سر الطفو والغرق: لماذا تطفو السفينة وتغرق الإبرة؟

شارك

هل تساءلت يومًا ما سر الطفو والغرق؟ ولماذا تطفو السفينة الضخمة على سطح البحر، في حين تغرق الإبرة الصغيرة في لمح البصر؟ يبدو الأمر وكأنه نوع من السحر، لكن في الحقيقة توجد قوانين علمية دقيقة تتحكم في مثل هذه الظواهر. في هذا المقال، نبحر معًا في عالم الفيزياء، ونتعرف على مبدأ أرشميدس، ونكتشف كيف تؤدي الكثافة والشكل دورًا أساسيًّا في تقرير مصير أي جسم يوضع في الماء.

ما الفرق بين الطفو والغرق؟

الطفو يعني قدرة جسم ما على البقاء فوق سطح السائل (مثل الماء) أو الغاز (مثل الهواء)، دون أن يغرق أو يغوص. ويحدث ذلك عندما تدفع قوة السائل أو الغاز الجسم إلى أعلى؛ وتسمى هذه القوة «قوة الطفو» أو «قوة أرشميدس»؛ فإذا كانت هذه القوة كافية للتغلب على وزن الجسم، يطفو؛ وإذا كانت أقل، يغرق أو يغوص.

تجربة أرشميدس

قبل أكثر من ألفي عام، اكتشف العالم اليوناني أرشميدس هذا المبدأ عندما لاحظ أن جسمه يبدو أخف وزنًا عند دخوله حوض الاستحمام، إذ اكتشف أن الماء يزيح حجمًا مساويًّا لحجم الجسم المغمور فيه. ويميل هذا الماء المـُزاح إلى العودة إلى موضعه الأصلي؛ وبذلك يُؤثر في الجسم بقوة تُعرف باسم قوة الدفع لأعلى «قوة الطفو».

فكلما زادت كَمَيَّة الماء المـُزاح، زادت قوة الدفع لأعلى. ولكي يطفو الجسم، يجب أن تكون قوة الدفع لأعلى مساوية أو أكبر من قوة الجاذبية المؤثرة عليه.

مبدأ أرشميدس: قوة الطفو = وزن السائل الذي أزاحه الجسم.

دور الكثافة والشكل في ظاهرة الطفو

  • يرتبط الطفو ارتباطًا وثيقًا بالكثافة التي تُعرف بأنها «نسبة كتلة الجسم إلى حجمه».
  • تبلغ كثافة الماء نحو 1 جرام لكل سنتيمتر مكعب؛ وتُسمى كثافة الجسم موازنةً بكثافة الماء بالجاذبية النوعية.
  • إذا كانت كثافة الجسم أقل من كثافة الماء؛ مثل الخشب أو البلاستيك، فسوف يطفو.
  • إذا كانت كثافة الجسم أكبر من كثافة الماء؛ مثل الحديد أو الحجارة، فسوف يغرق.
  • معظم الأجسام الطافية أجسام ذات حجم ضخم نسبيًّا، وكثافة منخفضة نسبيًّا.

لماذا تطفو السفينة وتغرق الإبرة؟

تُصنع السفن من الحديد الثقيل، ولكنها تُبنى بشكل مجوف يشبه الوعاء الضخم. هذا التصميم يجعلها تُزيح كَمَيَّة هائلة من الماء عند وضعها في البحر، ومن ثم تكون قوة الطفو أكبر من وزن السفينة، فتطفو بسهولة؛ إنها ليست مسألة حجم المعدن فقط، بل شكل الجسم وكيفية توزيعه للوزن.

على العكس من السفينة، فإن الإبرة صغيرة جدًا وصلبة وكثافتها عالية، فلا تُزيح إلا كَمَيَّة قليلة من الماء عند سقوطها فيه؛ لذلك تكون قوة الطفو أصغر من وزن الإبرة، فتغرق مباشرةً إلى القاع.

كيف تستطيع الأسماك الطفو على سطح الماء؟

تكتسب الأسماك القدرة على الطفو من خلال عضو يُسمى «مثانة السباحة»؛ ويشبه هذا العضو بالونًا مملوءًا بالهواء، يتمدد وينكمش مع ارتفاع السمكة أو انخفاضها في الماء. عندما تتمدد المثانة، يزداد حجم السمكة مع ثبات كتلتها. ويؤدي هذا إلى انخفاض جاذبيتها النوعية؛ مما يدفعها إلى الصعود. ويؤدي انخفاض حجم المثانة إلى ارتفاع جاذبيتها النوعية؛ مما يدفعها إلى الهبوط.

الطفو في حياتنا اليومية

الطفو لا يقتصر على السفن فقط، بل نراه في حياتنا اليومية، مثل:

  • السباحة: تُزيح أجسامنا الماء عندما نسبح، فتنتج قوة الطفو التي تساعدنا على البقاء فوق سطح الماء.
  • البالونات في الهواء: يحدث الطفو في الغازات مثلما يحدث في الماء؛ فالبالون المملوء بالهيليوم يطفو في الهواء، لأن كثافته أقل من كثافة الهواء.
  • الغواصات يمكنها الغوص والصعود عبر التحكم بوزنها، إذ تملأ خزاناتها بالماء للغوص، وتفرغها بالهواء لتطفو من جديد.

*************************

الطفو سر علمي رائع، يفسر لنا كيف تبقى بعض الأشياء فوق سطح الماء في حين تغرق الأخرى. ومن دون مبدأ أرشميدس، ما كان للبشر أن يكتشفوا سر الطفو والغرق، أو يصنعوا السفن العملاقة، أو يستمتعوا بالسباحة، أو حتى يرسلوا الغواصات إلى أعماق البحار.

المراجع

britannica.com

courses.lumenlearning.com

sciencelearn.org.nz

Cover Photo by Freepik.

من نحن

«كوكب العلم» مجلة علمية ترفيهية باللغتين العربية والإنجليزية يصدرها مركز القبة السماوية العلمي بمكتبة الإسكندرية وتحررها وحدة الإصدارات بقطاع التواصل الثقافي ...
مواصلة القراءة

اتصل بنا

ص.ب. 138، الشاطبي 21526، الإسكندرية، جمهورية مصر العربية
تليفون: 4839999 (203)+
داخلي: 1737–1781
البريد الإلكتروني: COPU.editors@bibalex.org

شاركنا

© 2025 | مكتبة الإسكندرية