منذ آلاف السنين يعج نهر النيل بالتماسيح التي قدسها وعظمها المصريون القدماء؛ حتى أنهم حنطوها وبنوا لها حاضنات كما قدموها قرابين للآلهة وجعلوها رموزًا للآلهة.
من أمثلة ذلك الإله سوبيك؛ وهو إله في هيئة إنسان برأس تمساح ويعرف بإله النيل أو إله التمساح، ارتبطت عبادته بالخصوبة والقوة وكانت له مراكز عبادة رئيسية في الفيوم وكوم أمبو بأسوان. وعلى بعد مئات الكيلومترات من مقر عبادته القديم وتحديدًا في الواحات الخارجة ظهر نوع جديد من التماسيح القديمة مثبتًا أصل تطور التماسيح هو في مصر وأفريقيا.
تمساح الوادي
اكتشف فريق من العلماء من مركز الحفريات الفقارية في جامعة المنصورة نوعًا جديدًا من التماسيح التي عاشت منذ ما يقرب من 80 مليون سنة. عثر الفريق بقيادة دكتور هشام سلام على حفريات لجمجمتين جزئيتين وبعض أجزاء من مقدمة رأس لثلاثة تماسيح في مراحل نمو مختلفة في الصحراء الغربية، وهي لا تشبه تصورنا الحالي للعائلة التي تنتمي إليها أسلاف التماسيح.
تعود هذه الحفرية إلى عائلة الـ«الديروصوريدات»، وهي مجموعة من الزواحف المنقرضة تشبه التماسيح الحديثة التي عاشت منذ حوالي 50 مليون عامًا حين كانت ما تسمى منطقة الوادي الجديد–حيث اكتشفت الحفريات– بحرًا تعيش فيه هذه التماسيح. وعلى عكس التماسيح الحديثة المقيمة في مصدر المياه العذبة كالنيل، فهذه الزواحف المفترسة تعيش في بيئة ساحلية وازدهرت بسبب تكوينها وقدرتها على صيد الأسماك.
سميت هذا الحفرية باسم «واديسوكس كسابي» نسبة إلى مكان العثور عليها وهو محافظة الوادي الجديد و«سوكس» تعود على الإله سوبك، أما الجزء الثاني من الاسم «كسابي» فهو ردًا لجميل الدكتور الراحل أحمد كسّاب عالم الجيولوجيا والحفريات الذي ألهم أجيالًا من علماء الجيولوجيا.
يعد «واديسوكس» أقدم نوع من التماسيح عائلة الديروصوريدات، التي بفضل قدرتها على التكييف، نجت من كارثة الانقراض الكبرى التي حدثت قبل نحو 66 مليون عام والتي قضت على الديناصورات حينها. كما أنه نوع جديد في العائلة لاختلاف صفاته الجسدية عن باقي أعضاء عائلته كوجود أربعة أسنان أمامية لا خمس، وفتحات أنف أعلى مقدمة الرأس لتساعده على التنفس من سطح الماء كما كان يتراوح طوله بين 3.5 إلى 4 أمتار وكان متخصصًا في افتراس الأسماك.
كل تلك الاختلاف تفتح لنا بابًا لتخيل تطور الديروصوريدات وقدرتها على التكييف حتى بعد كارثة طبيعية، كما أنها تضع قارة إفريقيا وتحديدًا مصر على الخريطة كأصل التماسيح البحرية الحديثة.
المصادر
Academic.oup.com
JSTOR Daily
Phys.org