عبد العزيز جاويش (الإسكندرية 1876م - القاهرة 1929م)
كتاب "الإسلام دين الفطرة والحرية"
أحد رواد التجديد الإسلامي ورموز الحركة الوطنية في مصر في النصف الأول من القرن العشرين. ولد الشيخ عبد العزيز جاويش لأسرة تجارية ذات أصول مغاربية، حيث هاجر والده من بنغازي الليبية إلى الإسكندرية حيث ولد الشيخ، وفيما اختار أخوته العمل بالتجارة، اختار الشيخ عبد العزيز طريق العلم؛ فحفظ القرآن الكريم وتعلم أصول اللغة، ثم أراد استكمال تعليمه، رغم معارضة الأسرة، فارتحل إلى القاهرة ليجاور في الأزهر الشريف عام 1892م، غير أنه تركه بعد عامين ليلتحق بمدرسة دار العلوم الحديثة، وتخرج فيها عام 1897م بدرجة عالية أهلته ليلتحق ببعثة تعليمية بعد فترة عمل قصيرة في مدرسة الزراعة.
سافر إلى بريطانيا، والتحق بجامعة "برودود" حيث تلقى العديد من الدروس التربوية، وبعد عودته عام 1901م، عُيِن مفتشًا بوزارة المعارف والتحق بندوة الأستاذ الإمام محمد عبده التي ضمت العشرات من طلبة العلم. وقد ساهم في عملية إصلاح التعليم أثناء عمله بوزارة المعارف، غير أنه سرعان ما عاد إلى بريطانيا؛ حيث أوصى المستشرق مارجليوث باختياره مدرسًا للغة العربية في جامعة أوكسفورد وقد قضي في عمله هذا 5 سنوات، شارك أثناءها في مؤتمر المستشرقين الذي عقد بالجزائر عام 1905م.
وبعد عودته من بريطانيا عام 1906م، عين مفتشًا بوزارة المعارف، ولكنه استقال عام 1908م ليرأس تحرير جريدة "اللواء" لسان حال الحزب الوطني، وكانت هذه بداية نشاطه السياسي الذي تماهى مع خط الحزب الوطني المناهض للاحتلال الإنجليزي والداعي إلى الوحدة الإسلامية وتوطيد الروابط مع الدولة العثمانية. وبسبب هذه التوجهات، تعرض الشيخ عبد العزيز جاويش إلى الاضطهاد والاعتقال في العديد من القضايا السياسية التي نقد فيها سياسة الاحتلال الأجنبي في مصر والعالم الإسلامي.
وفي تركيا عقد صلات قوية مع زعماء حزب "الاتحاد والترقي" الحاكم، ورغم انسحاب الدولة العثمانية من ليبيا، واصل حشد الدعم لمجاهدي ليبيا، وأسس جريدة "الهلال العثماني" التي كانت منبرًا للداعين إلى الحرية ومناهضي النفوذ الأجنبي. ومع نشوب الحرب العالمية الأولى عام 1914م، وتحالف الدولة العثمانية مع ألمانيا، عقد الشيخ جاويش صلات مع الساسة الألمان وأسس جريدة "العالم الإسلامي" بالعربية والألمانية، وأخذ يتنقل طيلة سني الحرب بين تركيا وألمانيا. غير أن هزيمة الأتراك وانسحابهم من الحرب عام 1919م، دفعته لمغادرة تركيا واستقر لحين في سويسرا التي أسس فيها جريدة "مصر".
وبعد منحه حق الإقامة في مصر، دخل جاويش الانتخابات البرلمانية الأولى بعد الاستقلال عام 1924م، غير أنه لم يوفق لدعم حزب الوفد لمنافسه. وأنهت هذه الهزيمة عمله السياسي. ورأت الحكومة ضرورة الإفادة من خبرته العلمية والتربوية، فأسند إليه مدير التعليم الأولي خطة لمحو الأمية عام 1925م. وفي عام 1929م توفي الشيخ جاويش عن عمر ناهز الـ53 عامًا، بعد أن أثرى الحياة الوطنية والحركة التجديدية بالعديد من الأعمال والنشاطات السياسية والتربوية.
وتصدر مكتبة الإسكندرية للشيخ عبد العزيز جاويش ضمن سلسلة "في الفكر النهضوي الإسلامي" كتاب "الإسلام دين الفطرة" الذي طُبع للمرة الأولى في مصر عام 1952م بمقدمة من الأستاذ مجدي سعيد. ويدافع جاويش في هذا الكتاب عن الإسلام ويحاول أن يجلي حقيقته في مواجهة مغالطات المستشرقين، ويتناول في القسم الأول الإسلام باعتباره الدين الذي يوائم الفطرة الإنسانية التائقة إلى التوحيد، وفي القسم الثاني يفسر كيف حرر الخطاب القرآني الفكر البشري مما يكبله من أوهام.