الهندسة البشرية: الأسرار البسيطة للنجاح

شارك

علم الهندسة البشرية يعنى بإنتاج الأشخاص في مكان العمل. فمع أخذ قدرات العاملين أو الموظفين وحدود إمكاناتهم في الاعتبار، فإن هناك عديدًا من العوامل الأخرى التي تؤثر في الإنتاج.  ومن شأن عدم الانتباه إلى الهندسة البشرية وبيئة العمل الجيدة أن يؤدي إلى حدوث إصابات ومخاطر صحية.

فقد وثقت إحدى الدراسات التي أجريت في جامعة نورثويسترن النتائج المذهلة لتعرض الموظفين إلى ضوء الشمس. كذلك، إذا حصل الموظفون على قسط أكبر من النوم كلَّ ليلة، فمن شأن هذا أن يحسِّن من جودة حياتهم وصحتهم ويزيد طاقاتهم. فالموظف السعيد الذي يتمتع بصحة جيدة موظف منتج. على صعيد آخر، يتمتع الموظفون الذين يعملون بنظام ساعات العمل الحرة بمرونة أكثر فيما يتعلق بحياتهم الشخصية والعملية؛ وهذا ما يقلل من نسبة الغياب ويزيد نسبة رضا العاملين والإنتاج.

هذا، وتنخفض معدلات العزوف عن العمل عند الاهتمام ببيئة العمل والهندسة البشرية بشكل مرضٍ لا ينطوي على الإجهاد البدني. ونتيجة لهذا، يكون العاملون سعداء في العمل بفضل التصميم الفعال لمكان العمل. فمن شأن الهندسة البشرية أن تحسن من جودة العمل، وبدونها يتعرض العاملون إلى التعب والتثبيط، فسيؤثر في جودة عملهم وإنتاجهم.

وعلى عكس الاعتقادات الشائعة، فإن الموظفين الذين يأخذون استراحات قصيرة خلال وقت العمل يزورون فيها مواقعهم الإلكترونية المفضلة - مثل فيسبوك وتويتر ويوتيوب - لا يكلفون شركاتهم أموالًا أو يهدرون وقت العمل. فوفقًا لدراسة حديثة، فإن مثل هذه الاستراحات القصيرة تزيد من إنتاجهم بدلًا من هدر الوقت في محاولة مقاومة زيارتها والاستمرار في العمل. على جانب آخر، فقد استنتجت الدراسة العلمية التي أجريت في جامعة كورنيل أنه أقل نسبة ضوضاء، مثل تلك الناجمة عن محادثة أو عن صوت الطابعة، تحدُّ من القدرة على التركيز في المهمة التي يقوم بها الموظف. وهذا يعرِّض الموظفين إلى الضغط نتيجة لعدم القدرة على التركيز؛ فيصعب عملية إتمام المهام.

كذلك التحرك في أرجاء المكتب يجعل العاملين أكثر سعادة ونشاطًا ويقظة. ويأتي هذا في أشكال متعددة، مثل: أخذ الاستراحات، أو الحصول على مكاتب مرتفعة، أو أي طريقة أخرى تجعل الموظفين يتحاشون جِلسة المكتب التقليدية. وقد أثبت الباحثون أن العمل في أثناء استخدام جهاز المشي على سرعة منخفضة يزيد من حجم الإنتاج العام. على الرغم من أن العلاج العطري لا يزال يواجه بعض الشكوك من قبل العلماء، فإن أغلبهم يعترفون بقدرته على تحسين المزاج. هكذا، فإن وجود رائحة جيدة في مكان العمل، مثل زيت الليمون، يؤثر في المراكز الشعورية في المخ ويكون له نتيجة إيجابية على العاملين.

تهتم الهندسة البشرية بالإجراءات المتعلقة بالصحة والسلامة؛ حيث إن الموظفين الأصحاء هم أصولها. ومن ثَمَّ فإن المديرين الأكفاء يأخذون العوامل التالية في الاعتبار قبل اتخاذ أي قرار: (1) هل سيزيد العائد؟ (2) هل ستزيد التكاليف؟ (3) هل فعل هذا الأمر شيء صائب؟ فيما يتعلق بالهندسة البشرية في مجال العمل، فإن إجابة جميع هذه الأسئلة «نعم».

تضم مخاطر تجاهل الهندسة البشرية إعاقة الإبداع وتدني جودة العمل وحالة الموظفين العقلية. فيقلل تحديد مواعيد للموظفين لإنهاء العمل وإخبارهم أنهم في «طور النجاة» من إبداعهم وجودة عملهم؛ وكلما استمر هذا «الطور» لفترة أطول، زادت عواقبه على صحة الموظفين العقلية والجسدية. تحت الضغط، يحدث تدنٍ لكثير من وظائف المخ الوسطى والعليا، مثل: مهارات التواصل، والعاطفة، والتوازن الشعوري، والبصيرة، والغريزة، والوعي الأخلاقي.

وتؤدي بيئة العمل السيئة إلى حدوث إصابات مثل الصداع، والصداع النصفي، وتيبس الرقبة، والاضطرابات العضلية الهيكلية، وإصابات الظهر. يحدث الصداع والصداع النصفي نتيجة للعمل لساعات طويلة في إضاءة سيئة؛ ومن شأن هذا أن يؤثر في العينين بأشكال كثيرة مثل الحرقان والإرهاق والحكة، وله كذلك تأثيرات غير مباشرة مثل الغثيان وعسر الهضم وعدم وضوح الرؤية. هذا، وتتسبب الوضعيات غير السليمة بشكل أساسي في الإصابة بالصداع والصداع النصفي؛ حيث إنها تضغط على الرقبة والكتفين فيؤثر في الرأس بشكل مباشر. على صعيد آخر، فإنه عادة ما يتم الربط بين ألم الرقبة ووضعيات النوم الخاطئة، إلا أنها في الواقع مرتبطة بما يجري في مكان العمل.

تحدث الاضطرابات العضلية الهيكلية نتيجة لظروف قاسية تؤثر في العضلات والأعصاب وأغماد الأوتار. ومن بين هذه الاضطرابات متلازمة النفق الرسغي التي تحدث عندما ينضغط ممر أحد الأعصاب بشدة؛ فيؤدي إلى حدوث أعراض مختلفة مثل الخَدَر والوخز والألم الشديد. وفي الحالات الحرجة، يمكن أن تؤثر المتلازمة في الحركة أو تؤدي إلى شلل جزئي. من الأمثلة الأخرى التهاب الوتر؛ حيث تؤدي هذه الحالة إلى تورُّم الأوتار أو تهيجها وتحدث نتيجة للوضعيات الخاطئة. وتحدث هذه الإصابة في الأماكن المعرضة إلى الكسر، مثل الكوع وعظمة رأس الركبة والمعصم. أخيرًا، تحدث إصابات الظهر بسبب بيئة العمل السيئة، مثل الجلوس أو الوقوف لفترات طويلة؛ فقد تؤدي إلى الإصابة برضوض تراكمية، فضلًا عن الوظائف التي تتطلب حمل أشياء ثقيلة أو ثني الجزع مثل الممرضات اللاتي يساعدن المرضى بما يفوق قدرة أجسامهن على تحمل أوزانهم.

سواءٌ كانت الوظيفة مكتبية أو تتطلب جهدًا جسديًّا، فمن شأن توفير بيئة عمل جيدة أن يزيد الإنتاج ويحسن صحة الموظفين ويحميهم من الإصابات.

المراجع

inc.com
ergo-plus.com
forbes.com
diamondwellness.com

من نحن

«كوكب العلم» مجلة علمية ترفيهية باللغتين العربية والإنجليزية يصدرها مركز القبة السماوية العلمي بمكتبة الإسكندرية وتحررها وحدة الإصدارات بقطاع التواصل الثقافي ...
مواصلة القراءة

اتصل بنا

ص.ب. 138، الشاطبي 21526، الإسكندرية، جمهورية مصر العربية
تليفون: 4839999 (203)+
داخلي: 1737–1781
البريد الإلكتروني: COPU.editors@bibalex.org

شاركنا

© 2024 | مكتبة الإسكندرية