عمر ياغي هو كيميائي أردني يُحتَفَى به في الوسط العلمي لإسهاماته في مجال علم المواد؛ فقد عمل عمر لأعوام على تطوير مواد جديدة ذات مساحة سطحية عالية للغاية وكثافة بلورية منخفضة جدًّا. واليوم قد نجح عمر ياغي وعمره خمسون عامًا في إنتاج فئات من المركبات تعرف بالأطر المعدنية العضوية والأطر العضوية التسهامية. وقد نجح في تطوير تلك المواد بدءًا من الأساسيات العلمية البسيطة إلى التطبيقات واسعة النطاق في تكنولوجيا الطاقة النظيفة، ومن ذلك تخزين الهيدروجين والميثان، وكذلك فصل غاز ثاني أكسيد الكربون وتخزينه.
لفهم طبيعة المواد التي طورها عمر ياغي، يحتاج المرء أولًا لاستيعاب مبدأ علمي من مبادئ علم المواد؛ فالهيكل المجهري لمعدن ما يتكون من تنظيم بلوري من الذرات، والأيونات، والجزيئات. دعونا نتصور ذلك الهيكل البلوري على شكل صندوق كبير مبني من مصفوفة من الصناديق الصغيرة؛ في حين يتكون كل من تلك الصناديق الصغيرة بدورها من صناديق أصغر، ويتكرر هذا الأمر إلى ما لا نهاية في جميع الاتجاهات المكانية الثلاثة.
مثل تلك الوحدة الخلوية هي الوحدة الصغرى للحجم، وتحتوي على جميع البيانات الهيكلية والتماثلية اللازمة لبناء الهيكل المجهري للشبكة المعدنية. تتصل الذرات والجزيئات بعضها ببعض خطيًّا عن طريق روابط لتشكل سلاسل من الجزيئات. تلك السلاسل بدورها يترابط بعضها ببعض لتشكل الهيكل العام للمادة؛ حيث يكون لطبيعة تلك الروابط تأثير كبير في الصفات الفيزيائية للمادة.
طور عمر ياغي مادة جديدة هي الأطر المعدنية العضوية، وهي مركب يتكون من أيونات معدنية مصفوفة مع جزيئات عضوية لتشكيل هياكل بعدية ذات مسامية عالية. تشكلت تلك المادة عن طريق ربط الوحدات غير العضوية والعضوية بروابط قوية؛ المرونة المتاحة في تعديل هندسة المكونات، ومقاسها، ووظيفتها أدت في النهاية إلى تطوير أكثر من 20.000 من الأطر المعدنية العضوية المختلفة التي نشرها عمر ياغي ودرسها أثناء العقد المنصرم.
عادة ما تكون الوحدات العضوية جزيئات سلبية الشحنة، والتي تعطي عند ربطها بالوحدات المحتوية على المعدن هياكل أطر معدنية عضوية بلورية قوية البنيان بمسامية تزيد على 50٪ من حجم بلور الأطر المعدنية العضوية. وعادة ما تتراوح قيمة المساحة السطحية لتلك الأطر المعدنية العضوية من 1000 إلى10.000 م2/جم؛ أي تتفوق على المواد المسامية التقليدية مثل الزيوليتات والكربونات.
واليوم، فإن الأطر المعدنية العضوية ذات المسامية الدائمة التي طورها عمر ياغي هي أوسع نطاقًا؛ من حيث التنوع والتعددية من أي فئة أخرى من المواد المسامية المعروفة. تلك المميزات جعلت من الأطر المعدنية العضوية موادَّ مثالية لتخزين الوقود – الهيدروجين والميثان – وفصل غاز ثاني أكسيد الكربون والتطبيقات التحفيزية، على سبيل المثال وليس الحصر.
بعد نجاحه في تطوير الأطر المعدنية العضوية، قرر عمر ياغي تركيز عمله على تطوير فئة فرعية منها يمكن استخدامها في الصناعات المستهلكة للطاقة؛ وذلك بغرض توفير الطاقة والتكلفة بشكل ملموس. تلك كانت أطر إيميدازولات الزيوليتيك.
تشكل عمليات الفصل الصناعية نحو 10٪ من الطلب العالمي على الطاقة؛ وذلك لاعتمادها بشكل كبير على استخدام عمليات الفصل الحراري، على سبيل المثال عملية التقطير. وقد درس عمر ياغي تلك العمليات؛ فوجد أنه يمكن توفير الطاقة والتكلفة بشكل كبير عن طريق استخدام تقنيات فصل متقدمة، مثل أغشية الفصل ومواد الامتصاص.
يبقى أحد أهم العوائق لتقبل تلك التقنيات وهو تطوير مواد فعَّالة ومنتجة عند استخدامها في عمليات صناعية ذات ظروف قاسية. لهذا السبب قرر عمر ياغي استخدام أطر إيميدازولات الزيوليتيك بصفتها فئة فرعية مستقرة حراريًّا وكيميائيًّا من الأطر المعدنية العضوية. فيمكن تسخين هياكل أطر إيميدازولات الزيوليتيك المسامية إلى درجات حرارة عالية دون أن تتحلل، كما يمكنها البقاء مستقرة عند غليها في الماء أو المذيبات لمدة أسبوع؛ ولذلك هي مناسبة للاستخدام في بيئات ساخنة منتجة للطاقة مثلما في محطات توليد الطاقة.
ولم يتوقف عمر ياغي عند ذلك؛ بل استمر في الارتقاء بتصميم الهياكل العضوية الممتدة البلورية وتوليفها، كما طور فئة فرعية أخرى من الأطر المعدنية العضوية حيث ترتبط لبنات بناء الشبكة بروابط تساهمية. تلك المواد المطورة هي مواد صلبة بلورية مسامية تتكون من وحدات بناء ثانوية تتجمع لتشكل إطارًا متكررًا عالي المسامية.
يمكن تشكيل عدد يكاد لا يحصى من الأطر من خلال تركيبات متنوعة من وحدات البناء الثانوية، مما يؤدي إلى خصائص مادية فريدة لتطبيقات الفصل، والتخزين، والحفز غير المتجانس. تلك هي الأطر العضوية التساهمية، وهي مسامية، وبلورية، ومشكلة بالكامل من عناصر خفيفة – الهيدروجين، والبورون، والكربون، والنيتروجين، والأكسجين – ومعروفة بتشكيل روابط تساهمية قوية في مواد نافعة شديدة الصلابة، مثل الألماس، والجرافيت، ونيتريد البورون.
وقد أدى الوصول إلى مواد الأطر العضوية التساهمية بشكل ناجح عن طريق تطوير وحدات البناء الجزيئية إلى أطر فريدة يمكن استخدامها في عمل مواد خفيفة الوزن مثالية لتخزين الغازات، والتطبيقات الضوئية والحفزية.
في عام 2006 تم الاعتراف بعمل عمر ياغي الخاص بتخزين الميثان والهيدروجين في عديد من الإصدارات، التي أدرجته ضمن "أكثر عشرة علماء ومهندسين عبقرية في الولايات المتحدة الأمريكية". وفي 2010 نشرت مجلة "ساينس واتش" (Science Watch) قائمة "أفضل مائة كيميائي في العالم"؛ حيث أتى ترتيب اسم عمر ياغي الثاني.
المراجع
Yaghi, Omar M. et al, “Effects of functionalization, catenation, and variation of the metal oxide and organic linking units on the low-pressure hydrogen adsorption properties of metal-organic frameworks”, 2006.
Yaghi, Omar M. et al., “Exceptional chemical and thermal stability of zeolitic imidazolate frameworks”, 2006.
Yaghi, O. M. et al, “Reticular synthesis and the design of new materials”, 2003.
http://yaghi.berkeley.edu
www.sciencedaily.com
www.sciencemag.org