المقالات

رقائق الحمض النووي الدقيقة

شارك

رقائق الحمض النووي الدقيقة، والمعروفة أيضًا باسم مصفوفة الحمض النووي الدقيقة، هي قواعد قوية تصنع عادة من مادة الزجاج أو السيليكون، ويُضاف إليها الحمض النووي بطريقة منظمة. تعد تلك التقنية أداة جديدة لتحليل الطفرات الجينية؛ مثل جيني 1BRCA و2BRCA المسببين لسرطان الثدي والمبيض. ورقائق الحمض النووي تشبه رقائق الكمبيوتر؛ فالجزء الخارجي من كلِّ رقاقة به عدد من مصفوفات الحمض النووي القصيرة والاصطناعية ذات الأشرطة الأحادية، من شأنها تشكيل جين تقليدي كمجموعة.

تطورت تقنية رقائق الحمض النووي الدقيقة عن طريق استخدام ما يعرف بوصمة ساذرن (Southern Blot)؛ وهي طريقة تستخدم في علم الأحياء الجزيئية لاكتشاف تسلسلات حمض نووي معينة. وقد استخدمت رقائق مصغرة لأول مرة عام 1995؛ حيث تعتمد هذه التكنولوجيا على استخدام الآلات والروبوتات في تقديم عينات الحمض النووي.

فتعمل الرقاقة عن طريق الحصول على عينة من دم الجسم موضوع البحث وعينة أخرى محكمة – أي ليس بها أية طفرات جينية – ثم يقوم العلماء بتعديل الخواص الطبيعية في عينات الحمض النووي. ومن خلال «تعديل الخواص الطبيعية» يقوم العلماء بفصل شريطين من شرائط الحمض النووي المترابطة لتصبح جزيئات أشرطة أحادية. بعد ذلك، يقللون من حجم أشرطة الحمض النووي الطويلة لتصبح أجزاء أصغر يسهل التحكم بها، ومن ثم يقومون بتمييز كل جزء بإضافة صبغة فلورية.

تميز عينة الحمض النووي الخاص بالمريض بصبغة خضراء، في حين تميز العينة المحكمة بصبغة حمراء. ويتم إدخال كلتا المجموعتين في رقاقة؛ حيث يسمح لها بتهجين الحمض النووي الاصطناعي 1BRCA أو 2BRCA عليها. إذا لم يكن لدى المريض هذه الطفرات الجينية، فسوف تتعلق كلتا العينتين الحمراء والخضراء بالمصفوفات التي على الرقاقة. ولكن، إذا كان لدى المريض هذه الطفرات، فلن يتعلق الحمض النووي الخاص به عادة في تلك المنطقة. في هذه الحالة يمكن للباحث التحقق من تلك المنطقة بدقة أكثر للتأكد من وجود أية طفرات.

وهناك استخدامات عديدة لرقائق الحمض النووي الدقيقة:

1- تشخيص الأمراض والهندسة الوراثية: هذا النوع من التكنولوجيا يتيح للعلماء معرفة المزيد عن مختلف الأمراض، مثل: أمراض القلب والأمراض العقلية والأمراض المعدية، بالإضافة إلى التركيز على الأبحاث الخاصة بالسرطان. ففي الوقت الحالي، يصنف السرطان وفقًا للعضو الذي ينمو به الورم، ولكن باستخدام رقائق الحمض النووي الدقيقة سوف يتمكن العلماء من تصنيفه وفقًا للطفرات الجينية في الخلايا السرطانية. وذلك سوف يساعد على إنتاج أدوية مصممة خصيصًا لعلاج نوع محدد من السرطان. علاوة على ذلك، من شأن معرفة الطفرات الجينية المتسببة في هذه الأمراض أن تساعد على الوقاية منها باستخدام العلاج الجيني والهندسة الوراثية.

2- اكتشاف العقاقير: لتقنية رقائق الحمض النووي الدقيقة استخدامات واسعة النطاق في علم الصيدلة الجيني؛ حيث يدرس ذلك المجال العلاقة بين الاستجابات العلاجية للأدوية والنمط الجيني للمريض. فيساعد التحقيق المقارن للخلايا المريضة والطبيعية على تحديد التركيب البيوكيميائي للبروتينات التي أنشأتها الجينات المريضة. وهذا يساعد الباحثين على تركيب عقاقير من شأنها محاربة تلك البروتينات وتقليص تأثيرها.

3- اكتشاف الجينات: تساعد مصفوفات الحمض النووي الدقيقة على اكتشاف جينات جديدة، والتعرف على المستويات الوظيفية والتعبيرية وفقًا للظروف المتنوعة.

4- أبحاث السموم: يتناول علم الوراثة السمية العلاقة بين الاستجابة إلى السموم وطفرات النمط الجيني للخلايا المكشوفة. ويوفر علم الرقائق الدقيقة بيئة بحث صحية في تأثير السموم في الخلايا وإمكانية توريثها للأبناء.

هناك مزايا أخرى لتلك الرقائق وهي توفير المعلومات عن عديد من الجينات عن طريق إجراء اختبار واحد فقط، فلم يعد هناك حاجة لإجراء عديد منها؛ حيث يُقدم ذلك الاختبار نتائج أسرع وأدق. وتساعد الرقائق الدقيقة أيضًا على اكتشاف الجينات التي تعمل في المستويات المتنوعة للانقسام المتساوي أو تكاثر الخلايا (mitosis) التي تعمل أثناء النمو (مثل نمو الفاكهة). ويمكن تنفيذ ذلك عند تحديد الجينات الحيوية التي يمكن استخدامها كأساس لعرض الخيارات والقرارات الزراعية المتوقعة.

ومن عيوب رقائق الحمض النووي الدقيقة أن صناعتها مكلفة، وأنها تتطلب الحصول على نتائج كثيرة فيستلزم وقتًا طويلًا لدراستها. وهي بالفعل عملية معقدة، كذلك فالرقائق قابلة للتلف ولا تبقى صالحة لفترة طويلة؛ وهذا يبرز أكبر مساوئ تلك التكنولوجيا.

مع توافر المعلومات الجديدة والتطورات، سيتمكن الباحثون من استخدام الرقائق الدقيقة في طرح أسئلة أكثر تعقيدًا وفي تنفيذ تجارب أصعب؛ الأمر الذي قد يؤدي  بدوره إلى إحداث طفرات في مجالات تشخيص الأمراض واكتشاف العقاقير وغيرها الكثير؛ هذا إلى جانب العمل على تقليص عيوبها.

*المقال منشور في مجلة كوكب العلم المطبوعة، عدد صيف 2017.

المراجع

genome.gov
premierbiosoft.com
slideshare.net
biotechnologyforums.com
bioinfo.cs.technion.ac.il
sciencelearn.org.nz

من نحن

«كوكب العلم» مجلة علمية ترفيهية باللغتين العربية والإنجليزية يصدرها مركز القبة السماوية العلمي بمكتبة الإسكندرية وتحررها وحدة الإصدارات بقطاع التواصل الثقافي ...
مواصلة القراءة

اتصل بنا

ص.ب. 138، الشاطبي 21526، الإسكندرية، جمهورية مصر العربية
تليفون: 4839999 (203)+
داخلي: 1737–1781
البريد الإلكتروني: COPU.editors@bibalex.org

شاركنا

© 2024 | مكتبة الإسكندرية