نحن جميعًا على دراية بالقصة وراء الجائزة الأكثر تميزًا في العالم جائزة نوبل. فمنذ عام 1901، تُمنَح جائزة نوبل سنويًّا بناءً على وصية ألفريد نوبل للأفراد والمنظمات لمساهماتهم القيمة من أجل رخاء البشرية في ست فئات: الفيزياء، والكيمياء، وعلم وظائف الأعضاء أو الطب، والأدب، والسلام، والعلوم الاقتصادية.
في عام 2018، حصل الأستاذ الدكتور جيمس ب. أليسون والأستاذ الدكتور تاسوكو هونجو معًا على جائزة نوبل في فئة علم وظائف الأعضاء أو الطب عن إنجازهما المميز في تطوير علاج غير تقليدي للسرطان؛ وهو المرض القاتل الذي يودي بحياة الكثيرين. فقد اكتشفوا «علاجًا للسرطان عن طريق تثبيط التنظيم السلبي لجهاز المناعة»؛ حيث عمل العالمان على التوازي في محاولة لإطلاق القدرة المتأصلة لجهاز المناعة لدينا لمهاجمة الخلايا السرطانية.
والآن، لنتعرف كيفية عمل هذا العلاج. ولكن أولًا، من المهم أن نعرف كيفية عمل جهاز المناعة لدينا. فجهاز المناعة نظام معقد للغاية، تم تطويره بطريقة تجعله شرسًا مع الفيروسات والبكتيريا؛ بعبارة أخرى، هو يهاجم الأجسام الغريبة باعتبارها أعداء تشكل تهديدًا على صحتنا وسلامتنا. ومع ذلك، فإن جهاز المناعة لا يهاجم خلايا أجسادنا؛ لأنه يستطيع تمييزها ومعرفة أنها لا تشكل أي تهديد. للأسف، تنشأ الخلايا السرطانية من خلايا الجسم الطبيعية؛ حيث تتحور هذه الخلايا. وهكذا، فإن جهاز المناعة يستمر في تعرفها كخلايا صديقة. ومن ثم، يصبح جهاز المناعة عاجزًا عندما يتعلق الأمر بالسرطان.
هنا يأتي أليسون وهونجو للإنقاذ. فقد اكتشفا بروتينات تعمل على إيقاف عمل جهاز المناعة لدينا؛ بشكل أكثر دقة، تمنع تلك البروتينات الخلايا اللمفاوية التائية – وهي نوع فرعي من خلايا الدم البيضاء – من مهاجمة الأورام. اكتشف أليسون بروتينCLTA-4 ، في حين اكتشف هونجو بروتينPD-1 ؛ وقد أدى اكتشافاهما إلى اختراع نوع جديد من الأدوية التي تتلاعب بنظام المناعة. على هذا النحو، يقوم العلاج الجديد بإيقاف عمل البروتينات المعنية، ولذلك يعرف باسم «مثبط الجهاز المناعي». ومن ثم، فإنه يطلق العنان لجهاز المناعة لمهاجمة الخلايا السرطانية بنفس الطريقة التي يهاجم بها أي بكتيريا أو فيروس آخر.
يقول أليسون إن جهاز المناعة لديه مكابح تمنعه من مهاجمة الخلايا السرطانية، وما فعله هو تعطيل تلك المكابح. حاليًّا يستخدم مثبطا الجهاز المناعي لعلاج بعض أنواع السرطان، مثل: سرطان الرئة، وسرطان الكلى، وسرطان الجلد، وغيرها من أنواع السرطان. في عام 2015، شُفي رئيس الولايات المتحدة الأمريكية الأسبق جيمي كارتر من السرطان باستخدام مثبط للجهاز المناعي يعرف باسم «كيترودا» (Keytruda)؛ وذلك بالإضافة إلى خضوعه لعملية جراحية والعلاج بالإشعاع.
على الرغم من أن اكتشاف أليسون وهونجو خطوة كبيرة تعطي أناسًا كثيرين الأمل، يجب الأخذ في الاعتبار أن مثبط الجهاز المناعي قد لا يناسب الجميع؛ ففي بعض الأحيان، قد يتسبب في آثار جانبية ضارة. ولا تزال الأبحاث مستمرة؛ فهناك المزيد ليتم اكتشافه في رحلة علاج السرطان.
المراجع
nobelprize.org
time.com
wired.co.uk