هل شاهدت من قبل مدونة مرئية على موقع يوتيوب YouTube عن الأكل الحدسي؟ أو هل استمعت مؤخرًا إلى بودكاست يقدم فيه أحد خبراء التغذية نصائح تبدو رائدة تدعو إلى التخلي عن الأنظمة الغذائية وبدء تناول الطعام بشكل حدسي؟ يبدو أن الأكل الحدسي قد تزايدت شعبيته على مدى العامين الماضيين، إذ أكد كثيرون تأثيره الإيجابي في لياقتهم البدنية. فهل هذا الكلام مثبت أم بدعة على وسائل التواصل الاجتماعي؟
ما الأكل الحدسي؟
الأكل الحدسي Intuitive Eating (IE) نهج ضد النظم الغذائية، إذ يعتمد على احتياجات الفرد؛ سواء كانت مرتبطة بالجسد أو العاطفة أو غيرهما. ويشجع هذا النهج على الإصغاء إلى إشارات الجسم من الجوع أو الشبع، بدلًا من اتباع أنظمة أو قواعد غذائية صارمة. وعلى عكس الحميات الغذائية، لا يركز الأكل الحدسي على تناول أطعمة محددة، أو مراقبة مستوى السعرات الحرارية، أو حتى تناول الطعام في أوقات منتظمة، بل يتعلق الأمر كله بإعادة الاتصال بأجسامنا إلى جانب تعزيز علاقة صحية مع الطعام. وهذا قد لا يؤدي إلى فقدان الوزن، بل يهدف بالأحرى إلى الحفاظ على صورة ذاتية إيجابية.
تاريخ الأكل الحدسي
صاغت خبيرتا التغذية إيفلين تريبول وإليس ريش مصطلح «الأكل الحدسي» في كتابهما بعنوان «الأكل الحدسي: برنامج ثوري فعال» والذي نُشر لأول مرة عام 1995. وقد كانت الخبيرتان تُعدان متطرفتين آنذاك، إذ كانتا أول من تحدى قيود ممارسات النظام الغذائي التقليدية ومخاطرها. ومنذ ذلك الحين، اكتسب الأكل الحدسي شعبية واسعة، كما صارت تدعمه البحوث الجارية في مجالي التغذية وعلم النفس.
الدعم العلمي للأكل الحدسي
أظهرت الدراسات ارتباط الأكل الحدسي بتحسن الصحة النفسية وصورة الجسم، وانخفاض مستويات سلوكيات الأكل المضطربة. وتشير الأبحاث أيضًا إلى أن الأكل الحدسي قد يؤدي إلى التحكم في الوزن بصورة أفضل على المدى الطويل؛ مقارنةً باتباع الأنظمة الغذائية القاسية. كذلك أسهمت دراسات أخرى في مجموعة واسعة ومتزايدة من الأدلة التي تدعم فعالية الأكل الحدسي وفوائده بوصفه منهجًا صحيًّا عن تناول الطعام والصحة. ومع ذلك، ركز بحث بعنوان «مقياس الأكل الحدسي-2: تحسين العناصر والتقييم النفسي لنساء ورجال بالكلية» (2013) على تطوير مقياس لقياس سلوكيات الأكل الحدسي والتحقق من صحته.
الفرق بين الأكل الحدسي والأكل العاطفي
قد يبدو اتباع حدسك حلًّا معقولًا؛ خاصة إذا كنت تحاول الخروج من دوامة النظم الغذائية القاسية، ولكن قد يصبح الأكل الحدسي بسهولة طريقًا محفوفًا بالمخاطر إذا لم تكن حذرًا بدرجة كافية عند الاستماع إلى رغبات جسمك. وهذا ما يحدث عندما يتملكنا الأكل العاطفي؛ وهي حالة يلجأ إليها الفرد مستخدمًا الطعام وسيلة أساسية للتكيف مع مشاعره، مثل التوتر أو الحزن أو الملل. ويمكن أن يؤدي سوء فهم إشارات الجسم إلى الإفراط في تناول الطعام أو الشراهة (نهم الطعام). ولهذا السبب يجب التعامل مع الأكل الحدسي بيقظة ووعي لتجنب وقوع مثل تلك المخاطر.
المراجع
intuitiveeating.org
nytimes.com
pubmed.ncbi.nlm.nih.gov
Cover Image by freepik