المقالات

كيف تعمل العضلات؟

شارك

منذ الطفولة المبكرة، يحثوننا كثيرًا على تناول الطعام لكي تنمو عضلاتنا، إلا أن تصورنا للعضلات تشوبه كثير من المغالطات حول مفهوم القوة. فنحلم بأن تكون لنا عضلات كبيرة مثل «باباي» الذي كانت تنمو عضلات ساعديه عندما يأكل السبانخ، وبأن نصبح هكذا أبطالًا خارقين، ولكننا نغفل حقيقة العضلات ووظائفها وكيف يمكن للرياضة أن تحسنها. لنترك عالم باباي الخيالي إذن ونستعرض أنواع العضلات وعلاقتها بالرياضة.

عندما تُذكر العضلات عادة ما تتبادر العضلات الهيكلية إلى أذهاننا، وهي تلك المسئولة عن الحركة وعن حمل الأشياء الثقيلة. إلا أنها ليست النوع الوحيد للعضلات التي نمتلكها؛ فتضم أجسامنا ثلاثة أنواع من العضلات، وهي: العضلات القلبية، والعضلات الملساء، والعضلات الهيكلية. العضلات الملساء عضلات لا إرادية؛ إذ تتحرك دون أن نعي بها.

فالمثانة مثلًا عضلة ملساء؛ إذ تدفع البول خارج الجسم عندما تنقبض. وعضلة الرحم عضلة ملساء؛ إذ تدفع الطفل خارج جسم الأم. كذلك المعدة عضلة ملساء؛ فتتحكم انقباضاتها وانبساطاتها في حركة الطعام داخل الجسم.  والقلب أيضًا عضلة، ولكنه عضلة قلبية وهو العضلة الأقوى في الجسم برمته؛ فمع كلِّ دقة، يضخ نحو 71 جرامًا من الدماء، وهو ما يعادل 9450 لترًا من الدماء يوميًّا. عضلة القلب تعمل كل ثانية في كل دقيقة في حياتك بلا توقف، وهي بالطبع عضلة لا إرادية، ومهمتها ضمان وصول الدم اللازم لعمل جميع الأعضاء بشكل سليم.

هذا، وتختلف بنى العضلات باختلاف أنواعها. فالعضلات الملساء مثلًا غير مخططة، أي ليس لها المظهر المقلَّم الشائع في العضلات الهيكلية؛ كذلك، تتسم تقلصاتها بالبطء وتستحثها النبضات العصبية. على جانب آخر، فإن العضلات القلبية مخططة، ويتحكم بحركتها «الجهاز العصبي اللاإرادي» بدون أي مدخلات عصبية؛ إذ  تحدث الانقباضات بفضل الخلايا القلبية المعروفة بـ«ضابطة النبض». وتعود قوة عضلة القلب إلى وجود كميات كبيرة من المُتَقَدِّرات؛ وهي عضيات مسئولة عن توليد الطاقة في الخلايا، وكذلك توفير إمدادات كافية من الدماء.

تؤدي العضلات الهيكلية دورًا أساسيًّا عند القيام بأي حركة، من لعب كرة القدم أو التنس أو رفع الأثقال حتى كتابة الكلمات باستخدام لوحة المفاتيح. وهي محاطة بطبقة تُعرف بـ«غمد العضلات» تقيها من الاحتكاك بعضلات أو عظام أخرى. تضم كل عضلة هيكلية مجموعة من الألياف تعرف بـ«الحزمة» ويحيط بها نسيج يحميها يعرف بـ«ظِهارة الحزمة العضلية». كذلك تحتوي كل حزمة على ألياف يتوقف عددها على حجم العضلة. ويتراوح قطر اللِيْف الواحد من 10 إلى 80 ميكرومترًا، ويغطيه نسيج يُعرف بـ«غمد الألياف العضلية».

يقع غشاء الخلية الليفية ما بين الألياف العضلية وغمدها؛ ويوجد تحته البلازما العضلية – أحد أنواع سيتوبلازمات الخلية – وهي سائل موجود في معظم الخلايا التي تحوي الدهون، والجليكوجين، والمتقَدرات، وتمثل آلة القوة في الخلية. وبالنسبة إلى الألياف العضلية، فلها عضيات تُعرف بـ«اللُيَيْفة العضلية»؛ وتحوي الألياف مئات أو آلافًا من اللييفات العضلية التي تحوي بدورها حزمًا من بروتيني الأكتين والميوسين المسئولين عن انقباض العضلات. فتنتقل النبضات العصبية من غمد الألياف العضلية إلى اللييفات العضلية.

الحركة

عندما نمارس الرياضات أو نتجول فقط، فإن حركتنا تبدأ عندما تصل النبضات العصبية إلى العضلات؛ ففور أن تصل الإشارة إلى العضلات، تبدأ التفاعلات الكيميائية داخلها لتجبر الألياف على إعادة تنظيم نفسها صانعة الحركة، وفور اختفاء الإشارة تسترخي العضلة.

هنالك أكثر من 600 عضلة في الجسم أغلبها متصل بالعظام، وهذه العضلات هي المسئولة عن كل حركة نقوم بها. على سبيل المثال، فإننا عندما نجري نستخدم عضلات كثيرة، مثل: عضلات الفخذ الرباعية، وأوتار الركبة، وعضلات المؤخرة، وعضلات الورك، وعضلات الساق. وعضلات الفخذ الرباعية الموجودة في مقدمة الأفخاذ هي العضلات الرئيسية التي تتحرك عندما نجري، وهي تساعد على ثني الركبتين وفردهما وتحميهما عندما نضرب بقدمينا الأرض. حتى العضلة المستقيمة البطنية* التي قد تبدو غير مهمة في أثناء الجري هي في الحقيقة هامة جدًّا؛ فهي تساعد الجسم على الالتفاف والدوران.

عادة ما نربط بين العضلات والحركة؛ ولكن، الحركة ليست الوظيفة الوحيدة التي تؤديها العضلات الهيكلية. فبالإضافة إلى الحركة، تتحكم العضلات الهيكلية في الثبات. فعضلات الجذع بما فيها عضلات البطن والحوض والظهر تتحكم في توازن الجسم. تحافظ العضلات على هيئة الجسم أيضًا؛ إذ يفضي ضعف العضلات إلى عدم الاستقامة. هكذا، يُعدُّ الحفاظ على العضلات مفتاحًا لضمان هيئة جيدة، وكذلك للوقاية من إصابات المفاصل؛ فالناس أكثر عرضة لإصابات المفاصل عندما تكون عضلاتهم ضعيفة لا تقدم لها الدعم الكافي.

الرياضات والتمدد

الحفاظ على صحة العضلات من أولويات أي شخص يريد الحفاظ على صحته. والعضلات تهوى التحديات؛ من ثَمَّ، فإن ممارسة الألعاب والتمرينات الرياضية بانتظام أمر ضروري. عادة ما ترتبط العضلات بتمرينات القوى، مثل: رفع الأثقال، وتمرينات المقاومة، والضغط، والتقرفص، والاندفاع مع المشي، والدفع، وغيرها من التمرينات التي تستهدف العضلات.

وبينما تستهدف بعض التمرينات مجموعة واحدة من العضلات تعرف بتمرينات العزل، تستهدف تمرينات أخرى عضلات مختلفة تباعًا وتعرف بالتمرينات المركبة. بالطبع، كلما زاد عدد العضلات التي يتم تمرينها كان أفضل؛ فتمرين عضلات كثيرة في الوقت نفسه يحسن من قوة الجسم وأدائه بشكل عام.

والسباحة إحدى الرياضات الأساسية التي تستخدم عددًا كبيرًا من العضلات في الوقت نفسه. يمكن أيضًا الحفاظ على صحة العضلات من خلال التمدد؛ إذ تحسن من مرونة العضلات ونطاق تحركها. ويعرف المدربون والرياضيون المحترفون أهمية التمدد، فيمارسونه بعد تمرين عضلاتهم. اليوجا مثلًا أحد البرامج التدريبية التي تتضمن التمدد إلى جانب فوائدها الروحانية والذهنية الأخرى. والبيلاتس برنامج آخر يتضمن تمديد العضلات. جدير بالذكر أن ممارسة الرياضة بدون تمديد العضلات أمر غير فعال؛ ومن ثَمَّ، وعليك البدء في التمدد للحصول على عضلات أكثر صحة.

العضلات والهرمونات

يهتم بعض الناس بكبر حجم العضلات؛ فإن كنت ترغب في زيادة حجم عضلاتك، فعليك أن تعمل بكدٍّ. وبناء الاجسام من بين التمرينات التي تزيد حجم العضلات، وهو ينطوي على حمل أوزان ثقيلة تجبر العضلات على الانقباض، كما تزيد انقباضات العضلات عدد الشعيرات الانقباضية التي تزيد في النهاية حجم العضلة.

ولكن يلجأ بعض الناس للأسف إلى تناول الهرمونات لزيادة حجم عضلاتهم دون تعب بدلًا من ممارسة التمرينات. فيتناولون منشطات الستيرويدات الابتنائية المشتقة من هرمون التيستوستيرون الذكري المسئول عن تحفيز نمو العضلات. قد يبدو الأمر سحريًّا، ولكن هناك أعراض جانبية خطيرة لهذه المنشطات على حسب الجرعة والسن. فإذا تناولها المراهقون، فإنها توقف النمو وترفع مستويات الكوليسترول وتضرُّ بالكبد، كما قد تسبب السكتات والنوبات القلبية.

ومن المواد الأخرى التي يستخدمها بعض الرياضيين لتحسين أدائهم هرمون النمو البشري، المعروف اختصارًا بـ(HGH). يحسن هذا الهرمون من أداء الرياضيين وتحملهم، إلا أن له عديدًا من الأعراض الجانبية مثله مثل منشطات الستيرويدات الابتنائية. وتشمل الأعراض الجانبية تورم النسيج العضلي، وآلام المفاصل، وزيادة مخاطر الإصابة بالسكري وسرطان القولون.

الآن، وقد صرنا نعلم بنية عضلاتنا وكيفية الحفاظ على صحتها، يجب أن يكون التمرين أولوية في حياتنا. فالتمرين لا يجعل عضلات الساعد كبيرة مثل عضلات باباي فحسب، بل يساعدنا على الاحتفاظ بهيئة جيدة تحمي بدورها مفاصلنا من الإصابات. لا شيء يحسن العضلات أكثر من تحريكها؛ فعليك ممارسة الرياضات والتمدد من أجل التمتع بعضلات صحية.

المصطلحات

العضلة المستقيمة البطنية تعرف أيضًا بعضلات البطن، وهي عضلة مزدوجة ورأسية على كل جانب من جانبي جدار البطن الداخلي موجودة عند الإنسان وأنواع أخرى من الثدييات.

المراجع

healthline.com

kidshealth.org

people.eku.edu

loc.gov

blogs.ncl.ac.uk

teachpe.com

micro.magnet.fsu.edu

teachpe.com

visiblebody.com

livestrong.com

niams.nih.gov

thejoint.com

bbc.co.uk

broscience.co

medicalnewstoday.com

hgh.org

unitypoint.org

muscleforlife.com

runnersblueprint.com

من نحن

«كوكب العلم» مجلة علمية ترفيهية باللغتين العربية والإنجليزية يصدرها مركز القبة السماوية العلمي بمكتبة الإسكندرية وتحررها وحدة الإصدارات بقطاع التواصل الثقافي ...
مواصلة القراءة

اتصل بنا

ص.ب. 138، الشاطبي 21526، الإسكندرية، جمهورية مصر العربية
تليفون: 4839999 (203)+
داخلي: 1737–1781
البريد الإلكتروني: COPU.editors@bibalex.org

شاركنا

© 2025 | مكتبة الإسكندرية