ما هو لون الأشعة تحت الحمراء؟ هل هو أحمر أم أن ذلك ما تجعلنا الكاميرات نراه؟ فهل يمكن للأشعة تحت الحمراء أن تُظهر لونًا آخر؟ ما توصلت إليه منظمة العلوم والتكنولوجيا الصناعية المتطورة، وهي المنظمة البحثية الأكبر في اليابان، هو أن الأشعة تحت الحمراء يمكنها التصرف مثل الضوء الذي نراه. ولأنها تتميز بأطوال موجية مختلفة وبوسعها الانعكاس والانكسار، فمن الممكن استخدامها بوصفها بديل للضوء المرئي.
رؤية الأشعة تحت الحمراء
إن كنت قد شاهدت أي فيلم حركة تقليدي، أو لعبت إحدى ألعاب التسلل، فأنت إذن تعرف شيئًا ما عن الرؤية الليلة. وقد وُجدت نظارات الرؤية الليلية منذ الحرب العالمية الثانية، وخضعت من ذلك الحين إلى تحسينات عديدة.
ولأن الأشعة تحت الحمراء لا تُرى بالعين المجردة، ولكن تلتقطها أدوات استشعار أخرى تقوم بعد ذلك بتحويل الصورة المأخوذة بالأشعة تحت الحمراء إلى صورة مرئية، فإن أول إصدار من نظارات الرؤية الليلية اشتملت على بواعث للأشعة تحت الحمراء. كما أن كاميرات المراقبة أيضًا مزودة بمصابيح أشعة تحت حمراء؛ لتحظى بصورة أحادية اللون ذات جودة عالية للأماكن التي تراقبها ليلاً.
ووفقًا لقانون إشعاعات الجسم الأسود، فإن أي جسم تفوق درجة حرارته الصفر يُصدر أشعة تحت حمراء. والتصوير الحراري، والذي يتفوق لأنه لا يتطلب أية بواعث اصطناعية، يستخدم الاختلافات بين درجات حرارة الأجسام مثل جسم الإنسان الدافئ خلف حائط هامد، والعلاقة بين ذلك وبين نوع الأشعة تحت الحمراء التي يبعثها كلٌّ من الأجسام وكثافتها؛ للتعرف على الأهداف. ويمكن لمثل هذا النوع من الرؤية أن يعمل نهارًا أيضًا.
ولكن، كل تلك التقنيات قد تم تطويرها منذ سنوات عديدة ماضية ويعرف بها الكثير، فما الجديد إذًا؟
الرؤية الليلية في السيارات
قامت شركة جنرال موتورز في عام 2000 بتزويد سيارات كاديلاك ديفيل بنظام للرؤية الليلية. وتستخدم نظم الرؤية الليلية التقليدية التي لا تعتمد على الأشعة تحت الحمراء مكثفًا للصورة، والذي يقوم بإعطاء تفاصيل دقيقة للجسم الذي يُلقي النظام بكم قليل من الضوء عليه.
مشكلة تطبيق ذلك النظام في السيارات هو أن أضواء مصابيح إنارة الشوارع أو المصابيح الأمامية للسيارات الأخرى الآتية من الاتجاه المعاكس ستؤدي إلى تأثير يعرف باسم "الابيضاض"؛ حيث يكون الضوء قويًّا للغاية ومبالغًا فيه لدرجة أنه سيغطي على كل شيء، ولن يُظهر للرائي شيئًا غيره.
والحل لذلك كان استخدام التصوير الحراري؛ فبدلاً من الاعتماد على الضوء المتاح بالفعل وتضخيمه، يعتمد التصوير الحراري على درجات حرارة الأشياء التي يتم تصويرها فقط، وبكم الأشعة تحت الحمراء التي تصدرها. ويعطي ذلك صورة أكثر ثباتًا بغض النظر عن كم الإضاءة المتوفرة في المشهد. والصورة الناتجة، كما هو متوقع، تكون باللونين الأبيض والأسود؛ وتظهر على شاشة تسمى "شاشة التحذير" (Heads-Up Display)، وهي شاشة مثبتة على الجزء السفلي لزجاج السيارة الأمامي.
ولم تتوقف التقنية عند ذلك، ففي عام 2004 أضافت شركة هوندا نظامًا للكشف عن المشاة. فيستخدم "نظام الرؤية الليلية الذكي" كاميرات أشعة تحت حمراء لا تعمل فقط على إظهار صورة أبيض وأسود جيدة في الظلام، ولكنها مزودة أيضًا بنظام حاسوبي يتعرف على المشاة عن طريق وضع إطار حول صورة الشخص المار في طريقك، أو يوشك على المرور فيه، وإطلاق صفارة محذرة لمنع وقوع الحوادث.
رؤية ليلية بالألوان
إن الألوان لنعمة نأخذها نحن كأمرٍ مُسَلَّمٍ به؛ فلا ندرك مدى أهميتها لنا إلا عندما نقابل شخصًا مصابًا بعمى الألوان أو نشاهد فيلمًا مثل فيلم "البلدة الفاضلة". فبدونها، كيف سنتمكن من قراءة خريطة مُكوَّدة بالألوان؟ وكيف سيستطيع الأطباء معالجة الجروح إذا لم يعرفوا لونها؟ ماذا لو كنت تفكك قنبلة ولا تعرف أي الأسلاك هو السلك الأحمر؟
إن الألوان موجودة في كل مكان، وهي من ضرورات الحياة. وقد أدرك العاملون في شركة تينيبرايكس في مدينة بوسطن بذلك؛ فقاموا في عام 2007 باختراع نظارات رؤية ليلية ملونة. فمن خلال نظام ميكانيكي معقد قائم على المُرشحات، يمكن لمستخدم تلك النظارات الرؤية بألوان كاملة ليلاً، حتى في الليالي التي يكون نورها ضعيفًا للغاية مثل تلك عندما يكون القمر في طور التربيع. وبالإضافة إلى تلك النظارات، قاموا أيضًا بتطوير برنامج يساعد مصابي عمى الألوان بالتعرف على الألوان التي يعجزون عن رؤيتها.
إلا أن الأمر لم يتوقف عند ذلك؛ فلقد قامت منظمة العلوم والتكنولوجيا الصناعية المتطورة اليابانية في عام 2011 باختراع كاميرات أشعة تحت حمراء ملونة. فلطالما اعتبرت الأشعة تحت الحمراء أحادية اللون، ولكن باستخدام خوارزمية حسابية تقوم بتحليل الأنماط في انعكاس الأشعة تحت الحمراء إلى ثلاثة مكونات لونية - الأحمر، والأخضر، والأزرق - تمكنوا من إنتاج صورة كاملة الألوان ليلاً.
وتعتمد هذه الكاميرا فقط على الأشعة تحت الحمراء المنبعثة أو المنعكسة من الأجسام؛ فلا تحتاج إلى مصدر ضوء إضافي. ويتم تجميع الكثافات المختلفة للألوان الثلاثة التي تم تحليلها للحصول على اللون الحقيقي للبكسل، وذلك في نظام معروف جيدًا باسم النموذج اللوني أحمر-أخضر-أزرق (RGB).
وهكذا، مثلما ترى، فالألوان لا تقتصر على ما تظهره لنا الأطياف الضوئية المرئية. هناك طرق عديدة يمكن من خلالها استخدام الموجات الكهرومغناطيسية؛ لتمكيننا من رؤية أكثر ما نستطيع رؤيته من خلال الضوء المرئي، ويمكننا الآن رؤية كل ذلك في الألوان.
المراجع
vxm.com
world.honda.com
gizmodo.com
engadget.com
camouflage.com
zdnet.com
colormatters.com