ثلاثة أشخاص يتسابقون من أجل الفوز بالمركز الأول في تعرُّف أكبر عدد ممكن من أنواع الطيور في منطقة شمال أمريكا خلال عام واحد. تلك هي قصة الفيلم الأمريكي The Big Year «العام الكبير» الذي تدور أحداثه حول هواة الطيور المهووسين بالطيور والتنقل من أجل تعرفها سواء برؤيتها أو بتمييز أصواتها.
توجد أنواع مختلفة من مسابقات Big Year؛ منها مسابقات على مستوى الولايات المتحدة الأمريكية أو شمال أمريكا أو على مستوى العالم كله. ففي عام 2016 استطاع الهولندي أرجان دوارشويس أن يسجل رقمًا قياسيًّا في رصد 6.852 نوعًا من الطيور حول العالم؛ أي ثلثي العدد المعروف من أنواع الطيور. وتعود أصل فكرة هذه المسابقات إلى عالم الطيور فرانك تشابمان، حين وجد الأمريكيين يحتفلون بأعياد الميلاد بمسابقات اصطياد الطيور والفائز هو صاحب أكبر عدد من الطيور في يوم واحد، فاقترح عليهم عد الطيور بدلًا من اصطيادها. وهنا يظهر تأثير العلماء في تحسين سلوك البشر.
يختلف هواة الطيور في درجة انخراطهم في تلك الهواية؛ فمنهم من يحب الطيور ويستمتع بمشاهدتها في الحدائق والمحميات الطبيعية؛ ومنهم من زود نفسه بالأدوات اللازمة من أجل المراقبة والرصد مع تسجيل الملاحظات للحصول على المعلومات؛ ومنهم من يفعل أكثر من ذلك، فيسافر إلى أماكن بعيدة بحثًا عن الطيور. وتُعد هواية مراقبة الطيور من الهوايات التي تزيد تواصلك مع الطبيعة، وقضاء وقتك في الطبيعة يقلل ضغوط الحياة، كما أنها تساعد على زيادة الوعي بالحفاظ على البيئة، وذلك يعزز السلوك المؤيد للبيئة.
للهواة دور في المحافظة على البيئة؛ فهم يساعدون العلماء والباحثين والمختصين بالبيئة عن طريق مشاركتهم في فعاليات عد الطيور ورصدها.
في شهر فبراير، تُعقد فعالية في أمريكا تمتد لأيام، وهي لعد الطيور من فناء المنزل تحت إشراف جمعية الأودوبون ومختبر كورنيل لدراسة الطيور. تقام تلك الفعالية في فبراير لدراسة تجمعات الطيور قبل حلول موسم الهجرة الذي يبدأ في مارس. ويشارك الناس لمدة 15 دقيقة أو أكثر من فناء منزلهم أو أي مكان يختارونه، ويسجلون نتائجهم عبر الإنترنت. بعد تحليل تلك البيانات، يمكن للعلماء الإجابة عن بعض التساؤلات، مثل: ما تأثير المناخ والتغير المناخي في تجمعات الطيور؟ وتوجد أنواع تظهر في الشتاء ولكن أنواعًا أخرى تختفي؛ فأين تذهب تلك الأنواع؟ وكذلك يمكنهم مقارنة مواعيد هجرة الطيور من عام إلى عام، وكيف تؤثر أمراض الطيور فيها، وما حجم الاختلافات بين وجود الطيور في المدينة والمناطق الريفية والبرية.
ولتبدأ ممارسة تلك الهواية، فإنك تحتاج إلى الأدوات التالية: منظار وتلسكوب ودليل. قد يكون الدليل مجموعة من البطاقات مسجلًا بها أهم الطيور أو تطبيقًا على الهواتف المحمولة مثل ebird (إي بيرد). والبداية تكون بمحاولة تعرف الطيور التي تعتادك، وذلك بمعرفتك لأصواتها وأشكالها وطبيعة حركتها وطريقة أكلها، ثم الانتقال إلى الطيور الأخرى مع ملاحظة الألوان الأساسية والحجم وشكل المنقار وطول الذيل، وباستخدام الدليل يمكنك معرفة الطائر.
اختر منطقة مناسبة مثل المناطق التي توجد بها المياه، حيث توجد الطيور هناك بنسبة كبيرة. ومن المهم أيضًا اختيار الوقت المناسب، وذلك يعتمد على نوع الطائر المستهدف؛ فالطيور التي تأكل الديدان يفضل أن تراها في الصباح الباكر؛ أما البوم فإنه ينشط ليلًا. وبالنسبة إلى اختيار المواسم فإنه مرتبط بهجرة الطيور؛ فبعض الطيور تظهر في الصيف فقط، وطيور لا تجدها إلا في فصل الشتاء، وأخرى لا تجدها إلا في الخريف أو الربيع. حاول دائمًا تدوين ملاحظاتك عن الأماكن التي رأيت فيها الطائر وفي أي وقت، فستساعدك التدوينات على معرفة الطيور شيئًا فشيئًا.
توجد بعض الأخلاقيات والقواعد التي على كل هاوٍ الالتزام بها؛ إذ يأتي أمان الطائر في المقام الأول. فالطيور البرية محمية بسلطة القانون؛ ولهذا يُمنع صيدها أو قتلها أو إزعاجها أو جمعها أو بيع أعشاشها أو بيوضها أو أفراخها. ويجب عدم تعريض الطائر إلى الخطر، لذلك يتحتم عليك عدم اصطحاب الكلاب؛ لأنها مصدر خطر لأعشاش الطيور وعلى أفراخها. كذلك، حافظ على خصوصية الطائر ولا تدخل الأماكن الخاصة به، وحافظ دائمًا على مسافة مناسبة بينك وبينه. وحافظ أيضًا على هدوئك؛ فحاسة السمع عند الطيور أقوى من البشر، فإذا أحس بأي مصدر ضوضاء حوله فقد يطير الطائر في الحال. هذا، ويجب معرفة علامات القلق والانزعاج حتى تتجنبها. وأخيرًا، إذا شاهدت أي انتهاك فأبلغ السلطات، وإذا وجدت فرخًا ضائعًا أو مصابًا، فلا تأخذه معك المنزل، ولكن أبلغ الجهات المعنية.
المراجع
natureconservancy.ca/
nps.gov/
tbrnewsmedia.com/
worldbirds.com/
thespruce.com
audubon.org