أصبح انقطاع التيار حدثًا يوميًّا خلال الشهور القليلة الماضية في معظم المدن الكبيرة في مصر. خلال ثلاث السنوات المنصرمة شهدنا محاولات الحكومات المختلفة لحل مشكلة الطاقة بوجهات نظر وحلول مختلفة دون الشعور بأي نجاح ملموس لهذه المحاولات. وفي ظل الاستياء متعدد الأوجه السائد في مصر حاليًّا، اتخذت الحكومات المتعاقبة إجراءات كاذبة لمواجهة ذلك الاستياء. أحد أسباب هذا الاستياء قرار مجلس الوزراء المؤقت باستيراد فحم لتشغيل مصانع الأسمنت؛ حيث يهدد انقطاع التيار الكهربائي بتوقف الصناعة.
وليس على المرء أن يكون متخصصًا بيئيًّا ليدرك أن مصر أصبحت منطقة بيئية كارثية بدون منازع. فهي الدولة الصحراوية ذات الـ5.5٪ فقط من أراضيها القابلة للزراعة، والتي تعاني من تآكل سواحلها، وتملح دلتا النيل الخصبة وتناقصها. وهي البلد الأول في العالم في الخسارة السنوية للأراضي الزراعية؛ بسبب التنمية الحضرية والتلوث المتفشي، في حين يعاني كثير من سكانها من أمراض تنفسية.
وبناءً على هذه الحقائق فآخر ما تحتاجه مصر في هذه المرحلة هو صناعة أسمنت وقودها الفحم، خاصةً أن هذه الصناعة معروفة محليًّا بعدم القدرة على التحكم في انبعاثاتها وعدم كفاءتها في استخدام الطاقة. وإلى جانب صناعة الأسمنت يعد قطاع الأسمدة أيضًا من أكثر القطاعات استهلاكًا للغاز الطبيعي؛ كوقود، وكمادة خام في المقام الأول. كلتا الصناعتين تشكلان خطرًا حقيقيًّا على البيئة، وحملًا ثقيلًا على مخطط كفاءة الطاقة.
الاستهلاك المتوازن للفحم في إنتاج الطاقة ليس مستحيلًا، وقد تم بالفعل تنفيذه في عديد من البلاد. حتى الآن، يعد مجلس الوزراء المصري بتطبيق "أحدث التقنيات" لتنظيم حلقات انبعاثات الفحم المجوفة، آخذًا في الاعتبار سجلات الدولة وتكلفة تنفيذ ذلك. هذا، وقد صممت أول محطة لتوليد "الفحم النظيف" في أمريكا، والتي بلغت تكلفتها 5 مليار دولار أمريكي، لتجميع انبعاثات الكربون وتخزينها تخزينًا آمنًا تحت الأرض. وعلى الرغم من استهلاك مصر للفحم على نطاق أقل، فيمكن تفسير استخدام "أحدث التقنيات" فيما تصدره صناعة الأسمنت.
ومن الجدير بالذكر، وفقًا لجهاز الدولة لشئون البيئة المصري، تستهلك مصانع الأسمنت حوالي 34٪ طاقة أكثر من مثيلتها في أوروبا. والسماح للمصانع بشراء الفحم الخاص بها يمكن أن يقلل من الحمل على شبكة الكهرباء على المدى القصير، ولكن هذا الحل يفشل في معالجة المشكلة الأكبر، وهي توفير إمدادات كافية من الطاقة. وقد عارض وزير الشئون البيئية المصري إلى جانب عدد من المؤسسات البيئية غير الحكومية استيرادَ الفحم بشدة، في حين اقترح تطوير مصادر الطاقة البديلة.
على الرغم من الزيادة السكانية التي لا تتوقف والطلب غير المسبوق على الطاقة، فينبغي للمسئولين في مصر العمل سويًّا لإيجاد حلول شاملة قابلة للتنفيذ لمشكلة الطاقة.
المراجع
thecairopost.com
thenational.ae
madamasr.com