المقالات

لماذا لا نستطيع التنفس تحت الماء؟

شارك

هل شردت بأفكارك يومًا وتساءلت لماذا لا نستطيع التنفس تحت الماء رغم أن الأكسجين يدخل في تركيب جزيئاته؟ ولماذا تستطيع الأسماك استخلاص الأكسجين تحت الماء في حين نحتاج نحن إلى أسطوانة الأكسجين؟ وبالمثل، لماذا لا تستطيع الأسماك التنفس خارج الماء في ظل وجود الأكسجين في تركيب الهواء؟

الإجابة ببساطة تكمن في اختلاف طبيعة الجهاز التنفسي بين الكائنات البرية والبحرية. تبدأ عملية التنفس في الإنسان من خلال تمرير الهواء المحمل بغازي الأكسجين وثاني أكسيد الكربون من الأنف إلى القصبة الهوائية ثم إلى الرئتين. فتضيق الشعب الهوائية الموجودة في الرئة تدريجيًّا حتى يعبر الأكسجين أغشية الرئة متجهًا إلى مجرى الدم. ويُحمَّل هواء الزفير بغاز ثاني أكسيد الكربون الخارج من خلايا الدم نتيجة عملية تغذية الخلايا بالجلوكوز، وتستغرق هذه العملية ثواني معدودة.

يتكون جزيء الماء من اتحاد ذرتين من غاز الهيدروجين وذرة واحدة من الأكسجين في شكل رابطة تساهمية كيميائية تتطلب قدرًا كبيرًا من الطاقة لكسرها وتحرير الأكسجين. وبطانة رئتي الإنسان ليست مصممة للقيام بهذه العملية؛ فقد يموت الشخص قبل الوصول إلى كمية الأكسجين الكافية لإتمام عملية التنفس. علاوة على ذلك، لن تستفيد الرئتان بالأكسجين في حالته الذرية.

واستخلاص الأكسجين المذاب في الماء ليس بالأمر السهل؛ وذلك لاختلاف الكثافات؛ حيث تفوق كثافة الماء كثافة الهواء. كذلك يحتوي الهواء على 20 ضعفًا من الأكسجين الموجود في الماء. ويُعد السبب الرئيسي وراء تفوق الأسماك على الإنسان في استخلاص الأكسجين المذاب من الماء هو أن الأسماك من ذوات الدم البارد، أي تحتاج إلى كمية قليلة من الأكسجين لإتمام عملية التنفس. وبعض الكائنات البحرية من ذوات الدم الحار مثل الحيتان والدلافين يصعب عليها استخراج ما يكفي من الأكسجين باستخدام الخياشيم؛ لذلك تتجه إلى سطح المياه لالتقاط بعض الهواء.

تحتاج الأسماك أيضًا إلى الأكسجين للبقاء على قيد الحياة؛ ولكنها لا تتنفس الأكسجين الموجود في جزيء الماء (H2O)، بل تستخلص الخياشيم الأكسجين المذاب في الماء. فالواقع أن غازات عديدة تستطيع الذوبان في السوائل، ونرى هذا المثال دائمًا في المشروبات الغازية التي تحتوي على كمية كبيرة من غاز ثاني أكسيد الكربون المذاب في الصودا، والذي يظهر على شكل فقاعات عند فتح العبوة.

البرمائيات هي حلقة الوصل بين الكائنات البرية والبحرية؛ فهي تعتمد على الرئتين والجلد وأحيانًا على الخياشيم لإتمام عملية التنفس. تبدأ البرمائيات التنفس من خلال الجلد عن طريق إفراز بعض المواد المخاطية التي تحافظ على رطوبة الجلد، وتعمل على امتصاص الأكسجين الذي ينتقل بدوره إلى الشعيرات الدموية القريبة من سطح الجلد ثم إلى جميع خلايا الجسم. وجدير بالذكر أن البرمائيات تمتص أكثر من ربع كمية الأكسجين الذي تستهلكه في عملية التنفس من خلال الجلد، وإذا أصابها الجفاف، فإنها لا تستطيع التنفس وتموت. وبعض البرمائيات لا تعتمد على الرئتين أو الجلد فحسب؛ حيث تمتلك الشراغيف (صغار الضفادع) خياشيم مثل خياشيم الأسماك للقيام بعملية التنفس؛ وذلك بسبب مكوثها في المياه فقط في فترة من فترات نموها.

وأخيرًا وليس آخرًا، لا شك أن الكيمياء تفاجئنا دائمًا بتفاعلاتها المثيرة وألوانها الرائعة فأحيانًا تتفاعل العناصر لتعطي المركبات نفسها بالصيغة الجزيئية نفسها، ولكن عند دراستها عن قرب نكتشف أنها مختلفة تمامًا عند الاستخدام من كائن إلى آخر.

المراجع

science.howstuffworks.com
livescience.com
quora.com
sciencing.com

من نحن

«كوكب العلم» مجلة علمية ترفيهية باللغتين العربية والإنجليزية يصدرها مركز القبة السماوية العلمي بمكتبة الإسكندرية وتحررها وحدة الإصدارات بقطاع التواصل الثقافي ...
مواصلة القراءة

اتصل بنا

ص.ب. 138، الشاطبي 21526، الإسكندرية، جمهورية مصر العربية
تليفون: 4839999 (203)+
داخلي: 1737–1781
البريد الإلكتروني: COPU.editors@bibalex.org

شاركنا

© 2024 | مكتبة الإسكندرية