هل تصل الرياح الشمسية يومًا ما إلى الأرض؟

شارك

دائمًا ما يقلقنا الجو السيئ؛ سواءٌ كان إعصارًا أو قليلًا من الرياح الباردة. وبالرغم من هذا، فقد توجد مشكلات مناخية أكبر تأتي إلينا من الفضاء الخارجي وتستدعي القلق. إذا كنت مولعًا بالعلوم، فأنت على الأرجح على دراية بالرياح الشمسية. وإذا لم تكن تدري شيئًا عن الأمر، فدعنا نخبرك عنها وعن تأثيرها في كوكب الأرض. السؤال الأهم هو: هل ستصل الرياح الشمسية يومًا إلى الأرض؟ فإذا كانت الإجابة نعم، فماذا سيحدث للكوكب حينها؟ فهل حياة الجنس البشري على المحك؟

الرياح الشمسية باختصار هي جزئيات مشحونة بتيار من الطاقة؛ معظمها إلكترونات وبروتونات. وهي رياح تنمو داخل الشمس وتحمل موجات من الطاقة عبر النظام الشمسي بسرعة إجمالية تبلغ 900 كم/ الثانية. تتكون هذه الموجات الحرارية من البلازما وتصل درجة حرارتها إلى مليون درجة مئوية. وعلى الأغلب، تحدث هذه الرياح بسبب الهالة الشمسية، وهي الطبقة الخارجية للغلاف الشمسي التي يراها الناس خلال الكسوف الشمسي.

يقال إن للرياح الشمسية شكلين أساسيين: رياح شمسية بطيئة ورياح شمسية سريعة؛ غير أن الاختلاف بينهما لا يكمن في سرعتهما فقط. فعلى الأرجح تتراوح سرعة الرياح الشمسية البطيئة من 300 كم/ الثانية إلى 500 كم/ الثانية، وتبلغ درجة حرارتها مليون درجة مئوية؛ فتتطابق مع الهالة. في حين تبلغ سرعة الرياح الشمسية السريعة على الجانب الآخر 750 كم/ الثانية، وتبلغ درجة حرارتها ثمانية ملايين درجة مئوية؛ فتتطابق كثيرًا مع الغلاف الضوئي الشمسي.

وبالرغم من جميع هذه الجزيئات المشحونة التي تحملها الرياح الشمسية من داخل الشمس وتجول في الفضاء الخارجي، فلا يمكنها الوصول إلى سطح كوكبنا بشكل كامل؛ إذ يؤدي مجالنا المغناطيسي دورًا كبيرًا في حمايتنا من مثل هذه الإشعاعات؛ فيوجهها لتدور حول الكوكب تاركة خلفها بعض الظواهر اللافتة للنظر، مثل الشفق القطبي. فإذا لم يكن لدينا هذا الدرع المغناطيسي المحيط بكوكب الأرض، فستسحقنا مثل هذه الإشعاعات القوية بكل سهولة، وسيمحى كل شيء من الوجود بما في ذلك كوكب الأرض نفسه.

وبالرغم من هذا، فيمكن أن يكون للرياح الشمسية تأثير أكبر في بعض التكنولوجيات الموجودة في الفضاء الخارجي والمتصلة بكوكب الأرض. فعلى سبيل المثال، يمكنها تدمير الأقمار الصناعية التي نستخدمها حاليًّا في كل شيء تقريبًا؛ بدايةً من الملاحة والاتصالات، إلى استكشاف الفضاء الخارجي. ولأنها مصنفة كإعصار من الفئة الخامسة، تشكل الرياح الشمسية خطرًا على رواد الفضاء، وعلى الأقمار الصناعية المدارية أيضًا. فيمكن أن تكون أعطال الشبكات الكهربائية وانقطاع التيار الكهربائي بعض الآثار الشائعة للرياح الشمسية. وبالرغم من هذا، فتوجد بعض الظواهر الجمالية التي تعد من ضمن آثارها أيضًا، مثل الشفق القطبي الذي يزين السماء.

في العمق

عُرفت الرياح الشمسية منذ خمسينيات القرن الماضي، ولكن لا يعلم العلماء حتى الآن كيف تنشأ. وعلى الرغم من المهمات الفضائية العديدة التي تمت على مر السنوات، فلا تزال الظاهرة برمتها لغزًا غامضًا! وتبذل وكالة ناسا الفضائية جهدًا كبيرًا للحصول على مزيد من المعلومات بخصوص هذه الظاهرة. ففي يوم 6 أكتوبر 1990، أطلقت وكالة ناسا المهمة الفضائية «يوليسيس» التي كانت معنية بدراسة الشمس، إلى جانب قياس خواص تيار جزيئاتها النشطة المعروفة باسم «الرياح الشمسية».

بالإضافة إلى ذلك، فقمر صناعي يعرف باسم «مستكشف التكوين المتقدم» تابع لوكالة ناسا يدور عند نقطة بين الأرض والشمس على مسافة متساوية من الاثنتين. تُعرف هذه النقطة المحددة باسم «نقطة لاغرانج L1»، وتعد واحدة من المناطق الفضائية المميزة؛ لأن جاذبيتها تحافظ على استقرار القمر الصناعي. والمهمة الأساسية لهذا القمر هي قياس الرياح الشمسية، إلى جانب جمع المعلومات عن تدفق الجزيئات.

ونتيجة لجهود وكالة ناسا الفضائية، أصبح لدى العلماء الآن معرفة كبيرة لما كان يعد لغزًا لفترة طويلة؛ وذلك لحصولنا الآن على صورة كاملة لما يحدث على سطح الشمس، وكيفية تأثير الطقس الفضائي في الأرض. بالإضافة إلى ذلك، فعلى مدار 25 عامًا من دراسة واستكشاف الشمس وتيار طاقتها، فلا تزال الرياح الشمسية تستطيع التجول في الفضاء الخارجي بكامل طاقتها، ومن المحتمل أن تستمر في التجول لسنوات قادمة؛ مما يعني أنها لا تزال لغزًا لنا!

قد لا يبدو أن الرياح الشمسية تشكل خطرًا على كوكبنا، ولكن ماذا لو ضعف درعنا المغناطيسي؟ فهل سيُحدث ذلك فرقًا؟ بالطبع، سيكون الأمر كارثيًّا إذا نجح هذا التيار من الطاقات في الوصول إلى كوكبنا؛ فلن يقتصر تأثيرها على ظهور شفق ملون لافت للنظر، بل سيكون كابوسًا. فلنأمل ألا تصل إلى كوكب الأرض أبدًا.

المراجع

earthsky.org

qrg.northwestern.edu

space.com

الفيديوهات

https://www.youtube.com/watch?v=twB62NYsaIg

 

Cover image by Freepik

من نحن

«كوكب العلم» مجلة علمية ترفيهية باللغتين العربية والإنجليزية يصدرها مركز القبة السماوية العلمي بمكتبة الإسكندرية وتحررها وحدة الإصدارات بقطاع التواصل الثقافي ...
مواصلة القراءة

اتصل بنا

ص.ب. 138، الشاطبي 21526، الإسكندرية، جمهورية مصر العربية
تليفون: 4839999 (203)+
داخلي: 1737–1781
البريد الإلكتروني: COPU.editors@bibalex.org

شاركنا

© 2025 | مكتبة الإسكندرية