في السنوات الأخيرة، بدأت حقن التخسيس تتصدر المشهد بوصفها حل سحري للتخلص من الوزن الزائد، إذ بدأ كثيرون استخدامها دون وعي كافٍ بكيفية عملها أو آثارها الجانبية المحتملة.
ففي خلال وقت قصير، تحولت أسماء أدوية مخصصة لمرضى السكري –مثل أوزمبك Ozempic ومونجارو Mounjaro– إلى «إكسير رشاقة»، وظاهرة مدعومة بصور مشاهير فقدوا أوزانهم سريعًا.
ورغم ذلك، توجد وراء تلك اللمعة الإعلامية حقائق طبية مقلقة، ومضاعفات بدأت تظهر؛ وأحيانًا تكون الحياة هي الثمن. فما حقيقة هذه الحقن؟ وهل فعلاً تُساعد على خسارة الوزن بأمان، أم أنها وهم مغلَّف بالأمل فحسب؟
من علاج السكري إلى وسيلة تخسيس
في الأصل، طُوِّر عقاري أوزمبك Ozempic (المادة الفعالة: سيماجلوتايد) ومونجارو Mounjaro (المادة الفعالة: تيرزيباتيد) لعلاج داء السكري من النوع الثاني، إذ تعمل هذه الأدوية على محاكاة هرمونات طبيعية، مثل GLP-1 وGIP، والتي تُفرَز في الجسم بعد تناول الطعام لتنظيم نسبة السكر في الدم، وزيادة الشعور بالشبع، وإبطاء حركة المعدة. وقد لاحظ الأطباء في أثناء الاستخدام، أن المرضى يفقدون الوزن بشكل ملحوظ؛ مما دفعهم إلى اعتماد هذه الأدوية لاحقًا بجرعات أعلى في المساعدة على علاج السمنة.
كيف تُسهم تلك الحقن في إنقاص الوزن؟
- تقلل الشهية بشكل هائل؛ مما يؤدي إلى تناول كميات أقل من الطعام.
- تُبطئ من حركة المعدة؛ مما يطيل فترة الشعور بالشبع.
- تؤثر على مناطق في الدماغ مرتبطة بالرغبة في تناول الأطعمة عالية السعرات.
تشير بعض الدراسات إلى أن هذه الأدوية قد تساعد في تقليل الوزن بنسبة من 10٪ إلى 20٪ في خلال عام واحد، مع الالتزام بنشاط بدني منتظم وأطعمة قليلة السعرات؛ وهي نتائج تُعد لافتة جدًا مقارنة بالوسائل التقليدية لإنقاص الوزن، ولكن المشكلة ليست في آلية العمل، بل في كيف ومتى ومَن يستخدمها.
لمَ القلق الطبي حول استخدام حقن التخسيس؟
رغم فعاليتها، فإن الاستخدام المتزايد والعشوائي لهذه الأدوية أثار قلقًا طبيًّا عالميًّا، خاصة مع ظهور آثار جانبية خطيرة، منها:
- شلل المعدة gastroparesis وهي حالة يتوقف فيها الجهاز الهضمي عن العمل بشكل طبيعي، وقد تؤدي إلى قيء مستمر، وآلام شديدة، وفقدان القدرة على تناول الطعام.
- فقدان الوعي والحاجة إلى تدخل طبي طارئ بسبب مضاعفات حادة، خاصة مع الاستخدام العشوائي دون استشارة أو متابعة طبية.
- التهاب البنكرياس، وهو حالة قد تكون مميتة لو لم تُعالج سريعًا.
- فقدان شديد للشهية يؤدي إلى سوء تغذية، خاصة مع استمرار الاستخدام لفترات طويلة.
- وجه الأوزمبك Ozempic Face نتيجة فقدان الدهون السريع؛ مما يسبب ترهل الوجه وظهور الخطوط والتجاعيد.
- تأثيرات نفسية محتملة، مثل القلق والاكتئاب، مرتبطة بتغيرات سريعة في الجسم أو الاعتماد على الدواء.
- نقص الأدوية من الأسواق نتيجة زيادة الطلب عليها؛ مما أثر على المرضى الذين يحتاجونها فعلًا في تنظيم السكر في الدم.
كذلك تشير بعض التقارير الحديثة إلى وجود حالات قد أُدخلت إلى غرف العناية المركزة بعد استخدام تلك الحقن دون إشراف طبي، معتقدين أنها مجرد «حقنة سحرية» للتخلص من الوزن.
ما سبب انتشار حقن التخسيس؟
في الفترة السابقة انتشرت حقن التخسيس بصورة لافتة، ويرجع ذلك إلى:
- الدعاية الضخمة لها على مواقع التواصل الاجتماعي.
- ظهور نتائج سريعة ومغرية لها في فترة قصيرة.
- ضعف الرقابة على صرف بعض الأدوية خارج الإطار العلاجي الصحيح.
لماذا يجب أن ننتبه؟
- هذه الأدوية ليست مخصصة للجميع فاستخدامها دون استشارة طبية قد يكون خطرًا.
- الوزن قد يعود بعد التوقف عنها؛ مما يجعلها التزامًا طويل الأمد وباهظ التكلفة من الناحية المادية والصحية والنفسية.
- لا يجب أن يكون إنقاص الوزن بالحقن فقط، بل يرتبط باتباع نمط حياة صحي متوازن.
متى يكون استخدام حقن التخسيس مقبولًا؟
توصي الهيئات الصحية باستخدام هذه الحقن فقط تحت إشراف طبي وضمن خطط علاج السمنة المرضية المرتبطة بمضاعفات صحية مثل السكري وارتفاع ضغط الدم. وأما استخدامها بهدف «التخسيس التجميلي السريع» أو «خسارة خمسة كجم قبل الصيف» هو وصفة لكارثة صحية محتملة من الناحية الجسدية والنفسية.
ما الذي يجب أن نتذكره؟
- هذه الأدوية ليست مناسبة للجميع، ولا تُغني عن تغيير نمط الحياة.
- فقدان الوزن السريع لا يعني بالضرورة تحسنًا صحيًّا مستدامًا، بل على العكس، من الممكن أن يؤدي لمشكلات أعقد.
- جسم الانسان ليس مشروعًا طارئًا أو تجربة للتعديل السريع، بل منظومة بيولوجية دقيقة تستحق العناية والفهم.
في النهاية، حقن التخسيس ليست مجرد وسيلة لإنقاص الوزن، لكنها تدخل مباشر في نظام هرموني حساس. والتعامل معها بوصفها منتج تجميلي يعد تجاهلًا لحقيقتها الطبية المعقدة.
المراجع
edition.cnn.com
fastcompany.com
health.clevelandclinic.org
mayoclinic.org
nejm.org (1)
nejm.org (2)