على الرغم من جمال علم الكيمياء ونجاحه الدائم في بهرنا باختراعات جديدة تلبي احتياجاتنا اليومية، فإنه سلاح ذو حدين. فعلى سبيل المثال، تهتم المرأة اهتمامًا كبيرًا بمظهرها وجمالها الخارجي دون الوعي بأن استخدام بعض المنتجات لفترات طويلة مثل صبغات الشعر وطلاء الأظافر قد يسبب دمار جمالها وإصابتها ببعض الأمراض.
كيمياء صبغة الشعر
تنقسم صبغة الميلانين التي تكسب الشعر لونه الطبيعي إلى نوعين، وهما: الإيوميلانين والفيوميلانين. فتعطي صبغة الإيوميلانين لونًا أكثر قتامة للشعر مثل الأسود والبني، أما الفيوميلانين فتعطي ألوانًا أفتح؛ ونتيجة لاختلاف التركيزات بين هاتين الصبغتين، تظهر ألوان الشعر المختلفة.
عندما تفكرين في صبغ شعرك فإنكِ تختارين إما صبغة الشعر الدائمة، وإما الصبغة المؤقتة. تنتج الصبغات الدائمة من مادة وسيطة أولية تُدعى «البارافنيلين ثنائي الأمين» Para-phenylenediamine (PPD)؛ حيث تنتج هذه المادة ظلالًا بنية اللون عندما تتعرض لعوامل مؤكسدة. لهذا السبب، أُضيفت إلى معظم صبغات الشعر مادة أخرى عالية الأكسدة وهي فوق أكسيد الهيدروجين؛ حيث تعمل على أكسدة صبغات الميلانين، وجعل جزيئاتها عديمة اللون إذا استمرت مدة عملية الصبغ لفترة طويلة.
تحتاج عملية صبغ الشعر إلى تفاعلات كيميائية تحدث فقط عند وجود وسط قاعدي؛ لذلك تضاف الأمونيا إلى مركبات الصبغات؛ فتؤدي إلى انتفاخ فروة الرأس؛ مما يسمح لجزئيات الصبغة في التدفق إلى داخل جذع الشعر مرورًا بصبغات الميلانين الداخلية والخارجية معًا؛ مما ينتج عنه ذلك اللون الدائم. ولأن للأمونيا أضرارًا على صحة الإنسان، قامت بعض الشركات بإنتاج صبغات خالية منها؛ حيث استخدمت بدائل مثل الإيثانولامين Ethanolamine، ولكن للأسف يزول أثر الصبغة بعد مرور الوقت.
أما عن صبغات الشعر المؤقتة، فهي تعمل على وضع جزيئات الصبغة على صبغات الميلانين الخارجية فقط، ولا تتوغل إلى داخل جذع الشعر. وهذا إلى جانب وجود نسبة قليلة من العوامل المؤكسدة مثل فوق أكسيد الهيدروجين، الذي يعمل على إتمام عملية صبغ الشعر في وسط قاعدي؛ وتلك النسبة تجعل الصبغة مؤقتة. كذلك لا تحتوي الصبغة المؤقتة على الأمونيا أو بدائلها ويزول أثرها بعد الاستخدام المتكرر للشامبو.
تكمُن أضرار صبغة الشعر في أنها تتلف الشعر على المدى البعيد، كما أنها قد تؤدي في بعض الحالات إلى حساسية شديدة نتج عنها بعض الوفيات. وقد اكتشفت بعض الدراسات أن هناك علاقة بين استخدام صبغات الشعر وزيادة معدلات الإصابة بسرطان المثانة؛ لذا، يفضل استخدام القفازات عند وضع الصبغة على الشعر.
كيمياء طلاء الأظافر
يتكون طلاء الأظافر من النيتروسليلوز، بالإضافة إلى بعض المواد الكيميائية التي تعطيه الألوان المختلفة - مثل أكسيد الكروم الأخضر وثاني أكسيد التيتانيوم، وأكسيد الحديديك، والمنجنيز، والمايكا، ومادة «الألترامارينز Ultramarines» ومرشحات للأشعة فوق البنفسجية حتى لا يتغير لون الصبغات عند تعرضها للشمس؛ كما تضاف بعض المواد المـُثخنة* للحفاظ على لمعان الجسيمات المضيئة لفترة أطول داخل العلبة.
وتكمُن خطورة طلاء الأظافر في استخدام ما يُعرف بالسموم الثلاثية، وهي الفورمالدهيد، والطولوين، وثنائي البوتيل فثالات؛ حيث يعطي الفورمالدهيد قوامًا قويًّا لطلاء الأظافر، والطولوين يعطيه مظهره الناعم، أمّا ثنائي البوتيل فثالات فيمنع طلاء الأظافر من الجفاف.
ويشتهر الفورمالدهيد بأنه مادة لها آثار مسرطنة؛ كما يعمل الطولوين على تقليل خلايا الدم، وتدمير الكبد، والتسبب في تشوهات خلقية في الأجنة. العجيب في أمر طلاء الأظافر أنه في حالة التخلص منه قد يصيبك بأضرار بالغة؛ ذلك لأننا نستخدم الأسيتون في إزالته، ويؤدي استنشاق أبخرة الأسيتون إلى احمرار العين واحتقان الرئتين وقصور التنفس، والتعرض الدائم له يُسبب التهابًا مزمنًا في القصبة الهوائية وصعوبة في عملية التنفس.
من الجدير بالذكر أنه توجد أيضًا في الأسواق مزيلات طلاء أظافر خالية من الأسيتون، ولكنها تحتوي على مواد كيميائية سامة، مثل إيثيل أسيتات، الذي يتشابه في سُميته مع الأسيتون والطولوين. وهناك أيضًا ما هو أكثر سُميّة منها وهو الميثانول بديلًا عن الأسيتون؛ ذلك لأنه يسبب السعال والدوخة أو اضطرابًا في الرؤية أو العمى أو الدخول في غيبوبة على حسب درجة الاستنشاق أو البلع.
لا تشكل هذه المواد السامة خطرًا على مستخدميها فحسب، بل تشكل خطرًا أكبر على العاملين في شركات إنتاج طلاء الأظافر؛ بسبب تعرضهم لهذه المواد لفترات طويلة، وللعاملين في مراكز التجميل أيضًا. وقد ظهر مؤخرًا طلاء الأظافر ذو الأساس الهُلامي الذي يظل على الأظافر لمدة تدوم لأسابيع طويلة، وهذا يعادل طلاء الأظافر ثلاث مرات عن الطريقة التقليدية؛ فتثبت كل طبقة من الطلاء بالأشعة فوق البنفسجية؛ مما يزيد من خطر الإصابة بالسرطان.
للتخفيف من الأضرار المحتملة نتيجة استخدام طلاء الأظافر، ننصح النساء باستخدام طلاء الأظافر ذي الأساس المائي؛ حيث إنه لا ينتج أي أبخرة سامة.
أخيرًا، وليس آخرًا، تظل الأبحاث والدراسات قائمة لدراسة المواد الكيميائية التي يستخدمها البشر بشكل يومي؛ وذلك في محاولة لإيجاد بدائل أقل ضررًا على صحة الإنسان وملبية لاحتياجاته أيضًا. ينبغي لنا الآن بعد معرفة أضرارها المحتملة أن نقلل من استخدامها من أجل المحافظة والاستمتاع بصحة أفضل، والبُعد عن احتمالية الإصابة بالأمراض.
المصطلحات
*المواد المثخنة: هي مواد تؤدي عند إضافتها إلى مزيج مائي، إلى زيادة لزوجة هذا المزيج، دون تغيير أساسي في خصائصها الأخرى.
المراجع
compoundchem.com
thoughtco.com
webmd.com
ncbi.nlm.nih.gov
egyres.com
*المقال منشور في مجلة كوكب العلم المطبوعة، عدد شتاء 2018.