عبد المتعال الصعيدي (أجا 1897م- القاهرة 1966م)
كتاب "الحرية الدينية في الإسلام"
هو من أكبر علماء الأزهر المجددين. وُلد في قرية كفر النجباء بمركز أجا بالدقهلية عام 1897م لأسرة بسيطة الحال ترجع أصولها إلى صعيد مصر. تعلم القراءة والكتابة وحفظ القرآن الكريم في كُتّاب القرية، ثم التحق بالمدرسة الابتدائية، ليخرج منها للدراسة في المعهد الأحمدي بمدينة طنطا، وفيه ظهر نبوغه في علوم الدين وعلوم الفلسفة. وقد نجح في اجتياز امتحان الشهادة الأولية بلجنة خاصة عقدها الشيخ محمد حسين مخلوف في سنة واحدة رغم أنها تستغرق أربع سنوات. وانتقل إلى المرحلة الثانوية، وفيها راح يعب من الثقافة العصرية السائدة في مصر آنذاك، فقرأ للشيخ رشيد رضا وجورجي زيدان ويعقوب صروف وعبد الله النديم. وفي عام 1914م التحق بالقسم العالي في المعهد الأحمدي، حتى انتقل عام 1918م لاجتياز امتحان العالمية التي حصل عليها بتفوق ملحوظ. كما اجتاز مسابقة اختيار مدرِّسي المعهد الأحمدي، فعُيِّن فيه مدرسًا عام 1919م.
وقد بدأ يبتدع منهجًا جديدًا للتدريس في الأزهر، يغاير الطريقة الأزهرية السائدة، مستعينًا بثقافته الواسعة والمنفتحة، فكتب "الأجرومية العصرية"، ثم أخرج كتاب "نقد نظام التعليم في الأزهر الحديث" عام 1924م؛ وهو ما كان مثار جدل بين الأزهريين، فقد أثارت آراءه ودعوته الإصلاحية تيار الجمود، فطالب بعضهم بفصله، وتكونت لجنة للتحقيق معه وانتهت إلى معاقبته بخصم نصف مرتبه.
وفي عام 1932م، انتقل للتدريس في كلية اللغة العربية بالقاهرة. وقد استمر إلى جانب عمله الأكاديمي في كتابة المقالات التي تتناول العديد من القضايا السجالية؛ ففي عام 1937م نشر عدة مقالات حول تطبيق الحدود الشرعية، دعا فيها إلى تقنين الشريعة وقارن بين التشريع الإسلامي والنظم القانونية المعاصرة، وهو ما حدا بالبعض إلى القول بأنه ينكر الحدود، فتم تشكيل لجنة للتحقيق معه فيما كتبه، وانتهت إلى نقله إلى طنطا وحرمانه من الترقية لمدة خمس سنوات. غير أنه عاد إلى القاهرة عام 1940م للتدريس في القسم العام بالأزهر.
وفي عام 1951م، عاد الشيخ إلى التدريس في كلية اللغة العربية، وأصدر كتابه "المجددون في الإسلام"، وفيه عرّف التجديد وأصوله، وعرّف بالمجددين في قرون الإسلام الأولى، وقارن بين حركة التجديد الإسلامي وحركات النهضة الأوروبية. وقد توفي الشيخ عام 1966م.
وفي عام 1956م، دخل الشيخ عبد المتعال الصعيدي في مساجلة فقهية وفكرية مع الشيخ عيسى منون حول حد المرتد على صفحات مجلة الأزهر، وقد اعتمد الطرفان على الحجج الجدلية ودعم الرأي من خلال القرآن والسنة وأقاويل العلماء. وكان الشيخ منون قد كتب ردًّا على كتاب الشيخ الصعيدي المسمى "اجتهاد جديد في آية"، وعندما رفض الشيخ محب الدين الخطيب نشر رد الصعيدي عليه، قرر أن ينشر هذا الرأي في كتاب مستقل أسماه "الحرية الدينية في الإسلام"، أوضح في مقدمته أن الحرية الدينية شرط من شروط الإيمان وهي مكفولة شرعًا. وتصدر مكتبة الإسكندرية هذا الكتاب ضمن سلسلة "في الفكر النهضوي الإسلامي" بمقدمة للدكتور عصمت نصار.