محمد باقر الصدر (الكاظمية ببغداد 1935م- النجف 1980م)
كتاب "المدرسة الإسلامية"
من أهم أعلام الفكر الإسلامي الحديث. ولد السيد محمد بن حيدر باقر الصدر لأسرة الصدر العريقة والممتدة في العالم الإسلامي الشيعي من إيران إلى لبنان في الكاظمية ببغداد، وقد تكفل به ورعاه في صغره أخوه آية الله السيد إسماعيل، وانتقلا إلى مدينة النجف محل المراجع الدينية حيث التحق باقر الصدر بالدروس العلمية المعتادة في الحوزات العلمية، وقد ظهر نبوغه منذ صغره حيث أخذ في تناول النصوص الدراسية في الشريعة والفلسفة والمنطق بعين الناقد لا المتلقي، وقد اتسم في مرحلة دراسته بالجد والاجتهاد.
وقد تتلمذ على يد أخيه السيد إسماعيل الصدر، وخاله السيد محمد رضا آل ياسين، وكذلك المرجع الشيعي الأكبر السيد أب القاسم الخوئي، ودرس الفلسفة على يد السيد صدرا البادكوبي. وفي سن الـ25 أخذ يلقي دروسُا في علمي الفقه والأصول في مساجد النجف بصورة دائمة. وقد برز بين علماء الحوزة فتقاطر على مجالسه الشيوخ والمفكرين والكتاب. وقد اشتهر من بين تلاميذ السيد الصدر، السيد محمود شاهرودي رئيس السلطة القضائية في إيران، والسيد كاظم الحائري، والسيد محمد صادق الصدر صاحب الدعوة السياسية ومؤسس حزب الدعوة الإسلامي في العراق.
وقد بدأت شهرة الصدر مع إصداره كتاب "فلسفتنا" عام 1959م، وهو العمل الذي جذب الأنظار إليه من خارج نطاق الحوزة الدينية وأذاع شهرته بين مفكري العالم العربي، ثم أصدر كتاب "اقتصادنا" وهو امتداد للكتاب الأول، وهو ما أشار إلى مفكر غير تقليدي يحاول أن يستخرج صورة ذهنية كاملة عن الإسلام "بوصفه عقيدة حية في الأعماق، ونظامًا متكاملًا للحياة، ومنهجًا خاصًا في التربية والفكر"، وقد تأكد هذا المشروع الفكري في كتاب "الأسس المنطقية للاستقراء" الصادر عام 1972م، وفيه طرح وناقش أهم المسائل المصيرية في فلسفة العلم. وكتاب "البنك اللاربوي في الإسلام"، وقد تركز هذا المشروع الفكري للصدر على مقارعة الأطر الفكرية المستوردة والتي أخذت في الذيوع في العالم العربي كالماركسية وغيرها.
ومن أهم أعمال الصدر الدينية والفكرية، "فدك في التاريخ" وهو أول أعماله التي كتبها وهو دون العشرين، "غاية الفكر في علم الأصول"، "بحوث في العروة الوثقى"، "بحث حول المهدي"، "الإسلام يقود الحياة"، "المدرسة القرآنية"، "صورة عن اقتصاد المجتمع الإسلامي"، وغيرها. ونظرًا لمواقفه السياسية من الثورة الإسلامية في إيران، وتزعمه نشاط الحوزة الدينية، ومواجهته لنظام البعث الحاكم في العراق، قام نظام صدام حسين السابق باختطافه وأخته "بنت الهدى" من مدينة النجف؛ حيث تم تعذيبهما وإعدامهما ودفنها سرًّا في أبريل 1980م، وهو الأمر الذي صدم الكثيرين من المفكرين العرب وعلى رأسهم الدكتور زكي نجيب محمود الذي نعاه ورثى لوضع المفكرين العرب المعرضين للملاحقة والاضطهاد.
وتصدر مكتبة الإسكندرية ضمن سلسلة "في الفكر النهضوي الإسلامي" للسيد محمد باقر الصدر كتاب "المدرسة الإسلامية" بمقدمة من الدكتور زكي الميلاد، وفيه يشرح اجتهاده حول طبيعة الإسلام ودوره في حل أزمة المجتمع المعاصر، وتطبيق هذا الاجتهاد على الاقتصاد، وهو بهذا يقع بين كتابَيه "فلسفتنا" و"اقتصادنا"؛ اللذين اتسما بالرقيّ الفكري وتعقد التناول، فكان تبسيطًا لما تعقد وتقديمًا لهذا المشروع الفكري للقارئ العادي.