علي عبد الرازق (المنيا 1888- القاهرة 1966م)
كتاب الإسلام وأصول الحكم
من أكثر أعلام الفكر الإسلامي الحديث إثارةً للجدل. ولد الشيخ علي حسن عبد الرازق في قرية أبو جرج بمديرية المنيا عام 1888م لأسرة ثرية من ملاك الأراضي. وأخوه هو الشيخ مصطفى عبد الرازق، شيخ الأزهر الأسبق ورائد الفلسفة الإسلامية. وقد تعلم في كُتّاب القرية وحفظ القرآن الكريم صغيرًا، ثم أرسله أبوه للدراسة في الأزهر الشريف بالقاهرة، وتتلمذ على يد المشايخ أحمد أبو خطوة والشيخ أبو عليان. وعندما فتحت الجامعة الأهلية أبوابها عام 1908م، التحق بها دون أن يترك دراسته الأزهرية التي أتمها، ثم حصل على العالمية عام 1912م. وسافر على نفقة أسرته لدراسة الاقتصاد في جامعة أكسفورد، لكن اندلاع الحرب العالمية الأولى حال دون استكمال دراسته فعاد إلى مصر عام 1915م.
عقب عودته، عُيّن قاضيًا شرعيًّا، وأخذ في كتابة المقالات لجريدة "السياسة" التي أصدرها حزب الأحرار الدستوريين، وظل يحاضر لمدة عشرين عامًا لطلاب الجامعة في مادة "أصول الفقه". وفي عام 1925م، اشتعلت أزمة كتاب "الإسلام وأصول الحكم" الذي ألّفه، فعُقِدت له محكمة تأديبية وتم فصله من وظيفته وإخراجه من زمرة العلماء، إلى أن تولى أخوه الشيخ مصطفى عبد الرازق مشيخة الأزهر، وأعاده إليها عام 1946م. وإلى جانب عمله الأكاديمي، اشتغل الشيخ عبد الرازق بالعمل السياسي.
واشتهر الشيخ عبد الرازق بمؤلفه الذي أثار معركة فكرية وقضائية شهيرة عام 1925م، وهو كتابه "الإسلام وأصول الحكم: بحث في الخلافة والحكومة الإسلامية". ورغم مرور عقود على هذا الكتاب لكن موضوعه المتعلق بالخلافة الإسلامية والعلاقة بين الإسلام والسياسة مازال يثير الكثير من الجدال حتى اليوم، وكثيرًا ما يُسْتَدعى كتاب "الإسلام وأصول الحكم" كمادة في هذا الجدال، وقد صدرت العديد من الأعمال الفكرية كرد فعل على هذا الكتاب، إما دحضًا به أو تدعيمًا له.
وقد أثارت هذه الآراء مؤسسة الأزهر ضد الشيخ، ففضلاً عن فصله، كتب الشيخ محمد المطيعي كتاب "حقيقة الإسلام وأصول الحكم" وفيه أورد أن ما جاء في الكتاب كفر صريح يستتاب منه قائله. وذهب الشيخ رشيد رضا إلى أن آراء الكتاب ليست إلا بدعة، فيما رآها إسماعيل مظهر خطأً فاحشًا، غير أنه انتقد ما لحق بالشيخ عبد الرازق من عقاب، ورغم العداء بين حزبي الوفد والأحرار الدستوريين الذي ينتمي إليه الشيخ عبد الرازق، فقد وقف عباس العقاد كاتب الوفد الأول مدافعًا عن حرية الرأي والتعبير، ورأى أن محاكمة الشيخ عبد الرازق إنما مبعثها العبث بالدستور وبالحريات التي تضمنها، فيما وقف طه حسين كليًّا مع الكتاب وصاحبه.
ورغم شهرة كتابه "الإسلام وأصول الحكم"، فإن عبد الرازق له أكثر من مؤلف غير مقالاته، وهي: "الإجماع في الشريعة الإسلامية" وهو في علم أصول الفقه، و"أمالي علي عبد الرازق" وهو عبارة عن قطع أدبية، وكتاب "من آثار مصطفى عبد الرازق" وهو تحرير لمجموعة من أعمال أخيه الشيخ مصطفى عبد الرازق. وتصدر مكتبة الإسكندرية له كتاب "الإسلام وأصول الحكم" ضمن سلسلة "في الفكر النهضوي الإسلامي" بمقدمة للدكتور عمار علي حسن.