محمد مصطفى حلمي (القاهرة 1904م- القاهرة 1969م)
كتاب "الحياة الروحية في الإسلام"
أحد أهم أعلام فلسفة التصوف الإسلامية في مصر في القرن العشرين. وُلد في القاهرة عام 1904م، وتعلم في كُتّاب حي شبرا، واستكمل دراسته حتى المرحلة الثانوية التي اجتازها بتفوق عام 1923م، غير أنه فقد بصره لإصابته بالغدة الدرقية، فتوقف عن الدراسة لمدة سنتَين، بيد أن أخذ يكتب للصحافة؛ وبدأ في كتابة عدد من المقالات الأدبية فكتب "النيل المصري"، "العفاف" و"مجمع الدرر". واستأنف الدراسة فالتحق بقسم الفلسفة بجامعة فؤاد الأول (جامعة القاهرة الآن) عام 1925م، ورغم أن التحاقه بالدراسة في القسم لاقى بعض الاعتراض؛ كونه كفيفًا، فقد شجعه الدكتور طه حسين على الدراسة وحاز على ليسانس الآداب في الفلسفة عام 1929م.
وقد استكمل دراساته العليا، فحاز درجة الماجستير عن رسالته المعنونة ب"نظرية الجوهر عند ديكارت وإسبينوزا"، وقد كتبها بالفرنسية، التي أجادها والإنجليزية، تحت إشراف الأستاذيَن لالاند وبرييه. ثم شجعه الشيخ مصطفى عبد الرازق على حيازة الدكتوراة فحصل عليها بمرتبة الشرف عام 1940م، ودار موضوعها حول "ابن الفارض والحب الإلهي".
وقد عمل الدكتور مصطفى حلمي مدرسًا بكلية أصول الدين بجامعة الأزهر في الفترة (1936-1938م)، وقد درّس الصلة بين العلم والفلسفة، والفلسفة اليونانية والفلسفة المشرقية. وقد عُيِن معيدًا بكلية الآداب عام 1937م، ثم أصبح مدرسًا عام 1941م، وأستاذًا مساعدًا. ودرس أيضًا في كلية البنات بجامعة عين شمس، ومعهد الدراسات الإسلامية، وجامعة الإسكندرية عام 1960م. وإلى جانب العمل الأكاديمي، عمل الدكتور حلمي خبيرًا بلجنة المصطلحات الفلسفية بمجمع اللغة العربية، وخبيرًا في الفلسفة الغربية والإسلامية ضمن هيئة خبراء الموسوعة العربية الميسرة والصادرة عن مؤسسة فرانكلين للطباعة والنشر عام 1965م تحت إشراف الدكتور شفيق غبريال. وبعد إحالته إلى التقاعد عام 1964م، عمل مدرسًا بالانتداب إلى أن قُبِل أستاذًا في قسم الاجتماع والفلسفة بالجامعة الليبية ببنغازي في الفترة (1964-1968م).
وعلى الرغم من أنه فقد بصره، فإن اجتهاده كان مثار إعجاب أستاذته وتلاميذه، وقد ارتكزت دراسته على الفلسفة الإسلامية؛ وخاصةً الفلسفة الروحية أو أعمال التصوف الإسلامي، فكتب وحقق وترجم وقدم للعديد من الأعمال. ومن أهم هذه الأعمال؛ "بين الفلسفة والعلم"، "في تاريخ الفلسفة الشرقية"، "الحياة الروحية في الإسلام"، وقد اهتم بحياة أعلام التصوف تدريسًا وتأليفًا حول أعمالهم وسيرهم وأشعارهم، وقد ألقت هذه الأعمال بظلالها على شخصية الدكتور حلمي حيث كان صوفيًا عالمًا. وقد توفي ودفن بالقاهرة عام 1969م.
وتصدر مكتبة الإسكندرية للدكتور حلمي كتاب "الحياة الروحية في الإسلام" ضمن مشروع "في الفكر النهضوي الإسلامي" بتقديم الدكتور محمد حلمي عبد الوهاب، ويتناول فيه تطور التصوف الإسلامي مؤكدًا على أصالته وانبثاقه من جوهر الإسلام، ويرد فيه على فريق من المستشرقين الذين لم يمنحوا الحياة العقلية والروحية في الإسلام حقها من الدرس والتمحيص، وفريق الإسلاميين الذين زانوا الحياة الروحية في الإسلام فقط بميزان الدّين.