يعاني بعض الأشخاص من اضطرابات صحية ربما لم تسمع بها من قبل لندرتها وغرابتها، ونتحدث في هذا المقال عن أربعة منها؛ فنحاول فهم طبيعتها وأثرها في حياة المصابين بها.
متلازمة اللكنة الأجنبية: عندما تتحدث بلكنة غير لكنتك الأصلية
ماذا ستفعل إذا استيقظت يومًا ووجدت أنك تتحدث بلكنة أخرى لم تتعلمها؟ قد يبدو الأمر ضربًا من الخيال؛ ولكن ذلك ما يحدث لمن يعانون من «متلازمة اللكنة الأجنبية»، فيتكلمون بلكنة غير لكنتهم الأصلية رغم أنهم لم يغادروا موطنهم قط.
تعد متلازمة اللكنة الأجنبية حالة نادرة، إذ سُجلت ما يقرب من مائة حالة فقط على مستوى العالم. تحدث المتلازمة بسبب وجود تضرر في مناطق من المخ والعضلات التي تُستخدم عند التحدث، وفي بعض الحالات قد لا يوجد سبب طبي واضح فتحدث بعد نوبات الصرع أو الصداع النصفي أو ترتبط ببعض الاضطرابات العقلية.
تظهر أعراض المتلازمة على صورة تغير في سرعة التحدث ودرجة علو الصوت ونبرته وقد يستبدل المصاب حروفًا بأخرى. وقد يعود المصابون إلى لكنتهم الأصلية في بعض الحالات، بينما يكون الأمر دائم بالنسبة إلى آخرين.
يُساعد علاج النطق واللغة في التحكم في الأعراض وتقليل حدتها من خلال:
- التمرن على كيفية تحريك الفك والشفاه عند التحدث.
- الاستشارات النفسية التي تساعد المصابين بالمتلازمة على التأقلم معها.
على أية حال، لا تعد متلازمة اللكنة الأجنبية خطرة، ولكنها قد تشكل ضغطًا يؤثر في الحالة النفسية للمصابين بها.
متلازمة الجثة السائرة: عندما يعتقد الإنسان بأنه ميت وهو حي يُرزق
في عام 2008، فوجئ الأطباء بدخول سيدة في العقد الخامس إلى المستشفى أحضرتها عائلتها لأنها تعتقد بأنها ميتة. قد تظن أن ذلك مشهد من فيلم سينمائي، ولكنه حقيقة؛ فهو اضطراب نفسي نادر يُعرف بوهم كوتار أو متلازمة الجثة السائرة الذي يعتقد المصاب بها أنه ميت أو أن أعضاء جسده توقفت عن العمل، أو حتى أنه لم يكن موجودًا قط.
يبلغ عدد المصابين بوهم كوتار 200 شخص في العالم، ويؤمن أصحابه بأفكار قاتمة ويعانون من أعراض شديدة مثل:
- العدمية؛ فيؤمنون أنه لا قيمة ولا معنى لأي شيء في الحياة.
- الاكتئاب والعزلة.
- سماع بعض الأصوات التي تخبرهم أنهم يحتضرون أو حتى أنهم قد ماتوا بالفعل.
- التوقف عن تناول الطعام والشراب وقد يحاول بعضهم أن يؤذي نفسه.
لم يتوصل العلماء إلى أسباب محددة للإصابة بالمتلازمة لكن الأبحاث أظهرت أنها ترتبط بوجود حالات طبية أخرى تؤثر في المخ مثل:
- الخرف.
- الصرع.
- وجود أورام في المخ أو عدوى.
- السكتة الدماغية أو اعتلال الدماغ.
يعتمد علاج وهم كوتار على علاج الأسباب والحالات الطبية الأخرى المرتبطة به، ويصل المرضى إلى أفضل نتيجة للعلاج عند الجمع بين الأدوية والعلاج المعرفي السلوكي أو العلاج النفسي.
لا شك أن وهم كوتار من الحالات الخطرة نتيجة اعتقاد صاحبه بأنه ميت، فلا بد من التدخل السريع وتوفير الدعم للمصابين به.
متلازمة الرأس المنفجر
ربما تكون لحظة الخلود إلى النوم بعد يوم عمل طويل هي اللحظة التي تنتظرها بفارغ الصبر، ولكن ماذا إن داهمتك أصوات تشبه الانفجارات أو الطلقات النارية لتستيقظ فزعًا ثم تدرك أن هذه الأصوات داخل رأسك فقط؟
تُعرف هذه الحالة النادرة بمتلازمة الرأس المنفجر وهي اضطراب في النوم يسمع المصابون به أصواتًا وهمية مفاجئة عند الاستغراق في النوم، ورغم اسمها المثير للقلق إلا أنها لا تعد حالة خطرة.
لا يزال العلماء يدرسون هذه المتلازمة ويحاولون التوصل إلى أسبابها، ولكن هناك عدة نظريات قد تفسرها مثل:
- حدوث نوبات صرع في الفص الصدغي من المخ.
- وجود مشاكل أو تضرر في الأذن الداخلية.
- التوقف المفاجئ عن تناول بعض الأدوية المخصصة لعلاج الاكتئاب والقلق.
رغم شعور المصابين بالمتلازمة بأن الأصوات التي يسمعونها تبدو حقيقية للغاية إلا أنها لا تؤلمهم ولا تؤذي آذانهم. يعد تثقيف المريض بشأن طبيعة المتلازمة حجر الأساس في العلاج، فقد تقل النوبات بعد طمأنة المريض ومساعدته في الحفاظ على عادات نوم صحية، بالإضافة إلى علاج القلق والاكتئاب واضطرابات النوم المصاحبة.
اضطراب بيكا
من منا لا يستمتع بنكهة الطعام الطازج؛ فالأكل ليس مجرد حاجة جسدية، بل متعة تتجاوز تلبية الجوع. ولكن ماذا لو شعرت برغبة ملحة في تناول أشياء غير صالحة للأكل كالتراب أو الورق أو الشعر؛ يبدو ذلك غريبًا لكنه حالة طبية غريبة تُعرف باضطراب بيكا.
يتناول البعض أشياء غير ضارة نسبيًّا مثل الثلج، ولكن الأمر قد يتطور عند تناول أشياء أكثر خطورة مثل أجزاء من الطلاء أو قطع المعدن. قد يظهر اضطراب بيكا بصورة مؤقتة عند النساء الحوامل والأطفال دون العامين كجزء من نموهم واستكشافهم العالم من حولهم.
لم تُعرف أسباب اضطراب بيكا، ولكنه يظهر غالبًا مع اضطرابات عقلية أو صحية مثل الإعاقات الذهنية والتوحد والفصام، ونقص بعض أنواع المعادن مثل الزنك والحديد، وربما يود بعض الأشخاص معرفة طعم بعض الأشياء التي ينجذبون إلى ملمسها أو رائحتها.
تظهر خطورة الاضطراب في المضاعفات المرتبطة به مثل:
- التسمم خاصة عند تناول المعادن مثل الرصاص.
- العدوى أو الإصابة بالطفيليات.
- مشاكل في الجهاز الهضمي مثل الإمساك وانسداد الأمعاء.
يعتمد علاج اضطراب بيكا على علاج الأسباب المرتبطة به مثل تعويض نقص المعادن والفيتامينات، وعلاج الاضطرابات الصحية والنفسية المصاحبة. قد يلجأ الأطباء أيضًا إلى العلاج السلوكي لمساعدة المصابين على تغيير سلوكهم والتركيز على ممارسة أنشطة وسلوكيات أخرى.
المراجع
my.clevelandclinic.org
nationaleatingdisorders.org
ncbi.nlm.nih.gov
webmd.comhealthline.com