عادةً ما يقلَّل من شأن النمل بسبب حجمه الصغير، وهو من الحشرات المزعجة لكثيرين بسبب لدغاتها المؤلمة. إلا أن التأثير الكبير لتلك الحشرات الاجتماعية التي تعيش في مستعمرات يستدعي مزيدًا من الانتباه والتقدير.
يتميز النمل بالمرونة والقدرة على الصمود؛ فقد استمر وجوده على كوكب الأرض دائم التغير لنحو 140 إلى 168 مليون سنة، ناهيك بقدرته الخارقة على حمل أشياء تفوق وزنه بـ50 ضعفًا. ورغم ذلك، يمكن للنمل أحيانًا التسبب في مشكلات كبيرة؛ مثل الإخلال بالمواطن الطبيعية التي يغزوها والتأثير في سلوك صيد المفترسات. فقد أشارت دراسات حديثة إلى حدوث تغييرات جذرية في مشهد بعض الأماكن نتيجة لما يُطلق عليه «تأثير النمل».
فما هو «تأثير النمل»؟
ألقت دراسة منشورة في يناير 2024 الضوء على التأثير المدمر لأحد أنواع النمل ذي الرأس الكبير الذي غزى* مناطق السافانا في كينيا، ليغيِّر من طبيعة المكان ويجبر الأسود على تغيير سلوكها في الصيد.
على مرِّ التاريخ، طوَّرت أشجار الأكاسيا الموجودة في سهول لايكيبيا في كينيا علاقة تكافلية مع نوع محلي من نمل الأكاسيا. فقدمت الأشجار المأوى والغذاء للنمل، بينما حالت لسعات النمل المؤلمة دون التهام الأفيال للأشجار. من ناحية أخرى، اعتادت الأسود الاعتماد على تكتيك المفاجئة لصيد الحمير الوحشية تحديدًا؛ حيث اعتادت الاختباء بيت أشجار الأكاسيا لمداهمة فرائسها.
منذ نحو عقدين، وجد النمل ذو الرأس الكبير –الذي يعتقد أنه كان يتوطن أحد جزر المحيط الهادئ– طريقه إلي كينيا مع حركة الأشخاص والبضائع، وبدأ يقتل نمل أشجار الأكاسيا. وقد أفسح ذلك الساحة أمام الأفيال لتدمير الأشجار، وصارت الأسود تصيد عددًا أقل بكثير من الحمير الوحشية. ومن ثّمَّ اضطرت الأسود إلى تغيير سلوكها واستهداف فرائس أخرى، وتحديدًا الجاموس الأبطأ كثيرًا من الحمار الوحشي.
ماذا بعد؟
يبدو أن تأثير النمل ذي الرأس الكبير في سلوك الصيد لدى الأسود مجرد بداية لسلسلة من التأثيرات البيئية والعلمية القادمة. فمن المتوقع أن يسبب النمل ذو الرأس الكبير مشكلات للأنواع الأخرى التي تعتمد على أشجار الأكاسيا، مثل الزرافات ووحيد القرن الأسود.
*اقرأ مزيدًا عن الأنواع الغازية في مجلة كوكب العلم، عدد ربيع 2022.
المراجع
natgeokids.com
pestworld.org
expeditions.fieldmuseum.org
today.rtl.lu
en.wikipedia.org
Cover Image by vecstock on Freepik