يُعرف الخرف بأنه خلل في القدرات الإدراكية؛ يؤثر في التفكير والذاكرة؛ ما يؤدي إلى تغير كل سلوك الإنسان. ومن المعروف أن الخرف يُصاب به كبار السن، ولكن ما سوف نتحدث عنه في هذا المقال نوع معين من الخرف يصاب به الأطفال والمراهقون؛ وهو الخرف الرقمي.
الخرف الرقمي... مرض العصر
الخرف الرقمي هو تأثر قدرات الشباب والأطفال الإدراكية والسلوكية، وتشوش الذاكرة وضعف التركيز؛ نتيجة استخدام الوسائل التكنولوجية المفرط، وعدم القدرة عن الاستغناء عنها حتى في أدق التفاصيل. بداية من استخدام الآلة الحاسبة لحساب بعض العمليات الصغيرة إلى استخدام التقويم لتذكرتهم بالمواعيد المهمة، مرورًا بقضاء أغلب أوقاتهم على الهواتف المحمولة؛ لمشاهدة الفيديوهات ولعب الألعاب الإلكترونية.
كل تلك الاعتمادية أدت بشكل أو بآخر إلى الحد من القدرات المعرفية بسبب استخدام التقنيات الحديثة؛ وهو التعريف الذي أطلقه العالم الألماني مانفريد سبيتزر على الخرف الرقمي، مستعينًا بفكرة أن المخ مثل العضلات؛ إذا لم تتدرب أو تُستخدم تضمر. ويحدث الخرف الرقمي بسبب تحفيز الأجهزة الإلكترونية لفص المخ الأيمن المسئول عن الإدراك البصري وتمييز الأشكال والأصوات، في حين يقل نشاط جزء الدماغ الأيسر المسئول عن المهام التي تتضمن المنطق واللغة والأرقام والتفكير التحليلي.
تتمثل أعراض الخرف الرقمي في فقدان الذاكرة قصير المدى وتأخر النمو الذهني، والقلق والاكتئاب، بالإضافة إلى العزلة الاجتماعية وقلة الحركة واضطرابات التوازن والحركة غير المنسقة، وانحناء الرقبة نتيجة الوضعيات الخاطئة أثناء مسك الهواتف والنظر إلى الشاشات. فإذا ظهر على الطفل أو الشاب أحد هذه الأعراض أو أكثر من عرض مجتمعين فربما يعاني الخرَفَ الرقمي.
الوقاية من الخرف الرقمي
توجد عدة طرق للحد من الإصابة بالخرف الرقمي، ويمكن تطبيق هذه الطرق مع الأطفال أو المراهقين حتى الشباب. أهم هذه الطرق تقليل وقت استخدام الأطفال للهواتف والأجهزة اللوحية، واللعب بدلًا من ذلك، سواء الألعاب الحركية مثل الجري وممارسة الرياضة، أو الألعاب الذهنية، مثل الشطرنج والمكعبات. وبالنسبة إلى المراهقين والشباب، فالقراءة خير بديل للأجهزة الإلكترونية، إلى جانب ممارسة الرياضة أيضًا.
كما ذكرنا سالفًا، فإن الانعزال الاجتماعي من أعراض الخرف الرقمي؛ لذا من المهم إدخال الأطفال تحديدًا في الأنشطة الاجتماعية المتنوعة، ودمجهم مع أطفال في نفس أعمارهم؛ لممارسة أنشطة فنية وحركية، حتى مجرد تحدثهم بعضهم إلى بعض مفيد كثيرًا.
وكذلك من المهم الجلوس بوضعيات صحيحة للحفاظ على صحة العينين وفقرات الرقبة والظهر. فأغلب مستخدمي الأجهزة الإلكترونية لا يهتمون بذلك الأمر، ويكون الجهاز تحت مستوى النظر؛ لذلك يحني المستخدم رأسه للأمام؛ ما يؤثر في فقرات الرقبة. كذلك، فإن تقريب الهواتف كثيرًا من العينين يؤثر في قوة النظر. ويُفضل الجلوس على الكراسي الطبية في حالة استخدام الحواسيب، سواء كانت مكتبية أو محمولة؛ لشد الظهر، والحفاظ عليه في وضعية سليمة.
الخلاصة
أصبحت الأجهزة التكنولوجية جزءًا لا يتجزأ من حياتنا وحياة أبنائنا، ولكن يجب أن نضع في الاعتبار النتائج السلبية للاستخدام الخاطئ لهذه الأجهزة؛ لأنها يمكن أن تؤثر بشكل كبير في أجيال عديدة في المستقبل.
المراجع
psychologytoday.com
sycamorevalleychiropractic.com