* الشبكية هي طبقة رقيقة من الأنسجة التي تبطن مؤخرة العين. ووظيفتها هي تلقي الضوء الذي تركز عليه العدسة، وتحويله إلى إشارات عصبية، ثم إرسالها إلى الدماغ للتعرف عليها.

المراجع

coolscienceexperimentshq.com

healthline.com

sciencelearn.org.nz

 

من نحن

«كوكب العلم» مجلة علمية ترفيهية باللغتين العربية والإنجليزية يصدرها مركز القبة السماوية العلمي بمكتبة الإسكندرية وتحررها وحدة الإصدارات بقطاع التواصل الثقافي ...
مواصلة القراءة

اتصل بنا

ص.ب. 138، الشاطبي 21526، الإسكندرية، جمهورية مصر العربية
تليفون: 4839999 (203)+
داخلي: 1737–1781
البريد الإلكتروني: COPU.editors@bibalex.org

شاركنا

© 2024 | مكتبة الإسكندرية