الميكانيكا الحيوية علم يدرس حركة الجسم؛ ووفقًا للجمعية الأمريكية للميكانيكا الحيوية (ASB)، هو تفاعل واسع النطاق بين علمي الأحياء والميكانيكا. تتألف الميكانيكا الحيوية من عدة مجالات فرعية من بينها الميكانيكا الحيوية الرياضية. وكما يوحي الاسم، يهدف هذا المجال الفرعي إلى تحسين الأداء والحد من أخطار الإصابة في أثناء ممارسة التمارين والرياضة. عامة يساعد هذا العلم على منع حدوث الإصابات ومعرفة أسبابها وطرق علاجها؛ مثل استخدام الأطراف الصناعية وتحسين أجهزة المشي ومعالجة الإصابات الأخرى.
وعلينا معرفة بعض المصطلحات أولًا؛ فعلى سبيل المثال، يشير مصطلح «القوة» إلى أي حركة تغير حركة الجسم أو الأدوات التي يستخدمها مثل مضرب الكرة. «الحركة» سببها في المقام الأول تحريك العضلات، ولكنها تتأثر أيضًا بالقوى الخارجية في البيئة المحيطة. فبينما تدير القوة أطراف الجسم أو مضرب الكرة، ينشأ عنها «عزم الدوران» الذي تكمن أهميته في رياضة التنس على سبيل المثال في قوة استهلال ضرب الكرة؛ إذ تحدث نتيجة عزم دوران مفصل الكتف لإنتاج مزيد من القوة.
ثانيًا، يجب أن نعرف قوانين نيوتن للحركة:
- يحدد قانون التسارع أو العجلة مقدار الحركة الناتجة عن القوة؛ فمثلًا، عندما يزيد لاعب من قوة ساقيه بالتدريب وهو يحافظ على ثبات كتلته (F = ma)، سوف يصبح قادرًا على الركض أسرع مستخدمًا ساقيه نتيجة تحسن خفته وسرعته.
- يشير قانون القصور الذاتي إلى أن الجسم المتحرك يظل على تلك الحالة طالما لم يتأثر بقوة أخرى، وأن الجسم الساكن يظل على حالته طالما لم تؤثر فيه قوة أخرى.
- ينص قانون رد الفعل على أن لكل فعل رد فعل مساويًا له في المقدار ومعاكسًا له في الاتجاه؛ وذلك مثل القوة الهابطة للساقين على الأرض مقابل قوة رد الفعل الصاعدة من الأرض، والتي تمكِّن اللاعبين من الركض على أرض الملعب.
والآن، دعونا نتعمق أكثر في الميكانيكا الحيوية الرياضية؛ ويهتم هذا الفرع بتحليل حركة الإنسان في أثناء التدريب من خلال تطبيق قوانين الفيزياء والميكانيكا، ويختبر حركة الأفراد في أثناء ممارستهم للرياضة، ومن ثم يدلهم على كيفية ممارستها بشكل أكثر كفاءة. فمثلًا تساعدك على تحسين قدرتك على الركض أو أرجحة مضرب الجولف بتسجيل الأشرطة ومراجعتها وكذلك تقديم التوصيات.
كذلك تسهم الميكانيكا الحيوية الرياضية أيضًا في تطوير الملابس والمعدات والأحذية الرياضية وتصنيعها، فضلًا عن تأسيس المرافق والملاعب الرياضية؛ فهي تقدم مثلًا القواعد العلمية لتصميم مضارب كرة ذات قبضة أفضل أو حذاء يحسن عملية الركض؛ كما تحلل الأساليب الرياضية والمناهج التدريبية، ومن ثم تقدم حلولًا جديدة وأكثر فعالية؛ فقد كشفت مثلًا عن أن وضع اليد في أثناء السباحة له تأثير في الدفع.
هناك مثال آخر على ذلك وهو انتقاد اللاعبين لكرة جابولاني (Jabulani)، وهي الكرة الرسمية لبطولة كأس العالم لكرة القدم ٢٠١٠؛ حيث تحدث المهاجمون وحراس المرمى عن مظهرها الغريب ومسارها غير المتوقع. وبعد فحص الكرة علميًّا، اتفقت النتائج مع ادعاءات اللاعبين؛ فقد كشفت أن الكرة كانت مستديرة للغاية وهو ما يمنع انطلاقها في خط مستقيم، وقد أسهم في ذلك درزها الداخلية التي حولت الكرة إلى دائرة مثالية. فمن ناحية أخرى، تؤدي بنية الكرة غير المستوية إلى انطلاق كرات ثابتة ذات تحكم أكبر؛ الأمر الذي يمكِّن كرات القاعدة والتنس من الانحناء.
الآن، لنلقِ الضوء على بعض المجالات الفرعية الأخرى للميكانيكا الحيوية. فهناك مثلًا الميكانيكا الحيوية المهنية وهي معنية بتحليل التفاعل الميكانيكي للعاملين مع البيئة المحيطة وتحسنه؛ حيث تهدف إلى تحسين أداء العاملين دون تعرضهم إلى الخطر. بفضل ذلك، أُدخل أثاث وأدوات جديدة وغيرها من العوامل التي أسهمت في تقليل ضغط العمل.
على صعيد آخر، هناك الميكانيكا الحيوية الإكلينيكية التي تستخدم حقائق وتقنيات الرياضيات والميكانيكا لفهم علم وظائف الأعضاء، والتركيب البنوي التقليدي وغير التقليدي للبشر، وتقييمه. ويهتم خبراء الميكانيكا الحيوية الإكلينيكية بعمل الأطراف الصناعية وتطويرها؛ وهذا أدى إلى تطور هائل في مجال الطب الطبيعي، بالإضافة إلى تعزيز الفعالية الميكانيكية لعمليات زرع العظام.
علاوة على ذلك، ساعد هذا المجال على تطوير أجهزة المشي الخاصة بمن يعانون من بتر الساق السفلى والأطفال الذين يعانون من الشلل الدماغي. كذلك ألهم إصدار تصميمات جديدة للكراسي المتحركة، بالإضافة إلى تحسين البيئة المحيطة مثل السلالم؛ وذلك لتوفير حركة أفضل للمعاقين.
من المدهش أن نرى كيف تترك العلوم بصمتها الإيجابية في كل مناحي حياتنا؛ فهي تعزز أداءنا، وتدعم قدراتنا، وتجعل الحياة أسهل للجميع.
المراجع
verywellfit.com
physio-pedia.com
britannica.com
topendsports.com