تلك التنشقات المزعجة دائمًا، تلك الكحة التي تجعل لك صوت قرصانٍ يحتضر، تلك الأوجاع التي تصيب جسمك بأكمله؛ وكأنك سقطت من أعلى الدرج لتوَّك، ذلك الإحساس بالنعاس الذي يرسلك فورًا لمخدعك؛ كل هذه الأعراض أعراض نزلات الزكام الشائعة. من منَّا لم يعهدها فصلاً بعد آخر؟ هناك أنواع مختلفة من الفيروسات المسببة لنزلات البرد، غير أن الأدوية المتاحة لا تعالجها جميعها. ولهذا السبب يمرض الناس أحيانًا لفترة طويلة دون أن تجدي الأدوية نفعًا؛ حيث إنها غير مصممة لعلاج هذا النوع من الفيروسات المسببة للبرد.
قبل سبع سنوات من الآن، لم يكن الفيروس الأنفي ج المسبب للبرد معروفًا للمجتمع الطبي. استطاعت الأستاذة الدكتورة آن بالمينبرج وزملاؤها بقسم الكيمياء الحيوية، جامعة ويسكونسين ماديسون، عمل نموذج طبوغرافي للطبقة البروتينية لهذا الفيروس؛ فباستخدام التتابع الجيني استطاع الفريق عمل نموذج ثلاثي الأبعاد لهذا الكائن الممرِض؛ وكان من شأن ذلك توضيح السبب وراء عدم وجود علاج له. يعتقد الباحثون أن الفيروس الأنفي ج مسؤول عن حوالي نصف نزلات البرد التي تصيب الأطفال.
ويوضح النموذج المفصل لبنية ذلك الفيروس أن له طبقة بروتينية مختلفة عن أنواع فيروسات البرد الأخرى. ويفسر ذلك الاكتشاف فشل اختبارات العقاقير على الفيروسات الأنفية.
"إن العائلتين "أ" و"ب" من الفيروسات المسببة للبرد وبناها ثلاثية الأبعاد معروفة للعلماء من وقت طويل؛ حيث يسهل إنتاجها ودراستها معمليًّا ... ولكن الفيروس الأنفي "ج" على صعيد آخر، يقاوم عملية استزراعه. وهكذا، فقد بقى بعيدًا عن الأنظار تمامًا حتى 2006؛ حيث سمحت الشرائح الجينية والتتابع الجيني المتقدم باكتشاف ذلك الفيروس، الذي ظل كامنًا في خلايا البشر إلى جانب النوعين الآخرين سهلي الملاحظة "أ" و"ب".
الآن، وقد حصلت شركات الأدوية على نموذج لتعمل عليه، أصبح باستطاعتها تصميم عقاقير أكثر فعالية. فقد نجحت هذه الشركات بالفعل في تصنيع عقاقير تستهدف النوعين "أ" و"ب". والآن قد عرفوا النوع "ج" بشكل أفضل. أصبح يمكنهم تطوير عقاقير أفضل لعلاج نزلات البرد الشائعة، ونأمل أن تصبح هذه النزلات المزعجة دربًا من الماضي في المستقبل القريب.
لمشاهدة تركيب الفيروس شاهد هذا الفيديو:
المراجع
http://news.wisc.edu
www.scientificamerican.com