قد يجد البالغون صعوبة في تحمل مشاركة الطفل في إعادة مشاهدة العروض نفسها من برامج ومسلسلات وأفلام، أو قراءة القصص المألوفة، مرارًا وتكرارًا بأحداثها ونهاياتها المعروفة؛ اعتقادًا منهم بأن هذا الفعل ممل، ويحد من قدرات الطفل المعرفية ويعيق نموه. فنتساءل: ما فائدة قضاء أوقات طويلة مع حكايات وأحداث نعرف تفاصيلها ونهايتها مسبقًا؟ وعلى عكس الاعتقاد السائد، أظهرت الأبحاث أن إعادة مشاهدة البرامج لها منافع عديدة على الأطفال؛ فهي تعزز قدراتهم المعرفية والتعليمية، كما أن لها تأثير إيجابي في صحتهم النفسية.
إعادة مشاهدة العروض تعزز التعلُّم
أظهرت الأبحاث أن الأطفال يعيدون قراءة القصص ومشاهدة العروض نفسها عمدًا لاكتشاف أنماط تساعدهم على اكتساب اللغة والتنمية المعرفية. فالأمر لا يتعلق بطرافة المشاهد أو جودتها لتحديد مدى استفادة الأطفال، بل التكرار ما يجعلهم يشعرون بالألفة مع المحتوى؛ مما يمنحهم إحساسًا بالإتقان والاستقلال، كما يلبي احتياجات النمو الأساسية.
ويرجع ذلك إلى أن الأطفال يميلون إلى اكتشاف النظام والأنماط في حياتهم، ويسعون إلى فهم ما إذا كانت الأشياء تتبع نمطًا محددًا أم لا. ويمكنهم تمييز ذلك عند التعرض المتكرر للمحتوى نفسه، وذلك ضمن عملية تسمى «التعلُّم الإحصائي». والدافع وراء إعادة الأطفال الصغار لمشاهدة البرنامج نفسه هو رغبتهم في تحديد الأنماط وترسيخها فيما يتابعونه من محتوى مرئي أو مسموع أو مقروء.
التكرار والراحة العاطفية
تشير الأبحاث إلى أن ممارسة الأطفال لأنشطة معتادة يُحفز لديهم «تأثير الرفاه»؛ الأمر الذي يخفف من حدة التوتر ويمنحهم إحساسًا بالأمان والقدرة على التحكم في الأمور.
وعلى الرغم من أن الطفولة تعد مرحلة البحث عن تجارب جديدة، إلا أن التعرض المستمر للمحفزات الجديدة والتكيف معها يمكن أن يرهق الأطفال، كما قد يتسبب في عبء معرفي ثقيل لا يستطيعون التعامل معه. فعند التعرض المستمر لتجارب جديدة يواجهون مواقف جديدة عليهم التكيف والتفاعل معها؛ وهو ما قد يكون مرهقًا لأنهم لا يعرفون كيف ستسير الأمور.
بالمقابل، يمكن لحلقة مألوفة أن تمنحهم شعورًا بالاطمئنان والأمان، وتقلل من مشاعر التوتر وعدم اليقين. فعملية تكرار المشاهدة بمثابة مكافئة لهم لأنهم يختبرون مشاعر متوقعة ناتجة عن أحداث معروفة؛ مما يعزز لديهم إحساسًا بالراحة والاطمئنان، فنهايات الحلقات التي شاهدوها سابقًا لم تكن مخيبة لآمالهم. كذلك تسهم ممارسة الأنشطة المتكررة التي تتحدى معرفة الأطفال فتمنحهم إحساسًا بالإتقان، في تحقيق التعلُّم ورفاه الأطفال.
ومع ذلك، يجب أن يكون للراحة حد؛ فإذا أثرت هذه الأنشطة والعروض المتكررة سلبًا في كيفية تفاعل الطفل مع أقرانه وتحد من مشاركته مع الآخرين، فيجب تشجيعه على الخروج والتفاعل مع الآخرين، وأن يكون نشطًا بدنيًّا وعقليًّا.
التكرار يزيد العاطفة قد يكون التكرار مجزيًّا معرفيًّا وعاطفيًّا إذا طُبق ضمن حدود صحية لمساعدة الأطفال على الانفتاح على الحياة وصقل مهاراتهم.
المراجع
neurosciencenews.com
psychologytoday.com(1)
psychologytoday.com (2)