منى بكر: صوت تكنولوجيا النانو في مصر

شارك

في 5 مارس 2017، أفل نجمٌ ساطع في سماء المعرفة العلمية برحيل الدكتورة منى بكر عن عالمنا. فبحماسها الدائم لمشاركة ما تعرفه في مجال تخصصها مع زملائها، عملت الدكتورة منى دون ملل أو كلل على تحقيق حلمها لتطوير المجتمع من خلال البحث العلمي؛ ما يعود بالنفع على البشرية على أفضل وجه ممكن. كانت تكنولوجيا النانو مجال تخصصها، وبفقدها فقدنا «ملكة تكنولوجيا النانو». وبينما غابت بشخصها عن عالمنا، فإرثها سيظل شاهدًا على إسهاماتها العظيمة طوال مشوارها العلمي المثالي.

من حلم طالبة إلى حلم عالمة

في أحد لقاءاتها مع فريقنا في عام 2010، أخبرتنا الدكتورة منى – رحمها الله – أن والدها كان السبب وراء حبها للعلوم لأنه كان شغوفًا بالعلوم بشكل كبير. فانخرطت في العلوم بإمكاناتها اللانهائية من سن صغيرة؛ حيث كان يجلب لها والدها الكتب والمجلات العلمية بصفة مستمرة. ولأنها كانت على دراية بأهمية العلوم منذ سن صغيرة، أوقد شغفها تجاه العلوم مقال للعالم الجليل أحمد زويل؛ فدفعها لتشق طريقها في المجال العلمي.

بالنظر إلى مسار الدكتورة منى بكر الوظيفي، نلاحظ أنها كانت تتمتع بالحماس؛ فقد كانت تعمل باستمتاع شديد. فقالت خلال ختام إحدى محاضراتها: «نحن لا نخلق العلوم، بل نستكشفها»؛ ويمكننا الجزم أن ذلك كان شعارها خلال حياتها. حصلت منى بكر على البكالوريوس في عام 1991، ثم درجة الماجستير في الكيمياء من جامعة أسيوط في عام 1994. ثم سافرت بعد ذلك للحصول على درجة الدكتوراه من معهد جورجيا للتكنولوجيا بالولايات المتحدة الأمريكية في عام 2002، وذلك تحت إشراف الأستاذ مصطفى السيد. وقد استكملت دراستها بعد درجة الدكتوراه بجامعة لوزان بسويسرا، ثم أصبحت ضمن أعضاء هيئة التدريس بالمعهد القومي لعلوم الليزر المتطورة بجامعة القاهرة، كما أصبحت مديرًا لمركز تكنولوجيا النانو المصري بنفس الجامعة.

تركزت أبحاث الدكتورة منى على تصنيع البلورات النانوية المعدنية والمغناطيسية وأشباه الموصلات وتوصيفها. كذلك عملت على خصائصها البصرية والحركية فائقة السرعة باستخدام تقنيات ليزر مختلفة. وعملت مع فريق على تصنيع مواد نانوية يمكن استخدامها لأغراض متعددة، مثل تطبيقات الخلية الشمسية، والتصوير الطبي الحيوي، ومعالجة المياه. ويلاحظ أنها كانت مهتمة بالتنوع الذي تقدمه تكنولوجيا النانو؛ فكانت باحثة متعطشة للمزيد ولها 56 مقالًا في الدوريات العلمية العالمية المختلفة، ومنها «رسائل النانو» و«المواد الوظيفية المتقدمة».

إلى جانب كلِّ ذلك، أشرفت الدكتورة منى بكر على عدة رسائل، كما كانت مديرة نانوتك مصر؛ وهي أول شركة مصرية وعربية تقوم بتصنيع مواد نانوية تهدف إلى خلق مركز لتكنولوجيا النانو من شأنه تعضيد الاقتصاد المصري وتطويره. كان هذا الموضوع هو الأقرب لقلب الدكتورة منى؛ فتعمقت فيه أثناء لقاء مع قناة النيل الثقافية المصرية.

فقالت إن إمكانيات تكنولوجيا النانو لا حدَّ لها من حيث التطبيقات عند تصنيع مواد جديدة واستخدامها بشكل جديد. وكانت تؤمن بأهمية تطبيقها في القطاعات الصناعية؛ حيث أيقنت أن المستقبل يكمن في تطبيق تكنولوجيا النانو في الصناعات الرئيسية في مصر. فأملت أن تنتقل تكنولوجيا النانو من المختبرات إلى الحياة العملية؛ إلا أن نقص التواصل بين القطاعات المختلفة كان العائق الأساسي أمام ذلك.

كانت الدكتورة منى ترغب في فتح قنوات اتصال بين الحكومات والعلماء ورجال الأعمال من أجل صنع بيئة يستفيد منها الجميع وتساعد على تطوير البلد. وبينما كانت تتمنى أن تصبح مصر أحد أهم مراكز تكنولوجيا النانو، كانت على دراية أن الرحلة لا تزال طويلة وشاقة. على الرغم من ذلك، فإذا نظرنا إلى أحدث التطورات في هذا المجال، فسنرى جليًّا لماذا يجب على زملائها تنفيذ رؤيتها.


Cover image source: Bibliotheca Alexandrina Planetarium Science Center

هذا المقال نُشر لأول مرة مطبوعًا في مجلة «كوكب العلم»، عدد صيف 2017.

من نحن

«كوكب العلم» مجلة علمية ترفيهية باللغتين العربية والإنجليزية يصدرها مركز القبة السماوية العلمي بمكتبة الإسكندرية وتحررها وحدة الإصدارات بقطاع التواصل الثقافي ...
مواصلة القراءة

اتصل بنا

ص.ب. 138، الشاطبي 21526، الإسكندرية، جمهورية مصر العربية
تليفون: 4839999 (203)+
داخلي: 1737–1781
البريد الإلكتروني: COPU.editors@bibalex.org

شاركنا

© 2024 | مكتبة الإسكندرية